لم يكرهون القذافى؟
د. حمزة عماد الدين موسى يكتب: لم يكرهون القذافى؟
الأحد, 13-03-2011 | د. حمزة عماد الدين موسى
الدستور
عندما سألنى أحد الصحفيين هذا السؤال عند عودتى السريعة الى السلوم لساعات قبل عودتى الى ليبيا مره أخرى ، ترامى الى ذهنى نفس السؤال الذى سأله أحد اصدقائى الغربيين " لم تتظاهرون بهذا العدد، لقد اعتقدنا انكم سعداء بحكومتكم و أنظمتكم "، يبدو أن الرؤية العامة للغرب الان تتغير بعد الصدمة، الان التى فوجئت بما حدث فى مصر و حدث و يحدث الآن فى ليبيا . فما حدث من هذه الهزات المتتابعة كفيل بان يعيد حسابات الجميع بخصوص القهر و الكبت الذى يعانى منه المواطنون العرب فى العديد من الدول العربية .
ليبيا بثورتها تختلف، و تتميز بحدة شرارتها التى أشعلت الثورة، فأكثر من اربعون عاما من القهر و الذل و الاذلال ستجعل هذه الثورة تختلف، ولكن يظل السؤال المهم هو لم يكرهون القذافى ؟
اقمت فى ليبيا عدة سنوات و ترعرعت فى مدينة مصراته الباسلة، نشأت على أن أرى الكره الدفين للقذافى فى عيون رفاقى فى الصف، و الخوف من البوح بهذا الكره، كنت أسمع عن كيف تتعامل اللجان الثورية مع كل يحاول ان يكون حرا برأيه و كيف يختف المصلون بعد صلاة الفجر فى ظروف غامضة . سطوة اللجان الثورية تجاوزت مجرد القاء القبض و تعذيب المعتقلين السياسين الى الاستيلاء على ممتلكات الأفراد لحساب الثورة و التى اتضح انها لحساباتهم الشخصية .
" القذافى " الاسم التابو – المحرم - الذى كان لا يجرؤ أحدا على ذكرة بل يستبدله بـ "الأخ العقيد " كان لا يزال مقرونا بالخوف و الرعب عندما غادرت ليبيا منذ أكثر من 10 سنوات، الآن لا ينفك اهل بنغازى عن اتهامة بالعمالة و الخيانة حينا و السرقة و الحقارة حينا آخر، فالقذافى بالنسبة لاهل بنغازى هو الجندى الذى اطلق النار على أكثر من 1200 معتقل سياسي فى معتقل ابو سليم ليقتلهم و يدفنهم و يصب عليهم أسمنتا ليبنى فوقهم سجنا آخر . و القذافى هو من اطلق الرصاص على ابناؤهم العزل اثناء تظاهرهم امام السفارة الايطالية منذ سنوات احتجاجا على خلفية الرسوم المسيئة للرسول الكريم . و القذافى هو من استخدم الرصاص الحى و القذائف المضادة للطائرات و الدبابات تجاه صدور اولادهم العزل فى معركة الكتيبة فى بداية هذه الثورة .
القذافى، لم يطلق الرصاص فقط على الصدور و الرؤوس و الاعناق ليقتل، و انما " نصب لنا المشانق منذ ان استولى على الانقلاب " هكذا قال هرم ليبى واصافا القذاقى، ليكمل " لقد سرق أموالنا و أملاكنا و طارد اولادنا و اعتقلهم، و عذبهم و أعدمهم "، كان الشيخ الهرم يعنى أن القذافى بكتابة الاخضر أباح أملاك الاغنياء، للفقراء و المستأجرين فـ " البيت لساكنة " أباحت للمستأجرين الاستيلاء على المساكن المؤجرة، فهو كساكن للمنزل أصبح مالكا ،و " الأرض ليست ملكا لاحد " أباحت للكثير بدءا بأفراد اللجان الثورية بالاستيلاء على الاراضى و المزارع و البساتين من اصحابها بحجة أنها ليست ملكا لأحد فهى ملك للشعب .
" شركاء لا أجراء " : هكذا ادعى القذافى للعامة فى اول خطاباته التى أعلنت الكتاب الأخضر، ليعلن أنه سيحول الجميع الى شركاء فى الشركات التى أعاد صياغتها الى " تشاركيات "، وهذا لم يحدث، بل اصدر قانونا بأن لا يزيد مرتب الفرد الليبى العامل فى الشركات عن 400 دينار ليبى .
القذافى يرى و سيلته فى تحقيق الديموقراطية عن طريق نظامة فقط فهو الوحيد الصالح دون جميع الانظمة فلا " ديموقراطية بدون مؤتمرات شعبية "، فهذا الزيف الذى ادعى وجود الديموقراطية عن طريق مؤتمراته الشعبية المزيفة يتناسى و يتجاهل، انه يعتقل يعذب و يقتل جميع المعارضين .
الشعب الليبى لم يكن يملك من أمره شيئا بدءا بالحرية و انتهاءا بسيادتة على ثروته، سياسته، فالقذافى و عصابته كانو هم المتحكمين المسيطرين، مناقضا مقولته " السلطة و الثروة السلاح بيد الشعب "، فلم تكن السلطة يوما بيد الشعب و شركات القذافى و ابناؤه و عصابته من اللجان الثورية هى المسيطرة على السلطة و الثروة، و السلاح كان بيد كتائبة الامنية .
" الشعب يحكم نفسة بنفسة " احدى مقولات القذافى، التى يضادها فعله فالشعب الليبى لم يحكم نفسة، فالقذافى لم يتورع عن تكذيب و نقض اقواله بافعاله الوحشية . فـ"لا حرية لشعب يأكل من وراء حدودة " لا تعنى ان القذافى حول ليبيا الى دولة مصدرة، قوية اقتصاديا بصادراتها و انما على مدى 42 سنه لم يكن ليهتم بتقوية ليبيا اقتصاديا قدر اهتمامة بسرقة ليبيا و استنزافها .
القذافى : أمم ممتلكات العديد من الأغنياء، فى ليبيا خصوصا معارضين، مملكا لجانه الثورية للممتلكات المصادرة من شركات، مبانى، اراضى، مزارع، فالكثير من مبانى بنغازى و مصراته و طرابلس و غيرها من المدن صودرت من اصحابها و ملاكها و بناؤها بحجة انها ملك للشعب ليتملكها اعضاء اللجان الثورية .
الطلبة الهاربون، هم الطلبة الذين تظاهروا ضد القذافى سابقا فى السبعينيات، مما حدا بالقذافى أن يعتقل عددا منهم ناصبا المشانق معدما لعدد منهم مما حدا بالعديد منهم الى الهرب الى امريكا و اوروبا لسنوات لتطال بعض ناشطيهم ايدى لجان القذافى الثورية بالقتل و الارهاب . فايدى اللجان الثورية تطال ايضا المعارضين و الناشطين متجاوزة الحدود الجغرافية كأنما يخاف ان يكونوا نواة لمعارضة تطيح به .
أهل ليبيا، بكم مهول من الحقد الدفين تجاه القذافى، عائلته، و لجانه الثورية يتراكم مترسبا تحت تأثير اكثر من 40 عاما لا ينسون أن القذافى، قد أهان بطلهم عمر المختار بأن نقل ضريحة من بنغازى الى بلدة سلوق النائية، هل خوفا من ايقاظ نار البطولة من جذوة المختار، أم هل اصابه جنون العظمة بأن عز عليه أن ير بطلا حقيقا فى المدينة ؟
لم ينسى أهل ليبيا ان القذافى دك بعض منازل اهليهم فى بعض المدن بالدبابات، لم ينسوا ان القذافى نعت اولادهم بعد أن اعدمهم و سحلهم فى بعض شوارع بنغازى قبلا بالكلاب الضالة، ارهابا للشعب ، من ان يجاهروا بحرية الرأى و التعبير فى حضرتة مره أخرى .
الاخبار المشوهة المشوشة التى لم تكن تصل من ليبيا، و الاهات المكتومة التى لم نكن نسمع يراها العالم الآن بالصوت و الصورة عن كيف تعامل القذافى مع شعبه طوال هذه السنوات . فهل يكفى هذا كأجابة ردا على لم يكرهون القذافى و هل يرد على المصدومين " لقد كنا نعتقد أنكم سعداء مع أنظمتكم "
، لا ديموقراطية بدون مؤتمرات شعبية " ، " القانون لا يحمى المغفلين "، " السيارة لمن يقودها "، " البيت يخدمة أهله "، " السلطة و الثروة و السلاح بيد الشعب "، " شركاء لا أجراء "، " لاحرية لشعب يأكل من وراء حدودة " ، " الشعب يحكم نفسه بنفسه "
فالشعب الليبى لا ينسى أنه عوقب لسنوات من دول العالم بسبب جرم لم يرتكب، فى حين تجاهل العالم آهاته و جروحة النازفة
http://dostor.org/opinion/11/march/13/38035
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق