http://dostor.org/opinion/11/april/19/40335
قد يبدو السؤال غريبا فتظن أن سائلك غير ملم بما حدث ويحدث على الأراضى الليبية من سفك للدماء و هتك للاعراض و تدمير للمنازل و إهلاك للحرث و النسل . ولكن سرعان من تتحول دهشتك الى صدمة عندما يتابع سائلك بقوله " هم كانوا مستريحين مش محتاجين لثورة " …
هذا الفكر القاصر الأنانى هو حصيلة تراكمات صدئة زكتها النفوس المريضة التى حكمت هذه الشعوب المسكينة و استغلبتها على أمرها و على حقها بالعيش بحرية و كرامة , فأصبحت لا تفكر الا بمصالحها الخاصة أولا قبل ان تفكر بالماساة الأنسانية التى تقع لشعب شقيق بينه و بين شعبنا صهارة و نسب .
لا يرى هؤلاء أن الشعب الليبى يستحق أن يثور , بل يراهم مقلدين للثورة فى مصر , لا أعرف كيف تكون هذا الإنطباع السطحى مع كل الدماء التى سالت و تسيل فى شاشات التلفزيون , هل يدركون العنف الذى واجهت به قوات القذافى بأسلحة عسكرية متظاهرين عزل لتسيل دمائهم أنهارا فى شوراع بنغازى و البيضاء و مصراته و درنة و غيرها . أم لا يرى هؤلاء المرتزقة الذين يذبحون و يقتلون و يقنصون المدنين فى المدن الليبيه ؟
اذا لم ير هؤلاء هذه المذابح الوحشية و القصف العشوائى الذى لم يفرق بين مدنين و مسلحين يدافعون عن منازلهم و عرضهم . فكيف يدركون ان هذا الشعب الليبى عانى من القهر المكبوت و الاضطهاد فى ارضة و بيته و الخوف من مجرد ذكر اسم طاغيتهم المجرد . فكيف ير ماذا فعل الطاغية فيهم ( أبناء ليبيا ) لسنوات من قتل و تنكيل ووحشية فى التعامل بلغت حد التمثيل بالجثث لارهاب البشر .
لا ير هؤلاء فى ليبيا الا انها كانت تستقطب العمالة , فكل دولة تستقطب العمالة تعد غنية بنظرهم , هذه الدولة غنية ولكنها بشعب فقير , شعبها لا يرزق منها و لا يعيش بالمستوى الذى يليق به كشعب ذا دولة لها ثقل اقتصادى نفطى , معظم الأحياء السكنية الراقية تفتقر الى البنية التحتية ذات شوارع غير ممهدة
بعض الاحياء لا تزال تفتقر الى البنية التحتية الاساسية للمعيشة و السكن .
القذافى دمر ليبيا , من الداخل فدمر الدولة بمؤسساتها و هياكلها الادارية و التنفيذية فليبيا ليست دولة مؤسسات بل مجرد قشرة جوفاء و مبانى يسيطر عليها رجال القذافى من طغمته الظالمة من اللجان الثورية .
“ لو كنتم فى مصر عندكم أمن الدولة كجهاز لارهاب الشعب فنحن لدينا فى ليبيا أكثر من 5 اجهزة أمنية صممت لنفس ذات الغرض " هكذا قال لى إعلامى ليبى , عن قوة القذافى و سيطرته الأمنية على ليبيا فى فترة طغيانه .
“ لقد اصابنى بعقدة أن أذكر أنى ليبى , فبمجرد أن أذكر أنى ليبى حتى تلاحظ علامات البغض فى وجه من يحدثنى , لقد كره فينا الشعوب و الأمم " هذا الضرر النفسى الذى تسلل الى نفوس الليبين فى ليبيا و انتشر الى ارجاء العالم المختلفة يدفعنا الى الإقرار بأن القذافى كان هو سر تخلف ليبيا .
عاقب العالم ليبيا و الشعب الليبى بحصار جوى على جرم ارتكبة القذافى , فهل رأى هؤلاء الكارهون لحرية إخوانهم هذه الجريمة التى ارتكبها القذافى فى حق هذا الشعب لتضاف الى سلسة جرائمة التى لن ينساها التاريخ . و أسر الشهداء و المصابين ؟
لماذا ثاروا ؟
“ اكثر من 42 سنة من القهر و الكبت و الطغيان و الظلم و القتل " , “ نريد أن نحيا كبشر " “ , نريد ان نستعيد كرامتنا الإنسانية التى امتهنها و سرقها القذافى " , “ أشعر للمرة الأولى أننى إنسان ذا عزة " , “ القذافى قتل و نهب و سرق و عذب و اغتصب لسنوات طوال فآن الوقت أن يسمع العالم و يرى " , “ طعم الحرية لا يزول الا بالدماء " ,” نريد دستورا مثل باقى الشعوب , نريد أن نشعر كبشر " , “ القذافى عاملنا كعبيدة الخلص لهذه السنوات , حرام كفى " , “
كما رأى العالم فشهد , كيف تعامل القذافى مع بوادر الإحتجاج التى تحولت الى ثورة , فذهل و صدم و انتفض مع أحرار ليبيا ليؤيد حقهم فى الدفاع عن أنفسهم و أهليهم و طلب حريتهم , وليصرح بعدالة قضيتهم و نبل مسيرتهم .
ولكن يبدو أن البعض هنا لا يزال يرى أن هؤلاء لم ليستحقوا الثورة لانهم لم يكونوا جوعى للخبز أو فقراء فى المعيشة , ولكنه ينسى أو يتناسى أو يتجاهل أن هؤلاء جوعى للانسانية و الحرية و الحق و العدل والكرامة , فهل لهؤلاء السطحيون الأنانيون أن يدركوا أن هذه القيم هى روح الثورات التى حدث و تحدث و ستحدث على مر التاريخ .
“ تغيير , حرية , عدالة إجتماعية " كانت هذه باكورة مطالبنا فى ميدان التحرير التى رصدت و صدرت للعالم روح الثورة لتعلم العالم كيف يطلب حقوقه و كيف ينالها .
من العيب أن نكون المدرسة فنصدر الفكر و القيم و التفكير و أن ينتشر هذا التفكير فى البيئة التى أخرجت ثورة لاتزال مثالا مثلا رائدا للعالم أجمع فى صناعة الثوارت .
الكثير من صيانة الافكار و اصلاح المفاهيم و تعديل القيم و ارساء المعايير الجديده هو المعركة الحقيقة القادمة لرواد ثورة التحرير فى مصر لاصلاح مثل هذا العوج السطحى لتستقيم حياتنا الى ريادة و تصدر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق