النص الكامل لملخص تقرير لجنة تقصي الحقائق حول ثورة 25 يناير
–8-
3- التوریث
یعد ھذا السبب من أھم أسباب ثورة ٢٥
ینایر ٢٠١١
فلقد قامت ھذه الثورة في وقت كان
التحضیر فیھ لتوریث منصب رئاسة الجمھوریة على قدم وساق و الظروف كانت تنبئ بتمریر
تلك الخطة ببساطة و یسر لكون مفاتیح التشریع مضمونة وكلھا تدین بالولاء لأسرة الرئیس .
فالأغلبیة الكاسحة لمجلسى الشعب و الشورى بتكوینیھما قبل الانتخابات بید الحزب الوطني
. و الرأي العام العالمي یبدو انھ لا یعارضھ، إذن فقضیة التوریث محسومة
إلى حد كبیر و لم یكن یبقى علیھا سوى الخطوة الأخیرة و ھي تعیین الابن رئیسا الجمھوریة
خلفا لوالده في انتخابات شكلیة كتلك التي دأبت علیھا مصر في الحقب الفائتة .
و المشكلة الأساسیة كانت ھي أن مشروع التوریث مرفوضجماھیریا ومن النخبة
المثقفة و المھتمة بالشأن العام بالإضافة إلى أن مشروع التوریث لا یلق ترحیبا
من المؤسسة العسكریة لعلمھا الیقیني بحالة الفساد المذھلة التي استشرت في جمیع أوصال
الوطن كناتج لزواج السلطة مع الثروة و ھو إفراز طبیعي لوزارة غالبیة وزرائھا من رجال
الأعمال قام رئیس لجنة السیاسات بنفسھ باختیارھم ووضع كل منھم في منصبھ المناسب،
فدانت لھ الحكومة باعتباره صاحب الفضل في اختیار معظم أعضائھا.
و الملفت للنظر أن النظام المصري الحاكم بدأ یفقد توازنھ ورشده حینما تم تفویض الكثیر من
صلاحیات الرئیس إلى أمانة السیاسات بالحزب الوطني التي یقف على قمتھا نجل الرئیس .ثم
بدأت مقولات الفكر الجدید تزدھر لیدیر شئون مصر أشخاصعاشوا حیاتھم كرجال أعمال ،
طبیعتھم و طریقة تفكیرھم ولیدة السوق ولیست ولیدة إرضاء الجماھیر . ولقد وفر
ذلك المناخ فرصة واعدة للاحتكار الاقتصادي إلى جانب الاحتكار السیاسي فى انتخابات
مجلس الشعب الماضیة فضلا عن احتكار اتحاد الطلبة و لم یكن ھناك بد من كسر ھذه الحلقة
الجھنمیة بالقوة لأنھا كانت الخیار الوحید و الأخیر أمام شعب محبط ،
لم یقدر رجال الحكم
نتائج غضبھ ورد الفعل لأھانتھ بتوریث الحكم من رئیس اقسم أمام شعبھ على الحفاظ على
النظام الجمھوري.
وزاد الأمر سوءً، تنامي خطة توریث الحكم وما تطلبھ من تعدیل دستور ١٩٧١
مرتین الأولى
في سنة ٢٠٠٥
بتعدیل المادة ٧٦
و وضع شروط تعجیزیة ،
تحول دون منافسة احد لأبن
الرئیس في تولى رئاسة الجمھوریة ،
و الثانیة في سنة ٢٠٠٧
لإلغاء الإشراف القضائي
الكامل على الانتخابات بما یمكن النظام من التحكم في الانتخابات التشریعیة و ھو ما أدى إلى
تزویر الانتخابات التشریعیة الأخیرة بشكل فاضح افقد المواطنین الثقة في جدوى إبداء رأیھم
في الانتخابات و قاد المجتمع إلى مجالس نیابیة لا تمثل إرادة المواطنین و إنما تحقق رغبة
النظام و تضعف رقابتھ على الحكومة.
4- السلطة التي لا تقابلھا مسئولیة
یعطى دستور ١٩٧١
رئیس الجمھوریة سلطات واسعة و فضفاضة أدت إلى ضعف سائر
سلطات الدولة أمام الرئیس ،
بل و ألقت علیھ أمام الرأي العام عبأ مضاعفا بحیث بدا كأنھ
الأمر الناھي ،
المعز المذل المانح المانع بیده وحده حل المشاكل التي عجزت الحكومة عن
حلھا فاختزلت مؤسسات الدولة فى شخصھ ،
و أصبح اللجوء إلى شخصھ لدى الجمھور یمثل
الملاذ الأخیر لتحقیق طلباتھم . كل ذلك بغیر أن یكون الرئیس مسئولا أمام احد . فإذا كان
الرئیس الأمریكي یمارس صلاحیات دستوریة واسعة ،
فأنھ مقید بالانتخابات التي تجرى كل
أربع سنوات و برأي عام و بقضاء لا یتدخل فیھ احد، و بمجلس نواب و مجلس
شیوخ قد لا یكون من حزبھ ،
فان الرئیس المصري قد اختزل نظام الحكم في شخصھ . فھو
یسود و یحكم على عكس نظرائھ فى العالم المتقدم و الرئیس المصري ذاتھ مصونة لا تمس ،
ولا یجوز محاكمتھ ألا بإجراءات خاصة أمام محكمة خاصة لم ینظمھا القانون حتى تاریخھ
فمن ذا الذي یقاوم كل ھذه السلطات لكي لا یكون دكتاتورا ؟
إن دستورنا المصري یدفع رؤساء
مصر دفعا نحو الاستبداد . و إذا كانت السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، فیجب مراعاة ھذه
المبادئ عند وضع الدستور الجدید لیأخذ بمبدأ لا سلطة بدون مسئولیة ولا حصانة لأحد
ارتكب جرما ما ،
مھما كانت صفتھ أو وظیفتھ.
5- تزویر الانتخابات وإھدار كل من أحكام القضاء و رأى محكمة النقض.
أجریت انتخابات مجلس الشعب قبل شھرین من اندلاع الاحتجاجات و حصل الحزب الوطني
الحاكم على ٩٧ % من مقاعد المجلس أي أن المجلس خلا من أي معارضة تذكر ،
مما أصاب
المواطنین بالإحباط . و تم وصف تلك الانتخابات بالمزورة نظراً لأنھا تناقضالواقع في الشارع
المصري. بالإضافة إلى انتھاك حقوق القضاء المصري في بسط الرقابة على إجراءات
الانتخابات من خلال الدعاوى إلا أن النظام أطاح بأحكام القضاء في عدم شرعیة الانتخابات
فى بعضالدوائر الانتخابیة و منعت القوى السیاسیة المختلفة بأطیافھا المتنوعة من المشاركة
في ھذه الانتخابات بشكل غیر قانوني و لم ینجح مرشح لھا.
و لم تتم ھذه الانتخابات تحت الإشراف القضائي الكامل على عكس ما حدث في انتخابات عام
٢٠٠٥
كما رفضالحزب الحاكم و الحكومة فكرة الإشراف الدولي على الانتخابات بحجة أنھا
مھینة للدولة ذات السیادة و بأن الدول التي تسمح بذلك بھا دول غیر مستقرة و ناقصة
السیادة و نظامھا الدستوري و الأمني قلق و أن بلدا مثل مصر لھا سیادتھا التي لا
تسمح أبدا بالرقابة الدولیة على الانتخابات.
و قبل إجراء الانتخابات أبدت المنظمات الحقوقیة التي تتولى مراقبة الانتخابات قلقھا من عدم
وجود نوایا لدى الحزب الوطني لإجراء انتخابات نزیھة و أشارت إلى وجود مؤشرات تؤكد أن
الحزب الحاكم یعد العدة لتزویرھا وقد صدق ظنھم . فقد أصبح تزویر الانتخابات واقعا تدركھ
الأبصار و بالرغم من ذلك دأب الإعلام الرسمي وقادة الحزب الوطني على الترویج
لنزاھة الانتخابات.
أن تزویر الانتخابات و إھدار أحكام القضاء الخاصة ببطلان الترشیح لبعض الدوائر أدى إلى أن
یتولى المؤسسة التشریعیة أشخاصمطعون في عضویتھم بغیر أن یكون ھناك أمل في تصحیح
ھذه الأوضاع . لقد أغلقت الاستھانة بأحكام القضاء الأمل الوحید للإصلاح السیاسي في مصر
خلال تلك الفترة مما جعل المواطن یفقد الثقة في إقدام قیادات الحزب الوطني الحاكم على
إصلاح سیاسي من أي نوع و من ثم فقد تلاشت فرصالتطور السلمي في مصر. في الوقت
الذي كان فیھ الشعب یتطلع إلى نقلھ دیمقراطیة حقیقیة. و تعد الانتخابات البرلمانیة الأخیرة
القشة التي قصمت ظھر البعیر .فقد بینت أن الحزب الحاكم یستأثر ب أكثر من ٩٧ % من
مقاعد مجلس الشعب الأمر الذي قضى على ما تبقى من أمل لدى المعارضین للنظام في أن یتم
ھذا الإصلاح تدریجیا و بطریقة سلمیة من خلال انتخابات نزیھة . و لقد ترتب على خروج
المعارضة من اللعبة السیاسیة أن انتفى عن البرلمان أي صفة سیاسیة شعبیة وحولھ إلى
مجرد منتدى یلتقي فیھ أعضاء الحزب الوطني . و من ثم لم یعد أمام الشعب إلا اللجوء إلى
العمل السري أو مناشدة الجیش للتدخل أو النزول إلى الشارع وھو ما حدث بالفعل و أصبح
میدان التحریر بدیلا عن مجلسي الشعب و الشورى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق