الشعب يريد محاكمة الرئيس
د.حمزة عماد الدين موسى
من ذكريات الثورة , فى اوائل ايامها بعد أن كسرت شوكة الأمن المركزي , و بعض أن حصرت أعداد الشهداء فى يوم الأحد , ذهبت إلى أحد الخطاطين , لاطلب منه طلبا رفضه معظم الخطاطين , كان الخطاط عقيدا متقاعدا فى الجيش فى مدينتى المنصورة , لم يرفض مثل باقي الخطاطين الذين خافوا و رفضوا , بل رحب و كتب العديد من اللوحات مجانا كانت بعنوان ” الشعب يريد محاكمة الرئيس ” .
يوم الأثنين : قبل الثلثاء المليونى الأول و قبل موقعة الجمل , كانت المنصورة تخوض أول مظاهراتها الحاشدة التي دارت فى المنصورة و إستقطبت العديد من سكانها ليصبح مئات الالاف يمشون فى الشوارع , كنت أحمل أخر ما تبقى من اللوحات العشرين بعد أن وزعت معظمها على المتظاهرين , كان العديد من المتظاهرين يذهلون من العبارات ” فالشعب لم يحلم أبدا بأن يحاكم الرئيس ” ولكنه لم يتوقع أبدا ان يكون هذا الرئيس سفاحا لهذه الدرجه فيصدر أوامره بأطلاق الرصاص الحى و إفراغ البلاد من أمنها و إرهابها بالبلطجية , بل لم يكن يدور فى خلده أن يتحول هذا الرئيس إلى رئيس عصابة من البطجية راكبي الجمال و الأحصنة .
يوم الثلثاء فى ميدان التحرير بعد يوم الأثنين المنهك , ومع طائرات الهلكوبتر التى تحوم لترصد الأعداد , ومع التلفزيون الحكومي الذى إدعى ان عددنا فى الميدان 5 الاف متظاهر , ويعرض مشهداً قديماً للكوبرى الفارغ , فى حين يتجه عليه المئات الى الميدان . كان المتظاهرون و المعتصمون يتسائلون , لم نحاكم , نريده أن يهرب و ” يغور ” مثل بن على . ليذهب بما سرق و ينسانا . لم يكن يدور فى خلدهم أنه بعد عدة ساعات سيعلن للعالم أى ” رئيس ” هو الذى يسير البلطجية , ليحاول أن يسيطر على الميدان بدلا من أن يحمى البلاد من البلطجية , يحمى نفسه بهم .
كنت أرد على هؤلاء المتظاهرون ” يجب أن يحاكم الرئيس لما إقترف من جرائم , فالرسالة أن هذا الرئيس ليس فوق الشعب ” رددت على البعض ” لا حصانة للرئيس , لم تعد هناك حصانة مع أول قطرة دم سالت ”
بعد ” التخلى ” , ولهذه الكلمة الكثير من المدلولات القانونية , التى لن نعترض لها , لازال هذا الرئيس البلطجى ” يقاوح ” و يماطل هو و بقايا نظامة فى الجميع من المؤسسات , ويحاول تخدير الشعب , بل لا بأس من تقديم بعضاً ممن يسهل التضحية بهم ” ككبش فداء ” لسلامة الريس البلطجى الكبير , محاولة التغزل و مماطلة الشعب , وسرقة حق من حقوقة و هو المحاكمة العادلة لمن أهدر دمة و أحتقرة , لا تدل الا أن هذا النظام و هذه المؤسسات تحتاج الى إعادة هيكلة جذرية و تنظيف من الداخل , فبقايا مبارك لا تزال تسيطر بفسادها على جميع المؤسسات تقريبا .
هذه البقايا الفاسدة التى كانت تختبئ وراء رئيسها البلطجى لا هم لها إلا الأبقاء على مستوى معين من الفساد لتواصل حياتها بالسرقة و النهب و التحكم و السيطرة و الإستغلال و مص دماء الشعب و نهش جثث الشهداء , هم لن يتوانوا عن محاولاتهم لتخدير الشعب .
لا تتوقف أركان الشعب عن التشتت فى الصراعات الداخلية و هى لم تنهى معركتها الكبرى بعد , لم تحاكم الرئيس ” البلطجى ” اللص لما إقترف فى حق مصر , محاولات إشغال أو ” تخدير الشعب ” بمرشحي الرئاسة , أو الدستور أولا لم تعد تجدى , خصوصا بعد التعامل البلطجى لاشاوشة الأمن المركزى من المتظاهرين .
محاكمة الرئيس هي طي صفحة فاسدة لطخها هذا الرئيس اللص البلطجي فى تاريخ هذا البلد و لأهله البسطاء , و رسالة الى الجميع أن لا أحد فوق طائلة قانون الشعب و رسالة الى العالم الذى تعلم الكثير فى ثورتنا ليتعلم الدرس الأخير منها أن الطاغية مصيرة سيقره الشعب الحر الذى حرر نفسه من اللص الطاغية
نريد حق الشهداء ,
نريد القصاص من القتلة الحقيقين ,
نريد محاكمة الرئيس .
و إلا فلن يهدأ هذا الشعب و لن يخدر فهو لن ينسى دماء الشهداء التى فتحت له طريق الحرية .