7 نوفمبر 2011

دول المذهب الباطني الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي


دول المذهب الباطني
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

وكان هذا هو الوجود الظاهري لهذه الفرقة، كدول في القسم الشرقي من العالم الإسلامي، حيث كانت هناك دول منها القرامطة في نفس الوقت، وفي نفس التاريخ، وبنفس الفكرة والهدف، القرامطة كانت منهم قرامطة الشام وقرامطة العراق الذين دوخوا الخلافة سنين عديدة، وأيضاً انتشروا في فارس ثم في البحرين التي هي شرقجزيرة العرب ، وليست الجزيرة المعروفة اليوم، وهناك أسسوا دولة لهم قوية كانت معاصرة في تأسيسها لدولة العبيديين أيضاً، والقرامطة هؤلاء وهم من نفس الفئة منالرافضة الغلاة -أي: من الباطنية - هم الذين انتقموا من المسلمين في سنة (317هـ) عندما جاءوا إلى مكة ودخلوا البيت الحرام واستحلوه في يوم التروية، وقتلوا الحجاج وألقوا بجثثهم في بئر زمزم، وكان الخبيث زعيمهم يقتل الناس ويقول:
فقتلهم عند الكعبة، وكان أصحابه يقولون لمن يقتلون من المسلمين: تقولون في دينكم: إن الله يسلط العذاب على من يقتل أو من يستحل هذا البيت، فأين الطير الأبابيل وأين الحجارة من سجيل؟
وجاء أشقاهم وجعل يضرب الحجر الأسود، ويقول: أين الطير الأبابيل، أين الحجارة من سجيل؟
ثم أخذوا الحجر واقتلعوه وذهبوا به إلى البحرين التي هي اليوم تسمى الأحساء وبقي هنالك (22 سنة).
هذا ما حصل منهم، وحصل منهم أيضاً إباحة الأموال والدماء والفروج فيما بينهم، وكذلك استباحوا حرمات الأمة، وانقطع الحج سنين عديدة، فكان ركب الحجاج يخرج من بغداد ومعه قوة تحميه، فيأتوا فيقطعون عليه الطريق ويقتلون القوة ويستبيحون أولئك الحجاج، ويمنعونهم من الذهاب إلى مكة ، وحصل ذلك في سنوات عديدة، كما هو مفصل في التاريخ.
وقد قامت هذه الطائفة بهذا العمل الحاقد انتقاماً لبيت النار المجوسية ، وثأراً وتشفياً في بيت الله الحرام، الذي هو رمز لدين الحنيفية الذي جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان الأمر هو تحقيقاً لما قاله عبد الله بن مقفع من قبل، وهو من أحد المؤسسين للفكر الباطني المجوسي، حينما مر عبد الله بن مقفع على بيت من بيوت النار، والنار مشتعلة فيه فتذكر دين آبائه وأجداده المجوس، فتمثل ببيتين للشاعر الأحوص يقول فيها:

فيقول: أنا أمر من عند النار وأظهر بأني أصد عنها، ولكنني مع صدودي فإن قلبي معلق بها، وهؤلاء القوم هذا هو حالهم فجميع فرق الباطنية قلوبهم متعلقة بـالمجوسية وبـاليهودية ، ويريدون أن يثأروا من هذا الدين -دين الإسلام الحنيفية السمحة-
 وبعد فترة خضعت أيضاً الحجاز والبلد الحرام للباطنية اليمنيين -الدولة الباطنية التي قامت في اليمن - ولكم أن تتعجبوا كيف تقوم في وقت واحد دولة باطنية في مصر وبلاد الشام ، ودولة باطنية في شرق العالم الإسلامي، ودولة باطنية في اليمن في نفس الفترة، هذا بلا شك يجب أن نقف عنده وقفةً مهمة، لنعلم أن الأمر ليس صدفة عابرة، ولكنه تخطيط ومؤامرة كبيرة تعاون فيها اليهود والنصارى والمجوس وأشباههم، ففي وقت واحد تقوم هذه الدول في كل مكان ويكون لها نفس الهدف.
فما إن ذهب القرامطة إلا وخضعت مكة فترات من الزمن للصليحيين وهم من الباطنية اليمنيين،
 ثم قامت بعد ذلك دولة مشهورة للباطنيين وهي دولة الحشاشين في قلعة الموت المشهورة في بلاد فارس ، ونشأت من هذه الدولة فرقة خبيثة وهي من بقايا العبيديين، ولما قضى صلاح الدين الأيوبي رحمه الله على العبيديين وعلى دولتهم المسماة بالدولةالفاطمية ، فقامت لهم بقية في بلاد إيران وسموا بـالحشاشين ، وفرقة منهم تسمى الكداوية أو الفدائيين.
وهؤلاء الحشاشون سموا بذلك لأنهم كانوا يستخدمون الحشيش، والمعروف في تاريخ الحشيش أن أول من استخدم وعرف الحشيش هم: الصوفية الهند ، فلهذا سميت شجرة الحشيش حشيشة الفقراء، ثم اختصرت وسميت الحشيشة، لأنهم كانوا يعيشون في الغابات ولا يعيشون مع الناس، ويقولون: نتعبد ونسيح في الأرض ونصوم، فما كانوا يأكلون إلا من هذه الشجرة، فكانوا إذا أكلوا منها تعطيهم الخيالات البعيدة والأحلام التي تنسيهم ذلك الواقع المؤلم، ولذلك سميت حشيشة الفقراء.
وكما تعلمون أن كلمة فقير تطلق على الفقراء أوالمتفقرة وهي من الأعلام التي تطلق على الصوفية .
وتعلَّم الباطنية من الصوفية هذا الشيء وعرفوا هذه المادة -الحشيش- واستخدموها وكانوا يأتون بالرجل من العوام أو ما أشبه ذلك -لا سيما إذا كان لهم تأثير في العامة- فيخدرونهم بهذه المادة وما أشبهها، ثم يدخلون به إلى بستان ضخم طويل عريض، وفيه الجواري والغناء وفيه المياه، وكل ما يتخيله الإنسان ويحبه، ويقولون له: هذه الجنة، ويجد الإمام فيها، فيقولون: هذا الإمام المستور وهذه هي الجنة، ويدخلونه وهو مبنج فيفيق فيجد هذه المناظر المهيبة الغريبة، ثم بعد ذلك يخرج إلى الخارج ويفيق فيقولون له: ماذا رأيت؟
فيقول: رأيت الإمام، ورأيت الجنة ورأيت الحور العين، فيقولون: أدخل في طاعة هذا الإمام وبايع هذا الإمام أنت ومن معك، وبهذه الطريقة وأمثالها من الحيل الكاذبة استطاعوا أن يجمعوا أعداداً كبيرة من الغوغاء ومن العوام، والفرقة المعروفة منهم بالفدائيين كانت سيفاً رهيباً مسلطاً على المسلمين، فكم قتلوا من علماء، وكم اغتالوا من أمراء ومن قادة، حتى أن بطل الإسلام في ذلك الزمن وهو صلاح الدين الأيوبي تعرض لأكثر من مرة لاغتيال أولئك الفدائيين، ولكن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يحميه، وغيره قد وقع وقد سقط ضحية لهؤلاء المجرمين.
هذا هو الجانب العملي أو الجانب الواقعي لهذه الدول. 
موقع الشيخ الدكتور سفر الحوالي – حفظه الله

ليست هناك تعليقات: