-2-مشاهد للحقيقة الذبيحة
مجرمة هى الحقيقة , مذنبة فى عيون الظالمين , فهى عدوهم الذى يفضحهم و يخزيهم و يعرى زيفهم و يكشف جرائمهم , فحربهم على شعوبهم امتدت ايضا لتعلن الحرب على الحقيقة الحره فى صورتها و صيغتها الاعلامية . مشاهد لا تزال تتوالى فى ذهنى منذ ثورتنا فى مصر و ثورة احرار تونس لتتكرر كما كانت فى اليمن و سوريا و الاردن ببعض التعديلات التى تفرضها ظروف البيئة و الأرض و الثقافة , فالطغاه يتعلمون الدرس و يتبادلون الاساليب و الخبرات و ينقلون تجارب سابقيهم فى حربهم ضد الحقيقة و الحق و الحريه .
المشهد الاول : محمد نبوس
محمد نبوس , عرفته نشيطا متحمسا متحركا لا يكاد يهدأ , متنقلا من مكان الى آخر ليعود الى مكتبه الاعلامى المتواضع لينقل صوت شارع الثورة و كلمات ثوار ليبيا الى العالم ليسمعها , فكان ان استهدفه الطاغية برصاصات غادرة لم ترد فقط ان تكتم دوره كأعلامى بل ارادت ان تدفن الحقيقة . للحرية ثمن , و للحق ثمن و للحقيقة ثمن , كان ثمنها دماء محمد نبوس التى لم تسكت بل نقلت الرسالة الى العالم ليتسائل لماذا يخاف القذافى من الحقيقة ؟
المشهد الثانى :
صحفى هو , نشط مخلص ذكى متحمس , حوصر فى اجدابيا و انقطعت بنا السبل للاتصال به , لنسمع الاشاعة تتكرر عدة مرات , انه استشهد هناك امام مستشفى اجدابيا , لنفاجئ باتصال له يصدمنا بأنه حى " لقد استهدفونا فى المسجد , اصبت برصاص فألقانى احدهم امام المستشفى " كان على شفير الموت عدة مرات , ليس من أجل مهنتة ليس من اجل مجرد سبق صحفى او ريادة بتغطية اعلامية مميزة بل من أجل ايمانه بدوره الهام فى نقل ما يحدث على الارض .
المشهد الثالث - كلير جيلز :
صحفية حرة اصبحت مراسلة عدة صحف امريكية , تعمل بشكل شبه متواصل منذ أن تستيقظ باكر اليوم حتى تنام بعد أنهاء تقاريرها الاخبارية , و تحرير مقابلاتها مع الثوار و المصابين و الجرحى , على خط النار و فى المستشفيات التى تقع قرب ساحات المعارك , فهى لم تتوان عن الذهاب بصفة شبه مستمرة الى اتون المعارك المشتعلة بين القوات التابعة للقذافى و الثوار , مما أدى فى النهاية الى اختطافها من قبل قوات القذافى مع بعض الصحفيين المتحمسين ايضا , ولم نعلم عنهى شيئا حتى الآن . كلير لم تهرب فزعا عندما أثبت القذافى أنه لن يتوان عن استهداف الحقيقة و ناشروها فهرب جميع الصحفيين تقريبا الى الهرب من بنغازى تاركين القاعات بالمركز الاعلامى فارغة , صامته , هادئة بعد أن كانت تعج بالحياه .
المشهد الرابع : هل ستهرب الحقيقة ؟
عندما يهرب رواد الحقيقة خوفا على حياتهم عندما يتم استهداف الحقيقة فى شخصهم , يصبح تصدير الحقيقة و عرضها و نشرها و تسويقها عبئا على البسطاء , الذين قد لا ينجحون فى عرض قضاياهم او حتى ايصال آهاتهم الى وسائل الاعلام , هذا المشهد كان فى اليوم التالى لإغتيال على حسن الجابر مصور الجزيرة عندما استهدفت الجزيرة فى شخصه , بل كل الصحفيين و الاعلاميين مما حدا بالجميع تقريبا الى الهرب ذعرا من وحشية استهدفت مصورا سلاحة هو كاميراته و ما تلتقط .
المشهد الرابع : فراس كيلانى
فراس كيلانى احد أفراد طاقم البى بى سى الذين تعرضوا للضرب فى طرابلس , اثناء محاولة قيامهم بالتغطية الاعلامية فى غرب ليبيا الذى لايزال تحت سيطرة القذافى و قواته , قبل أن يخرج فراس كيلانى و رفاقة من ليبيا تعرض لاسوأ انواع الامتهان النفسى على القنوات التابعة للقذافى , حيث حوصر بين فردى أمن تابعين للقذافى ليستجوبانه "هل الملايين التى تحتشد فى الساحة الخضراء تأييدا للأخ العقيد " ليرد مجبراً ," نعم " , فالقذافى و طغمته أرادوا اجبار الاعلام على استبدال الحقيقة بإكاذيبهم , مما يعكس رؤيتهم أن الإعلام اداة بيد الحاكم يوجهه كيف يشاء ليمسح العقول و يشوه النفوس و يشحن الضغائن ضد أبناء الوطن الواحد .
المشهد الخامس : الصحافة الجريحة :
معركة رأس لانوف الأولى التى خسرها الثوار بجدارة , مستشفى إجدابيا , مكتب السجلات المدار بواسطة المتطوعين , قوائم المصابين و الشهداء و المفقودين , انتبهت الى أسماء غربية أعجميه فى كشف المصابين , فسألت فقالوا أنهم ثلاث صحفيين أجانب أصيبوا اصابات بالغة اثناء تغطيتهم للمعركة . هؤلاء الصحفيين كانوا غير ذوى خبرة كمراسلين حربيين , ولكن ما حدا بهم الى هذا التهور بالاقتراب الخطر من خط النار , الى تعرضهم للموت السريع برصاصة من قناص أو استهداف بقصف عشوائى للجراد ؟ إنها مهنيتهم و أمانتهم فى محاولة نقل الحقيقة من أرض الواقع الى العالم . مما كاد أن يكلفهم حياتهم .
المشهد السادس : على الجابر
كان النبأ صادماً مرعباُ مروعاُ , مقتل مصور قناة الجزيرة , هكذا انتشر الخبر باثاُ الرعب فى قلوب الصحفيين و الذعر فى نفوسهم لنصحوا فى اليوم الثانى على جحافل الصحفيين تغادر بنغازى لنفهم ماذا أراد القذافى و طغمته من هذه الجريمة البشعه فى حق الحقيقة و الاعلام و الصحافة . كانوا يهدفون الى طرد الاعلام بإرهاب الإعلاميين .
المشهد السابع : الاعلام المقيد و الصحافة الأسيرة و الحقيقة المسجونة :
" إختطاف مراسلى النيويورك تايمز و تبين احتجازهم بواسطة قوات القذافى ", " تقييد حرية الأعلاميين الأجانب بطرابلس " , " بعض الإعلاميين الأجانب تحت الأقامة الجبرية " , " منع الصحفيين و الإعلاميين الأجانب من الحديث مع إيمان العبيدى " , " تكميم فم إيمان العبيدى لمنعها من نشر حقيقة اغتصابها من قبل قوات القذافى " , " الإعتداء على فريق البى بى سى " , " منع الصحفيين الأجانب من نقل حقيقة ما جرى فى الزاوية " , " إعتقال فريق قناة الجزيرة " , " أختطاف كلير جيلز و .زملائها " …....
قبل إسدال الستار :
أنه " القذافى " يريد أن يسكت العالم عن جرائمه و يصمت عن مطالبته بالتوقف ليستبيح فى الشعب المسكين قتلا و تذبيحا بدون غطاء إعلامى ليعلن للتاريخ ماذا حدث فى هذه الكارثة الإنسانية و الجريمة الأخلاقية و المذابح الوحشيه , لشعب لا يطلب الا حريته و إنسانيته و حقة فى الحياة بكرامة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق