مبررات الاستيلاء على الثورة السورية
د . حمزة عماد الدين موسى
لا ينكر
أحد ان الثورة السورية هى ثورة يتيمة تعرضت لمماطلة ثم تآمر ثم تسيس و فى النهاية
محاولة فرض بعضا من النظام الاسدى الطاغى الباغى عليها لترضى به لتوقف نزيف الدماء
.. لا ينكر هذا الا منافق كذاب او جاهل أحمق …
منذ بداية
الثورة السورية خضعت لعدة محاولات لتسيسها و السيطرة عليها … كانت بالاحرى مبررات
مماطلة دست على السنة و فى عقول بعض المعارضة الخارجية لمحاولة تسويقها للداخل
السورى و كان معظمها يهدف لتشتيت الصفوف و نزع الساحات من تحت اقدام الشهداء الذين
طهروها بدماءهم … و لكن معظم هذه المحاولات للتمرير و التسويغ تحولت الى محاولات
مماطلة بل بعضها انتقل الى محاولات استرضاء و تقريب فى سبيل تمرير الاصلاحات
للنظام الطاغى .. و هى الاصلاحات الاسدية التى انتهت بالالاف المؤلفة من الشهداء و
المصابين و لاتزال تستمر حتى لحظة كتابة هذه السطور بالقصف العنيف للمدن السورية
فى النزع الاخير للنظام .
النظام
السورى الاسدى انتهى , لم تنته صلاحيته او وظيفته سواءا لاسرائيل او للغرب بتأمين
حدود اسرائيل ليكون شرطيها الاول .. او بتأمين الاستعمار الداخلى و استعباد الشعب
السورى لسنوات طوال عجاف …
بين
المبررات التى خرجت لتسوغ و تبرر و تحاول ان تفرض نفسها على الثورة السورية .. و
التى لم تتعد الا مبررات خوف و تسيس و تخدير للثورة .. و لكن كلما انتهت مذبحة
باطلاق فيديوهاتها على الفضاء الاعلامى الافتراضى ” الانترنت ” الغير محدد لتسيس
الثورة الاعلامى او لكهنة الثورة السورية من معارضى الفنادق و الاستديوهات
التلفزيونين … كفر الداخل أكثر و أكثر بهذه المبررات التى تبرر المماطلة أو
المهادنة لصمت الاصلاح , و قبلها مبررات السلمية , و مبررات التظاهر السلمى ضد آلة
القتل الوحشية .. و ثم مبررات عدم تصعيد الخطاب الاعلامى فى قضايا الاغتصاب و
غيرها .
مبررات
التسيس و الترويض و المماطلة للثورة السورية و اشلاء شهداءها غير مبررات الاستيلاء
عليها و ان تشابهت فمبررات الاستيلاء على الثورة ثم تسليمها من يتابع المهمة التى
كانت مرسومة للنظام السابق .. ستكون اقوى و اكبر لتبرر و تسوغ و تسوق تمرير هذا
الاستيلاء و لكتم الاصوات المعارضة الصارخة …
ما
هى تلك المبررات التى صممت لتسوغ الاستيلاء على ثورة الدماء السورية ؟
- الحرب الاهلية ..
سمعنا هذا
المبرر الذى لصق على السنة الكثير من المعارضة السورية بالخارج و الذى ساقوه
ليبرروا تسويقهم لسلمية الثورة .. لا يعلم احد من زرعه على السنتهم تحديدا .. و
لكن يبدو ان الهدف كان تسويق السلمية لاعطاء فرصة للنظام الاسدى لسحق الثورة … سقط
هذا المبرر بتكوين الجيش السورى الحر .. الذى تكون من جميع اطياف الشعب السورى
ففيه الدرزى و العلوى ايضا و المسيحى فضلا عن المسلم و الأكراد معلنا هدفه تدمير
النظام الاسدى …
كانو
يسوقون السيناريوهات كأنهم يتفرجون على مسلسل تاريخى واقعى … و يتفلسفون بينما
تراق دماء الالاف و هم يبررون مراعاتهم لمصالح المماطلون لدماء الداخل … كأنما
المذابح التى تحدث فى الداخل اثارا جانبية و ضرر هامشى فى الثورة السورية …
- التدخل الأجنبى ..
إذا لم
يقبل الجميع بتفكيك الجيش السورى الحر و او لم يقبلو بالموافقة على مشروع تسليم
سوريا لبقايا النظام الاسدى تحت مسمى انقاذ سوريا من التدخل الاجنبى الذى سيتذرع
بوجود القاعدة للتدخل لتصفية الجيش الحر و تأمين إسرائيل ….. و يسوقون الامثلة مثل
” إنظروا للعراق ” …
- الفوضى
…..
ستحدث فوضى
فى سوريا , يجب ابقاء النظام … كأنما ما يحدث الآن ليس فوضى فى استهداف المدنين من
نساء و اطفال فطم و رضع ؟ هل القذيفة الاساسية ذكية لكى تفرق بين المستهدفين …
اليس هناك فوضى فى المذابح التى نصبت للداخل السورى و فوضى فى التقتيل و التمثيل و
التذبيح و السلخ و الاغتصاب و الانتهاك و الحصار و القصف و التجويع و القنص و
الهدم .. اليست هذه فوضى !!!
- الحل السلمى …
الغرب لن
يقبل الا بحل سلمى …. هذا سبب وجيه فالغرب الذى يعتبر اداة فى اللعبة السياسية
الدولية لحساب فزع اسرائيل ( أولا ) … لن يقبل الا بحل سلمى مفروض على المعارضة
الخارجية للابقاء على ما يمكن ابقاءه من نظام الاسد .. هذا سبب و تبرير ايضا
للاستيلاء على الثورة السورية من الشعب السورى بالداخل الذى لن يقبل بهذا الحل
السلمى .
- اللعبة الدولية :
فى مسارات
و رحاب اللعبة الدولية يسير معظم الساسة او المتشبيهن بالساسة من المعارضة السورية
الخارجية خصوصا ان بدايتهم السياسية و تطويعهم و تلينهم من قبل من كانو يستجدون
الاعتراف به قبل الاعتراف بشرعية الثورة السورية لم يعد يكن لهم إحتراما فحرقوا
انفسهم …هذه اللعبة السياسية الدولية و التى تهدد الجميع بأن إسرائيل فوق الجميع
يعرفها و يدركها كل الساسة و ان لم يعلنو عنها , اهم قواعد هذه اللعبة السياسية هى
فزع اسرائيل فاسرائيل الآن فى فزع شديد خصوصا بعد انهيار النظام الاسدى فهو شرطيها
الاول المخلص الذى أمن حدودها بعد ان باع الجولان لهم …. و عمل على تطويع المقاومة
ضد اسرائيل و تسيس مفهوم المقاومة الى ممانعة … هذا الفزع لن يسمح للجيش السورى
الحر بان يكون وطنيا مخلصا خالصا او ان يسمح للشعب السورى ان يمتلك زمام امره ..
يعرف الساسة العظام ( او اشباه الساسة ) هذا جيدا و لكنهم لا يجرؤون على اعلانه و
ان ارتضو به و عملو له .
- التقسيم :
التقسيم
المقترح لدولة علوية و دولية كردية لا يهدف الا اضعاف سوريا و هذا التقسيم كمبرر
يخيف دول الجوار و احدى المبررات المهمة التى ستفرض على المعارضة السورية فى سبيل
تهديدها او توريطها لتقبل بالحل اليمنى ( السيناريو اليمنى ) كالقبول ببعض اطراف
النظام الذى يعمل الغرب على ابقاء بعض اركانه و اطرافه لهذا الغرض … الضغط على
المعارضة السورية ثم الضغط على الجيش السورى الحر بالتبعية ثم الداخل السورى
للقبول بالحل السلمى أو القبول بالتسوية باخراج آل الاسد و تسوية الثورة بالحل
اليمنى … هى احد المقترحات على الساحة الآن و المعارضة الفندقية المسيسة الضعيفة
احد ادوات الضغط .
القاعدة :
هو المبرر
المعتاد للتدخل الاجنبى ..
و
لكن هل سيقبل الداخل السورى بهذه المبررات للاستيلاء على الثورة التى صنعتها دماء
شهداءه ؟؟؟؟
لا
و لعدة اسباب أهمها :
1- الداخل السورى شبه مسلح بالكامل
بالاسلحة الخفيفة و التى تمرس بها لتأمين نفسه . و بزيادة معدلات القصف العنيف
يعنى ان قوات الاسد تهاب المواجهة المباشرة مع هذا الداخل المدنى المسلح .
2- الجيش
السورى الحر وحدات مقاتلة متفرقة معظمها لا يتبع قيادة الجيش السورى الحر بسبب
تفرد الوضع الميدانى لكل وحدة , كتيبة , لواء … اذا قبل الجيش السورى الحر بتسوية
فهل تقبل معظم هذه الوحدات ؟
3-الداخل
السورى اصبح لكل عائلة شهيد او مصاب او لاجئ مهدد بدول الجوار … هذا الداخل الذى
عانى الرعب و الفزع و نزف لاشهر طوال وسط مماطلة مذهلة للمجتمع الدولى لن يقبل بأى
تسوية …
4-
المعارضة السورية الهشة بالخارج : فقدت مصداقيتها بالداخل السورى بسبب تورطها فى
المماطلة ثم فى التسيس للثورة و بطء مرافقتها و تقريرها للاحداث من الداخل السورى
و ردود افعالها المريضة التى لا ترقى لمستو المذابح التى تنال من سوريى الداخل ليل
نهار …
5-تمايزت
الصفوف و مع حرية الاعلام المفتوحة , عرف الجميع من مع , و من ضد و من يماطل و من
يساوم و من يبيع و من سيشترى … فالاوراق المحترقة الساقطة كأوراق الخريف من شجرة
الثورة التى روتها دماء السوريين … خرجت من سياق اسلوب صناعة البطل …. فصناعة
البطل وسط الازمات الحقيقية خصوصا مع انهمار الدماء كالمطر المستمر الذى لم يتوقف
لاكثر من سنة …صعب … فالناس الآن اكثر وعيا . و الضحية النازفة الآن تعرف من دعمها
و من معها و من عدوها الحقيقى .
مبررات و
مسوغات الاستيلاء على الثورة السورية … ستساق لتسوق هذا الاستيلاء من قبل الغرب
معنا لانتصار الثورة السورية فالتسويات الخارجية كلها خصوصا ما تورط فيها المعارضة
المسيسة سواءا لصالح الغرب او فى اللعبة السياسية الدولية سرقت انتصارات الثورات
العربية بمصر و اليمن و تونس .