8 يناير 2012

النص الكامل لملخص تقرير لجنة تقصي الحقائق حول ثورة 25 يناير –11-


النص الكامل لملخص تقرير لجنة تقصي الحقائق حول ثورة 25 يناير –11-

و تنوه اللجنة إلى ضرورة الاھتمام بالمسائل الآتية على وجھ الخصوص-:
1- تطوير علاقة الشرطة والشعب- :
من المسلم بھ أنھ لا توجد دولة بدون شعب ولا يتصور دولة بدون شرطة ، فالعلاقة متلازمة
بين الاثنين . وقد تمر ھذه العلاقة بفترة جفاء تصل إلى العداء أحياناً ، ومع ذلك فلا يمكن
الاستغناء عن وجود الشرطة كمؤسسة من مؤسسات الدولة . و ينبغي التفرقة في ھذا المقام
بين الشرطة كمؤسسة والشرطة كأفراد : فالشرطة كمؤسسة لا غنى عنھا وھي ركن أصيل من
أركان الدولة أما الشرطة كأفراد ففيھا الصالح والطالح ، فالصالح نأخذ بيده والطالح نأخذ على
يده ونبعده عن شرف الانتساب إليھا ، فلا يؤخذ أحد بجريرة الآخر.
وإذا كانت ھناك خطايا وأخطاء من بعضرجال الشرطة في الحقبة الماضية فھذا يحتم
مجازاتھم ، وأن يقول القضاء فيھم قولتھ ، إلا أنھ لا يجوز تعميم الانطباع السلبي الذي خلفھ
سلوك ھؤلاء على جميع رجال الشرطة ، فمنھم قطاع كبير من الشرفاء الذين أحسنوا العمل
والمعاملة مع المواطنين.
وينتظر من الشرطة المصرية في العھد الجديد تطبيق شعار ( الشرطة في خدمة الشعب )
تطبيقاً واقعياً ملموساً تعيشھ الجماھير العريضة من الشعب المصري ، و إعادة ھيكلة أجھزتھا
لملء الفراغ الأمني الذي حدث أثناء ثورة 25 يناير ، والتطلع إلى تحديث أساليب العمل
البشرية والتقنية.
ومطلوب من الشرطة المصرية أيضاً إدراك التفرقة بين حماية النظام وحماية الدولة أو أمن
النظام وأمن الدولة إذ ما زال الكثير لا يميز بين الدولة والحكومة ، ويستخدم مصطلحات كثيرة
على غير مقتضاھا . فأمن الدولة في عھده السابق لم يكن أمن دولة بل أمن نظام
حكم ، وينبغي دائماً على الأجھزة الرسمية أن تتحرى مشروعية السلوك وألا تبرر التجاوزات
بدعوى لزوميتھا للمھمة الموكولة إليھا.
وھذا يتطلب إعادة تأھيل رجال الشرطة وزيادة معلوماتھم الثقافية والقانونية و الاجتماعية
وأن تتفرغ لعملھا الأصيل وھو الأمن بمعنى منع ارتكاب الجريمة وكشف الجرائم وملاحقة
المجرمين وكذلك الحفاظ على السكينة العامة والصحة العامة ، والعناية بالتدريب والتحديث
ومن ثم يجب أن تتصدى الشرطة أولاً قبل أي جھة أخرى لمحاولات إقحامھا في أعمال ليست
من صميم اختصاصھا حتى لا تتحمل أوزار غيرھا.
ومن ناحية أخرى ينبغي أن تعود الثقة لتحكم العلاقة بين الشرطة والشعب . فالشرطة لن
تستطيع أن تقوم بمھامھا في صيانة أمن المجتمع إلا إذا سادت الثقة في العلاقة بينھما وھو
الأمر الذي لن يتأتى إلا بإعادة النظر في الممارسات غير المشروعة التي كانت ترتكب في
بعضمقار وأقسام ومراكز الشرطة قبل المواطنين من تعذيب واعتقال بدون سند قانوني.
صحيح أن القانون يجرم استعمال القسوة والتعذيب في المادتين 129 ، 126
من قانون العقوبات فقد نصت المادة 126 على عقوبة السجن المشدد أو السجن ثلاث سنوات
إلى عشر سنوات لكل موظف أمر بتعذيب متھم أو فعل ذلك لحملھ على الاعتراف فإذا
مات المجني عليھ يحكم بالعقوبة المقررة للقتل العمد . ونصت المادة 129 على معاقبة كل
موظف استعمل القسوة مع الناس اعتمادا على وظيفتھ " بحيث اخل بشرفھم أو احدث إيلاما
بأبدانھم وذلك " بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيھ " غير أن
الأمر يحتاج إلى إعادة النظر في ھاتين المادتين بتوسيع نطاق " النموذج التشريعي للجريمة
المنصوص
عليھا في المادة 126 لتشمل الموظف الذي يقبضعلى أحد غير المشتبھ فيھ ويقوم بتعذيبھ
للإدلاء بمعلومات عن المشتبھ فيھ الھارب للقبضعليھ أو لإجباره على الاعتراف على نفسھ
أو تعذيب شاھد لإجباره على الشھادة على نحو معين . فتلك لا تقل جسامھ عن النموذج
التشريعي المنصوصعليھ في المادة 126 وتتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمناھضة التعذيب.
ومن ناحية أخرى تشديد العقوبة لجريمة استعمال القسوة سالفة الذكر.
وكذلك من المعلوم انھ لا يجوز احتجاز أو حبس أي إنسان إلا بإذن قضائي وفى الأماكن
المحددة قانونا لذلك إلا انھ تردد انھ توجد أماكن غير تلك المحددة قانونا|
يسجن فيھا مواطنون خاصة في مقار جھاز مباحث امن الدولة ويتعين بكل حزم احتراما لحقوق
الإنسان وحتى تعود ثقة المواطنين في جھاز الشرطة أن تزول ھذه الممارسات
غير القانونية من عمل الشرطة.
2- الانتخابات بالقائمة:
تھيب اللجنة الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة وھذا ما قالھ المجلس القومي لحقوق
الإنسان في توصياتھ ففي المفاضلة بين نظامي الانتخاب الفردي و الانتخاب
بالقائمة يلاحظ أن لكل من النظامين ميزاتھ وعيوبھ ، فنظام الانتخاب الفردي
يتميز بسھولة تطبيقھ حيث لا يختار الناخب إلا مرشحا واحدا ثم أن الناخب
–نظرا لصغر الدوائر الانتخابية – يمكنھ معرفة المرشحين و تقدير
كفاءتھم و بسبب صغر الدائرة أيضا يكون النائب اقدر على معرفة رغبات الناخبين و تحقيق
صوالحھم وفضلا عن ذلك يتيح نظام الانتخاب الفردي الفرصة لتمثيل أحزاب الأقليات التي قد
يكون لھا أغلبية في دائرة معينة و من ثم يتسنى لمرشحھا الفوز أما لو كان الانتخاب بالقائمة
فان فرصتمثيل أحزاب الأقلية في المجلس النيابي تكون ضئيلة في ھذه الحالة و أخيرا في ظل
الانتخاب الفردي يتقلصدور الأحزاب السياسية فى اختيار المرشحين ومن ثم تتاح الفرصة
لتمثيل المستقلين و الشخصيات ذات الثقل الجماھيري التي لا تنتمي لحزب معين وعلى العكس
من ذلك فى نظام القائمة يجھل شخصية المرشحين بسبب ضخامة الدائرة الانتخابية و كثرة
عدد المرشحين فى كل قائمة الأمر الذي يصعب معھ المفاضلة بين المرشحين فى القوائم
المختلفة ويؤخذ على نظام الانتخاب بالقائمة أن الأحزاب السياسية ھي التي تضع القوائم
وكثيرا ما تلجأ وضع ابرز مرشحيھا على رأس القائمة لجذب الناخبين و تعقبھ بأسماء
لمرشحين اقل منھ كفاءة أو معدومي الكفاءة الأمر الذي يترتب عليھ خداع الناخبين فضلا عن
أحكام الأحزاب السياسية رقابتھا على المرشحين و التقلقل من فرص المستقلين في الفوز في
الانتخابات بالقائمة.
والحقيقة أن نظام الانتخابات بالقائمة ھو الذي لھ الغلبة في النظم الانتخابية المعاصرة ويرجع
ذلك إلى عدة أسباب فنظام الانتخاب بالقائمة يعمل على تقوية الأحزاب السياسية وتأكيد دورھا
في المعترك السياسي فالمفاضلة في الانتخابات بالقائمة ليست بين أشخاصبل بين البرامج
الحزبية وفضلا عن ذلك فالانتخاب بالقائمة يحرر النائب من قيود المجاملة والخدمات
الشخصية للناخبين ويمنح النواب حرية أكبر في التركيز على كبريات الأمور ثم أن نظام
الانتخاب بالقائمة يعطى الفرصة للأحزاب السياسية في أن تضع على قوائمھا الكفاءات الفنية
التي لا يمكن أن تفوز في الانتخابات الفردية رغم كفاءتھا العالية وأخيرا يضاعف نظام القائمة
من أھمية الناخب إذ يشركھ في اختيار عدد من النواب بدلا من نائب واحد والحقيقة أن
المفاضلة بين ھذين النظامين تتوقف على طبيعة كل دولة وطبيعة شعبھا ففي بريطانيا
والولايات المتحدة الأمريكية مازال النظام الفردي ھو المطبق فيھما وما ذلك إلا لان المواطنين
قد تعودوا عليھ وألفوه وفھموا آلياتھ وفى مصر توصى لجنة تقصى الحقائق بالأخذ بنظام
الانتخاب بالقائمة لأنھ أقدر الأنظمة على تمثيل الرأي العام المصري.
3- الحق في التجمع السلمي
الحق في التجمع السلمي ھو حق الإفراد في اجتماعھم حول رأى أو تيار فكرى أو سياسي
يتبادلون في إطاره أفكارھم وإعلانھا للغير مھما كانت طالما لم تمثل تھديدا أو إرھابا للمجتمع
أو أمنھ أو خطرا على سلامھ أفراده أو مؤسساتھ.
وتكرس المادة 54 من الدستور المصري لعام 1971 ھذا الحق حيث تقضى بأن " للمواطنين
حق الاجتماع الخاصفي ھدوء غير حاملين سلاحا دون حاجة إلى إخطار سابق ولا يجوز
لرجال الأمن حضور اجتماعاتھم الخاصة والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في
حدود القانون " وتكرر النصذاتھ في المادة 16 من الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس
الأعلى للقوات المسلحة ويوفر حق التجمع السلمي الساحة لممارسة العديد من الحقوق
السياسية الأخرى منھا حرية التعبير والحق في الانتماء إلى الجمعيات وحق المشاركة في
تسيير الشأن العام فضلا عن امتداده إلى الحق في الحياة في حالة مواجھة الإفراط في استعمال
القوة المسلحة لإجھاضالتجمع السلمي
وبمراجعة قانون الاجتماعات العامة والمظاھرات في الطرق العمومية رقم 14 لسنة 1923
الذي وضع إبان الاحتلال البريطانى ومازال ساريا حتى الآن نجد أن المشرع المصري انحاز
تماما لنظام الترخيصوھو ما يخالف طبيعة حرية التظاھر التي تستلزم الأخطار وليس
الترخيصفضلا عن أن الاعتبارات التاريخية التي قام عليھا ھذا القانون لم تعد قائمة في الوقت
الحالي إذا أن البلاد تحررت من الاستعمار البريطاني منذ زمن بعيد فضلا عن أن مطالعة
الدستور المصري القائم تفيد عدم مناسبة آلية الترخيص لتنظيم حرية التظاھر.
وبتأمل قانون الاجتماعات العامة – السابق ذكره - يلاحظ أن المشرع المصري لم يكتف بالإذن
السابق قيدا على ممارسة حق التظاھر ولكنھ أوجد رقابة محكمة ذات بعدين (سابقة ومعاصرة)
على المظاھرة المزمع قيامھا بل أن محاكمة المتظاھرين تفتقد إلى الضمانات المعروفة في
المحاكمات الجنائية فبمقتضى المادة 11 من قانون الاجتماعات العامة المصري فأن
الاجتماعات أو المواكب أو المظاھرات التي تقام أو تسير بغير إخطار عنھا أو رغم الأمر
الصادر بمنعھا يعاقب الداعون إليھا أو المنظمون لھا بالحبس لمدة لا تزيد على ستة شھور
وبغرامة لا تتجاوز مائة جنية مصري أو بإحدى ھاتين العقوبتين ويحكم بھذه العقوبات أيضا
إذا كان الداعون أو المنظمون لاجتماع أو لموكب أو لمظاھرة سواء أخطر عنھا أو صدر
الأمر بمنعھا أو يعصى الأمر الصادر إلى المجتمعين بالتفرق بالحبس مدة لا تزيد عن شھر
وبغرامة لا تزيد على عشرين جنيھا مصريا أو بإحدى ھاتين العقوبتين وفى الحالة
المشار إليھا في الفقرة الثانية من ھذه المادة يحكم بالعقوبات المذكورة في الفقرة السابقة على
الأشخاص الذين يشرعون في الاشتراك في تلك الاجتماعات أو المواكب أو المظاھرات أما
المخالفات الأخرى لھذا القانون فيعاقب عليھا بالحبس لمدة لا تزيد عن سبعة أيام وبغرامة لا
تزيد على مائة قرش أو بإحدى ھاتين العقوبتين ولا يحول تطبيق أحكام ھذه المادة دون توقيع
عقوبة أشد من الأعمال ذاتھا مما يكون منصوصا عليھ في قانون العقوبات.
وبمقتضى المادة الأولى من أمر رئيس الجمھورية الصادر في 22 أكتوبر سنة 1981 تحيل
النيابة العامة إلى محاكم امن الدولة طوارئ المشكلة طبقا لقانون الطوارئ الجرائم الآتية :
(رابعا)الجرائم المنصوصعلنھا في القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمھر وفى القانون
رقم 14 لسنة 1923 بشأن الاجتماعات العامة المظاھرات.
وفى ضوء ھاتين المادتين يمكن القول بأن المتظاھرين حرموا من بعض الضمانات التي كان
يتعين أن يأخذ بھا القانون المصري وذلك للأسباب الآتية:
)ا) ساوى المشرع – بدون سند من المنطق – في العقوبة بين الاشتراك في مظاھرات لم يخطر
عنھا أو صدر الأمر بمنعھا وبين مجرد الشروع في الاشتراك فيھا.
)ب) أحال القانون المتھمين في الجرائم المتعلقة بالتظاھر إلى محكمة امن الدولة "طوارئ
دون المحاكم العادية الأمر الذي من شأنھ أن ينقصمن الضمانات التي يتمتع بھا الفرد أمام
المحاكم العادية لأسباب عديدة أبرزھا:
-دور السلطة التنفيذية في تشكيل محاكم امن الدولة طوارئ وإمكانية اشتراك عنصر عسكري
في دوائرھا يولد الشك في افتقادھا للحياد كضمانة أسياسية ولصيقة بالسلطة القضائية.
-ومن اغرب الأحكام التي تضمنھا قانون الطوارئ المادة 12 والتي قضت بأنھ " لا تكون ھذه
الأحكام ( أي الأحكام الصادرة من محاكم امن الدولة طوارئ ( نھائية إلا بعد التصديق عليھا من
رئيس الجمھورية " فأين ھي ضمانة الحجية المقررة للأحكام القضائية الصادرة من القضاء
العادي إذا كانت السلطة التنفيذية ممثلة في رئيسا الجمھورية تملك من خلال التصديق على
الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ عرقلة تنفيذھا ؟ زد على ذلك أن القانون لم
يتعرض لفرضصدور حكم بالبراءة و رفضرئيس الجمھورية التصديق عليھ وھذه الحالة
على فرضحدوثھا تفرغ حق التقاضي من مضمونة وتجعل النصالدستوري المقرر لھ مجرد
كلمات جوفاء لا معنى لھا
-بمقتضى المادة 12 من قانون الطوارئ " لا يجوز الطعن بأي وجھ من الوجوه في الأحكام
الصادرة من محاكم امن الدولة" ھذا يحرم المتظاھر الذي عاقبتھ محكمة امن الدولة طوارئ
من الطعن أمام محكمة أعلى درجة ومن ثم يفقد حقا من حقوقھ المستمدة من المبادئ العامة
وھو حق التقاضي على درجتين.
ومن مجمل ما سبق يتضح إصرار المشرع المصري على احتفاظ السلطة التنفيذية باليد الطولي
لرسم السياسة الجزائية لمعاقبة المتظاھرين بالرغم من مثالبھا المنوه عنھا سلفا وھو ما
يخالف المبادئ العامة لحقوق الإنسان وتنادى لجنة تقصى الحقائق بالأخذ بنظام الأخطار سبيلا
لممارسة حرية التظاھر التي تبين أنھا تضاھي كثيرا من الحريات المعھودة كحرية الصحافة أو
الإعلام وغيرھا.

ليست هناك تعليقات: