النخبة
التى افسدت مصر و أضاعت الثورة
د . حمزة عماد الدين
موسى
تحول
الصراع الآن فى مصر إلى صراع بين النخب الفكرية و الثقافية و السياسية و
الدينية . النخبة التى كانت تتمتع بإمتيازات جعلتها فوق العوام … حتى تغير كل شئ و
فعل الشعب الثورة … رغما عن تقاعس معظم رواد النخب …
الآن
هو صراع بين النخب : معظم الصراع صراع على الايديولجيات و على السنن لا على الفروض
و الحقوق …. فأصبحت النخب تفسر كل شئ بما يتناسب مع مصالحها و أيدلوجياتها
..
النخبة
تفرض الوصاية على الشعب ” القاصر الجاهل ” . سواءا كانت نخبة دينية أو سياسية أو
فكرية .. فالنخب ترى ان هذا الشعب الجاهل لا حق له بالاختيار و تقرير مصيرة لذا
تفرض عليه وجهتها فرضا و غصبا و إن لم يكن فيتحول لعدو …. لذا حاول الكثير من
العوام الالتصاق بالنخب و لكن مع كل موقف سياسيى يخفت هذا الالتصاق … و يخسر النخب
بعضا من الاتباع او المريدين او الشباب … و يخف الالتصاق و قد يتحول لعدائية ….
الشعب أو العوام الآن يختبرون النخب .
مم
تخشى حقا النخبة ؟
النخب
تخشى أن تفقد المميزات و المكاسب و الوضع الخاص الذى رسم لهم و فعلته الهالة
الاجتماعية حولها … تخشى أيضا ان تنفضح أسرار الغرف المغلقة كما فى جماعات النخب
الدينية . تخشى ان تعلن بنود الصفقات التى كتبت بالدماء …
النخب
سواءا إسلامية أو دينية غير إسلامية أو علمانية ليبرالية …. ترى نفسها فوق الشعب
و فوق البشر العوام … و كيف لا فالعوام ” الشعب ” كان دوما المتلقى السلبى
الدائى و الودود لاعلام الطغاة الذى لا يتأثر به النخبة ؟ . كان هذا الشعب الضحية
المظلوم المستكين التى كان يدافع عنها النخبة ……. حتى تغير كل شئ بالثورة و تحرك
الشعب أو ” العوام ” فالشعب الضحية لم يعد بحاجة إلى صوت النخبة لتصرخ ولا لأقلام
النخبة لتعلن ما يحدث او تسرد ما حدث .. فالشعب ” العوام ” هو ما صنع الثورة .
النخب
بشكل أو بآخر ما زالت متفوقة على الشعب …. فى أنها لا تزال جزءا من حوارات الغرف
المغلقة .. وحفلات كوكتيل الصفقات .. على جثث الشهداء .
بدأت
النخب تتصارع وفقا للأيدلوجيات و الأهواء فبدأت مراحل تصفية الحسابات و تقييم
المعارك وفقا للخلفيات الفكرية … و أصبحت المعارك لا معارك من أجل الحق بل
إلى معارك من أجل النخب … تأخذ غالبا المحاور الدينية …. بناءا على المعطيات و
الانطباعات السابقة .
إكتشف
الشعب تصارع هذه النخب و تهافتها على المكاسب و محاولاتها الاستقطاب و التمايز …
فى معارك ليست من معارك العوام ” الشعب ” الضحية الذى لم يأخذ حقه من قاتله بعد
….. محاولات استقطاب الشعب تسقط الكثير من النخبة من نظر الشعب … لان محاولات
استقطاب الشعب الضحية بعد الثورة غير قبلها فالشعب يطالب بحقه فى الشفافية ..
الشفافية التى تعتبرها النخب خصوصا النخب الدينية و الليبرالية و العلمانية ليست
من حق الشعب و إنما يجب سوقه و قيادته فقط …
رصيد
النخب الإعلامى و الفكرى و الثقافى بدأ ينحصر و بدأت تسقط الهالات التى تكونت فى
عهد الطاغية المخلوع حولهم .. لان الشعب وجد التنازع و التصارع بينهم قبل حتى
محاولات تصفية المعارك السابقة التى تورطت فيها النخب ايضا مع الشعب ضد النظام .
إنعزال
النخب عن الشعب فى معارك التهافت الفكرى و الايديولوجى يفتت النخب أكثر و أكثر و
يصنع نخبا جديدة بين الشعب . خصوصا مع هذه النخب المعزولة عن الواقع المنعزلة عن
الشعب الضحية المهمش .
النخب
الفكرية و الثقافية و الدينية يمتلئ إعلامها بالشحن و التحريض ضد منافسيها , و
يمتلئ بالتشوية للمعارضين كما إمتلئ قبلا بالمعارضة المكتومة للنظام السابق و
الحالى الذى بدأ يندرج فى أذهان الشعب انه كان للتسنيج ” و التخدير ” .
فرصيد النخبة بدأ يقل و ينحصر فى نفوس بعض المشجعين و المهللين و المصفقين .
إعلام
النخب سهل تميزه فهو يمتلئ بالتحريض ضد الآخر و رحلات الشحن و التشوية
للشخصيات و المواقف و الاحداث و التشكيك بالنوايا قبل الخلفيات و الانتماءات
و الاستعداء للأفكار و الجماعات و الأحزاب مع التعميم المقزز و الاستقطاب
للشعب أو العوام .
فى
مرحلة ما سيقف بعض نخبة ” الشعب ” أو نخبة العوام على الحياد و يكونون نخبة آخرى و
يعلنون النخبة عدوا بإتهامات أقلها الوقوف فى وجه من أعلن الشعب عدوا …. قد يبدو
هذا حلما بعيد النظر و لكن الحقيقة المرة هى تكون نخبة ” ثورة ” … لم تعد تغرها
الكلمات و التصريحات و ” التويتات ” بل يختبرون بالمواقف …
لسنا
بالحديث عن مواقف النخبة و تميزها و تمايزها فى المعارك و الخلفيات و الافكار
لنحول هذا المقال إلى ساحة للتصارع الفج بين النخب …. و لكن الموقف الحقيقى للنخبة
و اللوبيهات التى تتمايز و تتصارع فيما بينها اصبح الآن خطرا على نخبة الثورة ..
التى لم تأخذ موقفا محايدا و مواليا …
نخبة
الثورة الحقيقية هم الشباب الذين يتحركون من جيوبهم و مصروفهم الشخصي فى حملات
بالشوارع … فى العشرينيات هم الآن و لكن بعد إنقراض النخبة الحالية فى
حروبها و تصارعها و تنازعها و تصارعها وتشاحنها و تهافتها فى معاركها
سيكونون هم النخبة اللاحقة الأكثر تطورا فى سنوات قليلة .
فى
مصر عدم نضوج سياسى و مراهقة فكرية و أيديولجيات لم يفهمها حاملوها بعد ولم يدرك
مغزاها مروجوها …. و يتمثل كل هذا فى عدم تقبل الآخر و المعارك الغير منتهية و
الحلول الوسط خوفا من حلول تكون ذات مسئولية بعيدة المدى تنتهى بفشل النخب فى
السيطرة عليها أو فشلها فى تحمل المسئولية .
فى
بيئة غنية بالمشاحنات والصراعات والفتن والدسائس و المكائد و النزاعات والمؤامرات
يستحيل ان تجد المنافسة الشريفة مكانها ولا مكان للابداع والانتاج هو وسيلة
لاستمرار هذة البيئة بغض النظر عن جودته .
التطهير
قادم لا محالة …. و لكن هل يكون تطهيرا للنخب من قبيل تطهير الصفوف … أم
تسقط النخب فى مرحلة لاحقة بسبب سوء التقدير و ازدياد الانعزال عن الواقع و
التعالى على العوام ” الشعب ” .
النخبة
تتميز بشكل خاص على قدرتها على التكييف مع العدو و الطاغية بل قد تعمل لصالحة فى
بعض الاحيان , عصر الثورة يتطلب شفافية كبيرة …
النخبة
أيضا لها ميول طاغية ” ميول وصاية ” . هذه الميول نجحت بجعل الكثير من التابعين
لها يتبعون النخبة و يدينون لها بالولاء و الانتماء حتى لو تغيرت المواقف و
بالتبعية قد يصبحون فى صف من ثاروا ضده لان قيادات نخبتهم مالت إليه .
النخبة
قسمت مصر فى الاستفتاء بنعم أو لا … ثم حولت جميع المعارك الى معارك ايديولجية حتى
دفع هذا أحد شباب الثورة لكتابة مقاله الشهير ” الفقراء أولا يا ولاد الكلب ” على
صفحته على الفيسك بوك … بسبب المعارك التى جرت النخبة لها مصر و الثورة ” الدستور
اولا , الإنتخابات أولا , ثم الدستور أولا ثم الانتخابات أولا ..” ثم ” أمريكية أو
غير أمريكية ” …
و
أخيرا إذا لم ينصلح حال ” النخبة ” فقد يلفظها الشعب … بدءا بالنخبة الدينية من ”
إسلامية و مسيحية كنسية ” و إنتهاءا بالنخبة المدنية ” ليبرالية كانت أو علمانية ”
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق