13 مايو 2012

من يحكم مصر و لحساب من ؟- 28 - العائلات التي تسيطر علي السياسة و الإقتصاد


من يحكم مصر و لحساب من ؟- 28 -
العائلات التي تسيطر علي السياسة و الإقتصاد
ربما لأن مصر نضبت من الكفاءات السياسية وأصبح الإبداع محصورًا فى عائلات بعينها، ومن المحتمل أن تكون هذه الأسر تتمتع بجين وراثى يربطها بالكراسى
الوزارية، حتى أننا نجد فى الحكومة الحالية أكثر من أربعة وزراء ينتمون بصلة القرابة إلى بعضهم البعض.. التساؤلات تدور فى الذهن، لماذا تتكرر أسماء عائلات بعينها مع كل تشكيل وزارى بحيث أصبحت عائلات "غالى وعبيد وأباظة ومحيى الدين وعثمان" موجودة فى كل حكومة جديدة؟، ولكى لا نلقى الاتهامات جزافًا لابد أن نستعرض تاريخ هذه العائلات فى الحياة السياسية المصرية.. ولنبدأ بعائلة محيى الدين التى تمتلك حتى الآن خمسة أسماء فى تاريخ وزارات مصر وآخرها الدكتور محمود محيى الدين الذى يحمل حقيبة الاستثمار وهى وزارة مستحدثة فى وزارة الدكتور أحمد نظيف، كما يعتبر محمود محيى الدين أصغر وزير يمارس السياسة منذ الصغر ويشترك فى ذلك مع عميه زكريا محيى الدين نائب رئيس الجمهورية الأسبق, وخالد محيى الدين مؤسس حزب التجمع وإن كان يختلف معه فى الانتماء حيث ينتمى خالد إلى الاشتراكية وهو أحد أقطاب ثورة يوليو بينما محمود محيى الدين ينتمى إلى الاتجاه الليبرالى فى التفكير السياسي, ويشترك مع عمه الراحل فؤاد محيى الدين رئيس وزراء مصر السابق فى تركيز الاهتمام على الاقتصاد بعيدًا عن الناحية الاقتصادية.. ويذكر أيضًا أن والدة الدكتور صفوت محيى الدين كانت نائب البرلمان عن دائرة "كفر شكر".. وقد شغل خالد محيى الدين مؤسس حزب التجمع ورئيسه السابق مناصب عديدة أغربها رئاسة الوزارة لمدة يوم واحد سنة 1954.. وانتقالاً إلى عائلة غالى التى شغلت العديد من المناصب الوزارية ابتداءً ببطرس غالى الجد الأكبر الذى وضع اللبنات الأولى لإسهام عائلة غالى فى الساحة السياسية عبر دوره الفعال فى البرلمان خلال النصف الأول من القرن العشرين وبناؤه للعائلة الارستقراطية ذات التوجه الوطنى ، فسرعان ما أطل نجم جديد من العائلة هو الدكتور بطرس بطرس غالى الذى شغل حقيبة وزارة الخارجية فى الثمانينيات ثم قفز فى أوائل التسعينيات إلى أعلى أفق دبلوماسى دولى حين شغل منصب سكرتير عام الأمم المتحدة، وها هو آخر العنقود د. يوسف بطرس غالى يحمل حقيبة المالية فى الحكومة الجديدة بعد ما كان وزيراً للاقتصاد فى التشكيلات السابقة.. ـ عائلات سياسية وقد أعادت حكومة نظيف الحالية الوزارة إلى آل أباظة أكبر عائلة أرستقراطية بمحافظة "الشرقية" بالدلتا (ومنها الأديب الراحل ثروت أباظة والوزير الأسبق للكهرباء ماهر أباظة والنجم السينمائى الراحل رشدى أباظة)، وذلك من خلال (أمين أباظة).. أيضا عادت الوزارة لآل الجبلى على يد حاتم الجبلى وزير الصحة والسكان، وفضلاً عن كون "الجبلية" من العائلات الأرستقراطية فإن والده مصطفى الجبلى كان فى الماضى وزيراً للزراعة.. أما زهير جرانة وزير السياحة فقد أعاد لآل جرانة مجدهم السياسي, فهم بعد أن حافظوا على ثرواتهم طوال عهد ثورة 1952 وإلى الآن كانوا من الوزراء فى عهد الملك فاروق آخر ملوك مصر، فجده الباشا وكان اسمه زهير أيضاً كان وزيرا فى عهد فاروق، وإن كان شغل حقيبة الشئون الاجتماعية والمواصلات حيث لم تكن ثمة حقيبة للسياحة آنذاك, وقد عجزت النخبة عن فهم هذا المنطق العائلى فى تشكيل الحكومة، ورأته أقرب إلى المنطق القبلى غير المفهوم فى مبرراته، فإن كان ثمة من يلتمس المبررات فى إفساح المجال لرجال الأعمال ليصيروا وزراء فى عصر يصبغ على رجال الأعمال قداسة المخلص من كل الأزمات، فما المبرر فى اختيار أبناء كبريات العائلات الأرستقراطية لسدة الآلة التنفيذية فى مصر؟ صحيح أن العائلات الكبيرة فى مصر كانت لها رموزها فى نضال مصر ضد الاحتلال البريطانى والاستبداد الملكى قبل ثورة 1952، لكن لماذا يعتنق النظام هذا المبدأ القبلي؟, فخمسة رجال أعمال صاروا أعضاء فى الحكومة كان أسبقهم إلى السلطة هو رشيد محمد رشيد الذى يمتلك مصانع لأحد أنواع الشاى الشهيرة المحلية، ويشغل منصب وزير التجارة والصناعة، واحتفظ بوزارته فى الحكومة الجديدة رشحته الشائعات لشغل منصب رئيس الوزراء ذاته!.. ـ عائلات صداقة المصادر تقول إن تشكيل الحكومة فى مصر يختلف عن معظم دول العالم, وضربوا مثلاً بالدكتور عاطف عبيد رئيس الحكومة السابق والذى كان له صديقا مقربا عندما كان وزيرا لقطاع الأعمال وكان يثق فى رأيه دائما وهو الدكتور مختار خطاب وزير قطاع الأعمال فيما بعد وعندما أصبح الدكتور عبيد رئيسا للوزراء فى نهاية عام 99 اختار صديقه الحميم وبئر أسراره, ومستشاره الخاص ليكون خلفه فى وزارة قطاع الأعمال.. الكثير بالوزارة فى ذلك الوقت فسر ذلك لعدة أسباب.. وجاء اختيار الدكتور مصطفى الرفاعى وزير الصناعة السابق ليضيف المزيد من الجدل، فقد كان ابن عمه الدكتور عاطف عبيد, ولم يكن الدكتور عبيد هو الأول فى هذه السابقة فقد سبقه الدكتور عاطف صدقى رئيس مجلس الوزراء الأسبق فى نفس التجربة عندما عيّن الدكتور على عبدالفتاح المخزنجى وزيرا للصحة فى وزارته الثانية وهو ابن خالته, ففى حديث صحفى للرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1965 قال إن 16 عائلة فى مصر كانت تملك السلطة السياسية قبل الثورة ومن هذه العائلات خرج معظم رؤساء الوزارات والوزراء فى العصر الملكى عدا الفترة التى تولى فيها الوفد الحكم والحقيقة أن هذا الأمر لم يتوقف بعد ثورة 23 يوليو التى جاءت لتنقل كل شيء إلى الطبقة الوسطى والمطحونة كما كان يؤكد قاداتها بل واصلت عائلات أخرى كثيرة على الواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى المصرى منذ الثورة حتى الآن.. ـ شبكة عنكبوتية وفى دراسة أجرتها سامية سعيد إمام وصدرت فى كتاب يحمل عنوان: "من يملك مصر" أشارت إلى وجود شبكة واسعة من علاقات المصاهرة والنسب وعلاقات الدم بين مجموعة هائلة من العائلات المصرية التى استحوزت على السلطة والنفوذ والثروة معا فى آن واحد.. ومن هذه الشبكة عثمان أحمد عثمان وسيد مرعى وأنور السادات ومصطفى كامل السعيد وعائلة شلبى وأحمد يوسف الجندى وعائلة لهيطة وحسن عباس زكى وعائلة حسبو وعبدالمنعم الصاوى وحسب الله وعبدالمقصود وعرفة والقواس وعجرمة, وقد بلغ نفوذ عثمان أحمد عثمان فى عهد السادات لدرجة أنه أصبح دولة داخل دولة, خصوصًا بعد أن تزوج ابنه من كريمة الرئيس السادات ومن الغريب أن شركة المقاولون العرب الأم كانت على الورق جزءاً من القطاع العام لكنها ساهمت فى مجموعة من الشركات كانت أغلبيتها مملوكة للقطاع الخاص وفى الحقيقة فإنها تحولت إلى إقطاع عائلى وحتى الشركة الأم فلقد كانت نظرة واحدة إلى تكوين مجلس إدارتها كفيلة بأن تلقى أضواء كاشفة على الحقيقة، كان التشكيل طبقا لسجلات سنة 1980 على النحو التالى عثمان أحمد عثمان رئيسا فخريا للشركة، حسين عثمان رئيس مجلس إدارة شقيق عثمان أحمد عثمان، صلاح حسب الله نائب رئيس مجلس إدارة ابن شقيقة عثمان أحمد عثمان, عباس صفى الدين نائب رئيس مجلس إدارة زوج ابنة شقيقة عثمان أحمد عثمان, ويحيى أبوالغيط نائب رئيس مجلس إدارة زوج ابنة عثمان, ومحمد حلمى عبدالمجيد نائب رئيس مجلس إدارة صديق مقرب من عثمان ومحمد محمود نائب رئيس مجلس إدارة وصديق مقرب من عثمان ومحسن أبوجبة عضو مجلس إدارة زوج ابنة شقيقة عثمان, وحسن ناصف عضو مجلس إدارة ابن خالة عثمان, ومحمد رفعت عضو مجلس إدارة زوج ابنة شقيقة عثمان أحمد عثمان, وسامح حسب الله عضو مجلس إدارة ابن شقيقة عثمان وعادل أيوب مدير عام بالشركة ومدير مكتب رئيس مجلس الإدارة وابن شقيقة عثمان.. أما المهندس سيد مرعى فقد أصبح من أشهر السياسيين والدبلوماسيين فبعد أن كان عضوا بالحزب السعدى قبل الثورة وفور استتباب الأمور ذهب وهنأ الثوار وبارك الثورة ليصبح بعد ذلك وزيرا للزراعة واستصلاح الأراضى ثم يرافق الرئيس السادات لمؤتمر القمة العربية الذى عقد فى الجزائر فى ديسمبر 1973 ورئيس لجنة الاحزاب ورئيس مجلس الشعب ومساعد رئيس الجمهورية فى نهاية عام 1980 كل ذلك كان نتاجا لارتباط المصاهرة والزواج من أربع عائلات من جملة 13 هم أعضاء مجلس قيادة الثورة فقد كان هناك روابط مصاهرة بين عائلتى مرعى ومحيى الدين إذ كان إبراهيم ابن فاطمة وهى كبرى بنات حسنين مرعى متزوجة من ابنه عمر زكريا محيى الدين وتزوج جمال شقيق إبراهيم مرعى من سامية محيى الدين شقيقة زكريا وتزوجت مها شقيقة إبراهيم وجمال مرعى من سيد محيى الدين شقيق زوجة إبراهيم مرعى.. وهذا النموذج من التشابك العائلى عن طريق المصاهرة كان أحد أسباب تعيين سيد مرعى وزيرا للزراعة عام 1957 بل إن عائلة مشهور مثلا التى ارتبطت مع أسرة مرعى بروابط المصاهرة استفادت هى الأخرى من هذه الروابط العائلية وقد كان لمشهور أحمد مشهور رئيس هيئة قناة السويس الأسبق نفوذا كبيرا فى عهد السادات.. واستفاد سيد مرعى من علاقات المصاهرة العائلية بين عائلته وعائلات خالد وزكريا محيى الدين كما حرصت العائلة على المصاهرة من عائلة على صبرى وعائلة وجيه أباظة أحد الضباط الأحرار وكذلك بعائلة كمال الدين حسين وفى مطلع الستينيات تزوج محمد نصير وهو من عائلة مرعى من ابنة عبداللطيف البغدادى وتوج سيد مرعى هذه الشبكة من العلاقات العائلية عن طريق المصاهرة بزواج ابنه حسن من نهى ابنة الرئيس السادات. ـ
المستثمرون الجدد وتكررت هذه الشبكات فى الحكومة الحالية، فالمغربى وزير السياحة هو بالأساس مستثمر ورجل أعمال فى مجالات السياحة والفنادق والمقاولات وتشييد المستشفيات الاستثمارية، وزهير جرانة هو رجل أعمال نشط يملك إحدى شركات السياحة الكبيرة، وحاتم الجبلى يملك مستشفى دار الفؤاد الاستثمارى الذى يعالج فيه المشاهير (منهم الرحل أحمد زكى على سبيل المثال)، ومحمد لطفى منصور وزير النقل يملك توكيل سيارات ومركبات شيفروليه فى مصر..
 وبداية من وزير السياحة السابق والإسكان الحالى أحمد المغربى الذى تُعد عائلته من كبريات العائلات الاقتصادية فى مصر وأكثرها ثراء وهو قريب زهير جرانة وابن خالة محمد منصور وزير النقل فيما يوحى بأن العائلة كلها من الوزراء.. وأنشطة المغربى متعددة فى مجال السياحة حيث تملك شركة أكور للفنادق قبل اختياره وزيرا إلى جانب فنادق "سوفيتيل ونوفوتل وايتاب وآكور" وشركات بولمان واكسبريس للنقل السياحى كما تردد على لسان البعض أنه مدين للبنوك بحوالى 3 مليارات جنيه وتوقف عن السداد إلى جانب كونه شقيق الدكتور عاكف المغربى صاحب شركات المغربى للعيون الشهيرة وهما أبناء طبيب شهير بالزقازيق عمل بالسعودية وأقام بها وأنشأ كل هذه الثروة..
أما قريب أحمد المغربى فهو زهير جرانة والذى ساعد المغربى أثناء توليه السياحة ووزيرها الحالى ، وجرانة هو رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركات تاروت جرانة للنقل السياحى وشركة ميروتك للفنادق العائمة وشركة رويال للاستثمار والتنمية السياحية.. وليت الأمر توقف عند هذه الحد بل هو مالك وعضو مجلس إدارة شركة أزولا لإدارة الفنادق والمنتجعات السياحية إلى جانب كونه نائب رئيس مجلس إدارة شركة السد العالى للبواخر منذ عام 1995م وحتى عام 2000م.. وتوحى هذه المعلومات أن وزيرى السياحة السابق والحالى يسيطران على أكثر من 70% من الفنادق الموجودة بمصر ومعظم شركات النقل السياحى كما أن اختيار المغربى لجرانة لكى يكون مساعدًا له يفتح الشبهات حول كيفية استفادة الطرفين فى شركاتهما الخاصة من هذه المناصب الرفيعة..
وانتقالا من المغربى وجرانة إلى ابن خالتهما محمد لطفى منصور وزير النقل والذى صنفه البعض على أنه "حوت اقتصادى" حيث إن أنشطته تبدأ من امتلاك السيارات إلى السجائر إلى المطاعم وأخيرًا التكنولوجيا المتطورة وأجهزة الكمبيوتر.. ومنصور هذا هو صاحب توكيلات سيارات "شيفروليه" و"أوبك" ومحطات بنزين "موبيل" وسيارات "إيسوزو" إلى جانب سجائر "مارلبورو" و"ميريت" و"إل إم" إلى جانب سوبر ماركت "مترو" ومعدات "كاتربيلا" وإطارات "ميشلان" إلى جانب كمبيوتر "أسر" و"إتش بى".. بما يمثل احتكارا للعديد من توكيلات السيارات وخدماتها من بنزين وإطارات.. ومن جهة أخرى يزوج محمد لطفى بنت الوزير منصور حسن الذى بدوره متزوجًا من بنت محمد عبد الوهاب أستاذ الأشعة الشهير ورئيس مجلس إدارة دار الفؤاد وكايرو سكان, والغريب أن الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة يعمل فى هذه المستشفيات عضوًا منتدبًا بما يجعلنا نستغرب حول هذه الشبكة من العلاقات وكيفية التعامل مع بعضها البعض..
وانتقالا إلى أكثر الأسماء ترددا حول توليها رئاسة الوزراء القادمة خلفًا للدكتور أحمد نظيف.. إنه الدكتور "رشيد محمد رشيد" وزير التجارة والصناعة والذى تعودنا منه الشياكة والأناقة كوزير فى الحكومة إلا أنه أيضا "شيك" فى النشاط الاقتصادى حيث تملك شركات معظمها منظفات فهو صاحب شركة سيلفر وصابون أومو وبعض شركات التجميل ومستحضرات ريكسونا وشامبو صن سيلك ومستحضرات تجميل (أكس) إلى جانب شاى ليبتون وشاى بوندز.. من جهة أخرى يملك مرقة دجاج "كنوز" وشركة "فاين فودز".. ـ اقتصاد رأسمالي ورجال الأعمال هؤلاء جاءوا إلى مجالات تمس مباشرة التوجه "الاقتصادى الخدمي"، فتسلموا حقائب الصحة والسياحة والتجارة والصناعة والإسكان والنقل، وفى الوقت ذاته ثمة حزمة قوانين وتشريعات سيتعين على مجلس الشعب إنجازها فى السنوات الخمس الآتية, الخبراء أكدوا أن التشكيل القادم سيكون خليطاً من أبناء العائلات الأرستقراطية الثرية العريقة، ورجال الأعمال والمستثمرين، والشركاء فى "البيزنس" وأصحاب القرابات العائلية، فهل بإمكان هؤلاء أن يستشعروا النبض الاجتماعى فى برنامج مصر الاقتصادى السياسى الجديد؟!

ليست هناك تعليقات: