24 أبريل 2011

د.حمزة عماد الدين موسى يكتب: ثوراتنا و الطغاة .. تونس نموذجا

د.حمزة عماد الدين موسى يكتب: ثوراتنا و الطغاة .. تونس نموذجا

د.حمزة عماد الدين موسى يكتب: ثوراتنا و الطغاة .. تونس نموذجا


من كان ليصدق , ان طاغية تونس سيجبن و يهرب , من ضغط الشارع ؟ بل من كان يتوقع ان الرجل ذا القبضة الحديدية على رقاب العباد فى تونس , سيتنازل و يرضخ و يبدأ فى تقديم التنازلات " فهمتكوا , فهمتكوا , أنا فهمتكوا " . فهل عجز عن الفهم هو و زمرته الحاكمة و عصابته و سجانية عن فهم الشعب الذين قدرت الظروف ان يتسلطوا عليه و يتحكموا به و مقدراته ؟

زين العابدين بن على , و ليلى ( الطرابلسى ) و أخواتها و " العائلات التى تحكم تونس " كما المافيا و العصابات التى تتسلط و تسرق و تنهب و تفرض الإتاوات , يقر أننا فعلا " هرمنا " من الضعف و الجبن و الكبت , حتى تسلط هؤلاء كآلهه لا تنتظر أحدا يحاسبها , و لا ترجوا من أحد ان يقاطعها فيما تفعل و أو لماذا تفعل , حتى جاءها أمر الله .

كيف حكم بن على تونس ؟

" بالحديد و النار " , " بالفساد " , " بالقهر و التعذيب و التسلط " , " بالإرهاب " , " بقبضة حديدية تقتل كل معارض و تكتم كل صوت و تنفى إن لم تقتل الى خارج الوطن " .

" بإرهابنا حكمونا " هذا ما أرى , فنفوسنا على مدى عقود من القهر و الكبت , صارت أضعف , هممنا صارت أهون , ردود أفعالنا صارت لا ترقى لمستوى الفعل , قلوبنا صارت أهش , لاننا " خفنا فهرمنا بالخوف " من أن نقف و نرد و نعلن لنرتقى بأنفسنا من خانة المفعول به الى خانة الفاعل فالمسيطر فتركنا لطغاتنا الساحة , فاستماتوا فيها , فهم قد جبلونا على " الصمت , الخضوع و الاستكانة " .

ولهذا صدمتهم الثورة , عندما تحرك الشارع بالشرارة الاولى معلنا قبل البوعزيزى فى مدنية المحلة - بمصر ثورته الأولى , رأينا كيف قمعت , ولكن عندما تحرك الشارع فتحرك الشعب , فهز ما وراء حدوده ليعلن للعالم أنه " أراد الحياة " .

إرهاب بن على ضد شعب تونس :

كان أرهاب بن على مختلفا عن الإرهاب الذى مارسه بقية الطغاة العرب ضد شعوبهم , فهو أولا و أخيرا رجل وزارة داخلية و أمن داخلى خبير , فقبضته الحديدة عن طريق سجانية و جلاديه فى السجون و بصاصيه فى الشوارع , لم تكن لتخفى على كل زائر لتونس , فإنتهاكه للحريات واضح و صريح لعيون العالم أجمع ولكن لم صمت العالم عن هذا كل هذه السنين الطوال ؟

إرهاب الكلمة و رعب القصه و رسالة العذاب :

بتعذيب شخص واحد ثم إطلاق صراحة , ثم تمرير قصته الى الشارع عن طريق أهله و رفاقة , كفيل بردع باقى الاهل و الشارع ووضع حاجز نفسى و تابو " محرم " لا يجرؤ أحد من شاهديه أن يفعل مثله أو أن يفكر فى أن يكون فى مثل هذا الموقف , فأهوال السجون تكون دوما عصية على التخيل و التصور .

كانت هذه استراتيجية الطغاة فى إرهاب شعويها , ولكن ماذا حدث فقلب كل موازينهم و أخل بكل معاييرهم التى ظنوا أنها لن تتغير ؟

لقد كُسر الحاجز النفسى بالفيديوهات التى إنتشرت للعالم فأعلنت بشاعة هذه الانظمة الدكتاتورية القبيحة , التى وظفت اللصوص كرجال أعمال ووزارء , ووضعت قطاعى الطرق فى كبار المناصب الأمنية , و الجلاديين الساديين كمدراء للسجون و الأخطر , الفسدة فى أبواق الدولة الإعلامية .

بن على كفعل و رد فعل :

لم يتوقع بن على و زبانيته أن تستمر الانتفاضة أو أن تمتد شراراتها من مدنية لأخرى , بل خيلت لهم نفوسهم المريضة أن قمع الأنتفاضة فى بداية شراراتها سيكون كفيلا لهم بإعادة الصمت و الاستكانة و الخضوع الى النفوس التى ثارت , ولكن حدث العكس فماذا حدث ؟

أمتدت شرارة الانتفاضة لتصنع شرارات أخرى منتشره , مشتعله , فى مدن أخرى , ليسقط شهداء آخرين من الأطفال , و الرجال القدوه , لتصنع لنا أكثر من بوعزيزى , وهكذا بدأت ثورة تونس .

فلا الشارع سكت , بل تكلم و صرخ , و نادى فلبى الشعب النداء ووصل ثوار تونس الى قصر بن على فهرب .

ولكن ماذا فعل بن على ليخمد هذه الثورة ؟

كان : " الرصاص الحى " بين غيوم " الغازات المسيلة للدموع " , كان القناصة المنتشرون فوق المنازل و المآذن , " فلا حرمة للمساجد فى عهد بن على " , كان التعذيب و القتل , و العنف بيد أمنه و شرطته .

فبن على أعلن الحرب على الشعب , لانه أعلن الشعب عدواً منذ البداية , وهكذا تعامل الشعب , فقاوم , وحارب و صمد و ضحى فانتصر .

فهؤلاء الطغاة :

و لهذا كانت خطة هؤلاء الطغاة فهم يتشارك فى انهم يضعفون دوله و شعوبهم لانه يعلنون الشعب عدواً يستحق الاضعاف ثم القهر فالتدمير ! ولهذا وجب على أمتنا العربية و شعوبها المقهورة التخلص من هذا الغث الفاسد المفسد المهلك ممن تسلط و نخر و تجبر و قهر كسر نفوسنا و ارادتنا و هممنا و شعوبنا و اوطاننا و عاثوا فيها الفساد و الفوضى.


ليست هناك تعليقات: