د. حمزة عماد الدين موسى يكتب: توفيق الزوى..بطل فى بنغازى أسد شهيد فى مصراته
أستشهد أمس صديقى و أخى المهندس توفيق الزوى فى مدينة مصراتة الليبية اثناء المعارك التى دارت هناك بين كتائب القذافى و الثوار لتحرير المدينة , التى عانت لفترة تربوا عن ال50 يوما من وحشية و همجية قوات القذافى التى استهدفت المدنين و الأسر و العمال الاجانب , كمصريين , و عرب و هنود و أفارقة .
المهندس توفيق الزوى , تعرفت عليه فى أوائل ايام وجودى فى مدنية بنغازى , كان ليظهر فقط عندما ليعلم ماذا نريد و ماذا يستطيع أن يقدم , وكيف يستطيع أن يدعم , كمهندس مدنى , كان توفيق يكره العمل المكتبى , دائم الحركة , لا يكاد يتوقف لنصرة قضيته , ولكنه لم ينسى ايضا ان له أسرة و عائلة ولهم عليه حقوق فلم ينس أسرته فى ظل تدافع الاحداث هناك ز ينشغل عنها برسالته .
" خرجنا فى مظاهرة يوم 17 فبراير , و بعد أقل من نصف ساعة فاجئنا المرتزقة بالرصاص الحى , ذهلنا , ركضنا , تدافعنا , سقط الكثيرين شهداء ولم نجد جثثهم حتى الآن , إعتقلنى الأمن الداخلى هذا اليوم , ليعذبنى مع العشرات ممن إعتقل "
كانت هذه تجربة توفيق الزوى فى مظاهرة يوم 17 فبراير التى اشتعلت الثورة فى ليبيا كما رواها لى , بعد إطلاق سراحه , بعد إنهاكه بالتعذيب المستمر و المتواصل و الضرب المبرح , لم يعد توفيق الى المنزل بل عاد الى المحكمة ثم الى الكتيبة , ليشارك هناك بما يستطيع من دعم لنصرة و إسعاف إخوانه ممن كانوا يواجهون الموت بالرصاص الحى و مضاد الطائرات , و القذائف المضادة للدبابات . حتى أذن الله فتحررت الكتيبة .
كان توفيق , بشوشا و دودا , سمحا و إجتماعيا, لا يقطع صلاة و لا ينفك يستغفر ربه عما فعل ولم يفعل , كما كان نظيف اللسان فلم يشتم أو يسب أحدا , حتى عند غضبه . كان محبوبا , ذا وجاهه محترما من الجميع , ولكن الجميع كان يخشى إغضابه .
توفيق , عندما علم أننى ركزت كل إهتمامى على التغطية الإعلامية , سخر كل وقته و مجهوداته و مصادرة ليساعدني فى هذه المهمه التي كانت عبئا ثقيلا على , ثم ليعاوننا عندما بدأ الفريق يتسع بالكفاءات و الخبرات و لم يدخر وقتا أو جهدا فى سبيل راحتنا و توسعة امكاناتنا .
فى رحلتي الأولى الى إجدابيا , أنا و الصحفية الأمريكية " كلير جيلز " يوم الجمعة , رافقنا توفيق , مضحيا بوقته خصوصا وجبة الغذاء مع اسرته , مسهلا لنا جميع الامكانات من التنقل بسيارته , و الاعتماد على اصدقائه و مصادره , و علاقاته , ولم يتذمر أو يتململ لتأخرنا فى المستشفى . بل كان دائم السؤال أن كنا نحتاج المزيد من الوقت و الحركة أو نحتاج الى معلومات أخرى .
المهندس : توفيق الزوى , مهندس مدنى , وإبن لأم ربت , و زوج لزوجة ضحت و أب لاطفال سيعرفون لاحقا أن أباهم كان بطلا صامتا صموتا فى بنغازى و أسدا هصورا شهيدا فى مصراته , حيث كان دوما ينظر الى أين يحتاجه الناس أكثر و ألى أين تحتاج المعركة الى رجال فيزج بنفسه فى اتونها , فكان أن إنطلق الى مصراته مع أوائل المجاهدين المرابطين , على متن قارب صيد ليساعد أهلها فى حربهم ضد كتائب القذافي التي توحشت فى المدينة ضد أهلها و قاطنوها .
رحم الله أخى الشهيد المهندس : توفيق الزوى , و أسكنه فسيح جناته مع الشهداء , و ألهم أهله الأبطال الصبر , وزكى أمه و أخوته و زوجته و أبناؤة بمعانى البطولة و التضحية
شكرا للأم التى ربت , شكرا للأب الذى علم " عمران الزوى " , و الزوجة التى ضحت وليبيا الحرة التى أنجبت ।
http://www.dostor.org/opinion/11/april/24/40684