22 يونيو 2011

السياسة عربيا.. أزمات وصراعات وأمراض

د. حمزة عماد الدين موسى يكتب:

السياسة عربيا.. أزمات وصراعات وأمراض !

http://www.dostor.org/opinion/11/june/18/45479

السياسة فى عالمنا العربى كلمة مكروهة مذمومه , فالمشتغلون بها لعقود كرهوا مجتمعنا البسيط بها بما أحالوها اليه , فلم تعد السياسة وسيلة لتقويم حال الدولة أو إصلاح المجتمع أو الرقى به , و إنما ساحة مفتوحة لتسوية الحسابات و الصراعات . فالمشتغلون بالسياسة عربياً إما لصوص , و إما مقاتلون بائسون لحق ضائع . أو طالبوا منفعة أو سلطة أو مصلحة .

كان كل منشغل بالسياسة قد حولها إلى وسيلة للرد على خصومة , فى الفكر , أو فى الرأى أو فى المنهج , فحولوا السياسة الى ساحة حرب ضروس ووسيلة تصارع و خصام و معارك لا تتوقف , فلم تعد تأت بحق , أو ترد مظلمة , أو تنصف مظلوما أو تقوم مجتمعا أو تصلح دولة .

السياسة عربيا تحفها و تغتالها و تشوهها عدة أزمات , أهمها أزمة تصارع الأفكار و المذاهب , يليها أزمة القبول و التقبل للطرف الأخر و إعتبارة شريكا فى الوطن و المشكلة ثم أزمة الثقة بالطرف الأخر التى تحول من التعاون معه . لربما كان السبب أن السياسة المشوهه فى عالمنا العربى لم تتوقف عن اتخاذ أفكار الخصوم هدفا لتسفيهها و تحقيرها مما أدى الى تجاوزها عن حل المشاكل الى صنعها .

الأزمة الأولى : تصارع المذاهب و الأفكار :

الساحة السياسة عربيا , عبارة عن حرب من المذاهب و الافكار التى يصر اطرافها على صحة بل نقاوة أفكارهم , ولا يتوقفون عن محاولة تهشيم أو تهميش الطرف الأخر ربما خوفا من فكره لاقتناعهم أنهم الفكر الاضعف أو كرها أن يرى الفكرة التى يكره قد صارت نداً له .

الاسلاميين السياسيين فى عالمنا العربى هدف شبه دائم فهم يصورون أنفسهم حينا و أحيانا أخرى يصورهم خصومهم , بأنهم يريدون فرض الدين بالقوة , و اللا إسلاميين لا هم لهم الا إثبات خطأ المعتقد و تسفيه الاسلاميين و استخدام فزاعة الاسلام لاخافة الشعب بل فى بعض الاحيان يفعلون ما يحذرون منهم و ينصبون انفسهم القاضى و الجلاد كذا الحال بالنسبة للاسلاميين . فكل طرف لا يتوقف عن استعراض اخطاء الطرف الاخر و عيوبة و ماذا سيحدث " إذا تسيد و حكم " .

فى جميع الحالات تحولت السياسة الى سجال لتصفية الحسابات الفكرية و العقائدية فانشغل أهل السياسة بهذه الصراعات و نسوا الوطن . فيكفى أن يعلن سياسى أو رمز اجتماعى عن انتمائه الفكرى , أو المذهبى أو السياسى حتى تتناوشه أقلام الخصوم و يلوكون أسمه بألسنتهم و يستخدمة المتحمسون بطرفة سلاحا , فيتشتت إنتاجه فى حرب ضروس لا تهدأ .

الأزمة الثانية : القبول :

لم يحاول كل طرف تبديل الطرف الاخر عن مذهبه الفكرى و السياسى و العقائدى ؟ لم لا نقبل الاخر؟

الخلافات الفكرية البسيطة , تربوا الى مستوى الخلاف العقائدى , فيتناوشنا الخصوم بعضهم بالتكفير السياسى فكيف بالقبول اذا ؟ لم لا يقبلون الطرف الاخر ؟ أهذا جهل به ؟ أم خوف منه ؟ أم الأثنين معا ؟

لن تنهض مصر ولا أى دولة عربية مالم يبدأ المتصارعون السياسيون " وليس المتنافسون فهم عن المنافسة أبعد " من الحوار و التواصل و القبول !!! ولكن يبدو ان مشكلة القبول تتفاقم لدى كل ذا مأرب شخصى , أو هدف خفى أو أجندة خارجية فالقبول بالنسبة لهم هو أعدام لأفكارهم .

ازمة الخوف و الثقة و الكلام و الهدف ؟

هذه الاطراف و الجهات المتصارعة , المتشاحنة , التى لا تثق حتى بنفسها , لا تتوقف عن الكلام فى تصارع منهك مستهلك للعقول و الافكار , تستهلك من طاقاتها و طاقات خصومها , و طاقات الدولة و طاقة الشعب .

الا تتعب ألسنتهم عن الكلام ؟ فى ما لا طائل منه ؟ من مشاحنات و خلافات و معارك ؟ ألا تتعب عضلات أفواههم من الأحاديث الصغيرة التى تستهلك الوطن ؟ أم هو إدمان للتصغير و التحقير و التسفيه لشأن الخصم و محاولة إضعاف الطرف المضاد الذين أعلنوه بغيهم عدواً .

و ينسون الدولة و ينسون الشعب :

انهم لا ينفكون يتنازعون و هم " النخبة " يتشاحنون و ينسون الشعب الفقير المطحون المعدم بمشاكله و همومه وألامه , بعض الجهات التى أعلنت المعارضة عدواً لا تعى أن هذا وقت العمل الحقيقى للأصلاح , لأصلاح ما أفسد النظام لعقود .

انهم لا يهتمون لأمر الشعب بل لأمر افكارهم , وهذا ما حرص النظام البائد عليه , بأن شوه السياسة و لا عبيها , ولكن الى متى نرضى بهذا السفه من تصارع الافكار بدلا من تداول الحلول للمشكلات التى تنخر فى اساس الوطن ؟

نعم للمصلح ولا للسفيه المسفه :

إذا أراد أحد الأصلاح و أن يقوم من حال مصر , فالشعب معه , فالشعب هو من صنع الثورة وليست ألسنتكم , أو سفاهتكم عذرا ( سياستكم ) , ولكن الشعب لن يقف مكتوف الايدى أمام من يشوه أو يدمر محاولات الاصلاح أو يعطلها و لا حرفة له الا الهجوم و التسفيه و تشويه الخصوم و الساحة و الوطن و جلب مشاكلهم الفكرية , و النفسية و الاجتماعية , و الاخلاقية و الدينية الى الساحة مستغلا بعض السلطات السياسية التى منحها له الشعب بدمائه لمحاولة فرضها على الشعب من قبيل ان لا يشعر بالغربة لغرابة أطواره و أفكاره .

فالشعب لم يعد ساذجا و زمن الحرية قد بدأ و زمن العفن السياسى قد انتهى ,

ليست هناك تعليقات: