1 مايو 2009

تعديلات قانون الأحوال الشخصية مؤامرة على الشريعة الإسلامية

د. مصطفى الشكعة: تعديلات قانون الأحوال الشخصية مؤامرة على الشريعة الإسلامية
فإما أن يكونوا جهلة بالإسلام ومبادئه، وإما أن يكونوا من المتآمرين على الدين والعقيدة؛
أن ما يحدث هو مؤامرة على الشريعة الإسلامية، يقوم بها من يحملوا أسماء إسلامية والبعض من النساء المتنفذات في مصر.
أسامة الهتيمي

أكد الأستاذ الدكتور مصطفى محمد الشكعة ـ العميد السابق لكلية الآداب بجامعة عين شمس، وعضو مجمع البحوث الإسلامية ـ أن الذين قاموا بإجراء التعديلات الجديدة لقانون الأحوال الشخصية في مصر، والذي تعتزم الحكومة عرضه على مجلس الشعب خلال الدورة البرلمانية الجديدة بهدف إقراره أحد صنفين؛ فإما أن يكونوا جهلة بالإسلام ومبادئه، وإما أن يكونوا من المتآمرين على الدين والعقيدة؛ فالتعديلات تتضمن الكثير من المواد التي تتعارض بشدة مع الإسلام وشريعته.

وقال الدكتور الشكعة: إن مجمع البحوث الإسلامية، وهو مؤسسة إسلامية لها ثقلها ووزنها البحثي والعلمي، رفض العديد من هذه التعديلات؛ من منطلق أن المصريين مسلمون، وأنه يجب أن يتصرفوا في حياتهم وسلوكهم وفق الإسلام، وبالتالي فكان لزامًا أن يرفض المجمع أي دعوة تناقض قيم الإسلام وتعاليمه وتصطدم معها، بل ويجب التصدي لمثل هذه الدعوات، مضيفًا: أن مهمة المجمع تنتهي عند إبداء الرأي وإعلان الموقف الإسلامي إزاء ما يُعرض عليه؛ إذ أنه لا يملك أية سلطة تنفيذية يمكن بها أن يجعل لقراراته أو مواقفه صفة الإلزامية.

وأوضح الشكعة، أن من بين ما اعترض عليه المجمع أنواع الزواج، إذ أقر المجمع أن مفهوم الزواج الشرعي المقبول إسلاميًّا هو الزواج الذي تتوافر فيه الأركان المتفق عليها في الشريعة الإسلامية؛ ومنها الولي والمهر والإعلان حتى لو لم يُسجل هذا الزواج قانونيًّا، إذ كان الزواج ولـ 100 عام مضت لا يُسجل مع اكتمال كل الشروط الشرعية وهو في هذه الحالة يكون زواجًا شرعيًّا، وهو ما يُعرف بالزواج العرفي لكنه الزواج العرفي المقبول إسلاميًّا بخلاف ذلك الزواج الذي يُطلقون عليه "عرفي" الآن ولا تتوافر فيه أركان الزواج، وهو زواج مرفوض في الإسلام؛ وبالتالي فإن ما خرج عن حدود التعريف الذي ذكرناه فيما يخص الزواج فهو زواج غير شرعي ولا علاقة له بالشريعة.

وأشار الدكتور الشكعة إلى أن ما طالبت به التعديلات الجديدة من ضرورة وجود شاهدين لوقوع طلاق الرجل لزوجته ليس من الإسلام في شيء، حتى لو كان لذلك سند من الفقه الشيعي فنحن لا نأخذ من الفقه الشيعي إلا ما لا يصطدم مع فقه السنة، غير أن هذا القول يصطدم مع ما أورده الفقه السني، فضلًا عن أن هذه المادة تسلب الرجل حق العصمة التي بيده، وتفتح المجال أمام التلاعب والتحايل لمعدومات الضمير؛ إذ من الممكن أن تلجأ من ترغب في التخلص من زوجها إلى استئجار اثنين من الشهود وتذهب بهما إلى المحكمة ليدعيا أمام القاضي طلاقها.

وفيما يخص ما تضمنته التعديلات من تقييد لتعدد الزوجات، قال الدكتور الشكعة: إن الشريعة الإسلامية لا تدعو إلى تعدد الزوجات ولا تمنعه، فالتعدد أو الزواج الثاني أو الثالث أو الرابع مباح في شريعة الإسلام، وذلك بشروط؛ أهمها: توافر القدرة على الزواج بالنسبة للرجل، فيما نجد أنه في الوقت الذي أباح فيه الإسلام للرجل الزواج بأكثر من زوجة والجمع بين أربع زوجات نجد أن النصح الإلهي يحذر الرجل من عدم القدرة على إقامة العدل بين الزوجات.

وأضاف الشكعة: أن النصوص القرآنية أباحت التعدد، وفي نفس الوقت نصحت الرجال بالاقتصار على زوجة واحدة لتستقيم الحياة الزوجية وتتحقق المودة والسكينة والرحمة من هذا الزواج، وهو ما يؤكد تميز الشريعة الإسلامية عن باقي الشرائع الأخرى، غير أن تحريم التعدد أو وضع ضوابط قانونية لتقييده حرام، ويعتبر مخالفًا لنصوص الشريعة الإسلامية.

واعتبر الدكتور الشكعة أن اشتراط إذن الزوجة لزواج الرجل بأخرى مخالفة شرعية؛ لأنه تقييد لما أباحه الله من غير ضرورة، ومن حق الزوجة إن تضررت بوجود زوجة أخرى أن تطلب الطلاق.

وحول التعديلات المتعلقة بالحضانة، قال الدكتور الشكعة: إن هذه المسألة تتعلق بالطفل أصلًا وبالأسرة؛ وبالتالي فإن ما يصطدم مع مصلحة الطفل نحن لا نقره، فأحق الناس برعاية الطفل هي أمه حتى يصل إلى سن معين فيصبح الولد لأبيه، موضحًا أن لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية رفضت النص على حبس الأب ـ المُطلق ـ تحت أي ظرف؛ إذ كيف نبحث عن مصلحة الطفل وننظم حقه في رؤيته بالنص على سجن أبيه؟! في حين رفضت أيضًا المقترح الخاص بإلزام غير الحاضن ـ وهو الأب ـ بأن يذهب لرؤية ابنه في منزل الحاضنة أي مطلقته، فهو يعرض الأب لمشكلات هو في غنى عنها، وبالتالي فقد كان الرأي أن يكون لقاء الرؤية في مكان آمن وبصحبة الأم أو الجد.

واختتم الدكتور الشكعة بقوله: إن التعديلات الجديدة على قانون الأحوال الشخصية هي اعتداء صريح على الحجة التي كان يتذرع بها البعض من المدافعين عن النظام السياسي، والذين كانوا يرددون قولهم بأن الشريعة الإسلامية في مصر مطبقة استنادًا إلى العمل بقانون الأحوال الشخصية الذي استُمدت أغلب مواده من الشريعة، إذ أن هذه التعديلات في حال إقرارها من البرلمان يكون القانون قد بَعُد عن الشريعة ومبادئها، مؤكدًا أن ما يحدث هو مؤامرة على الشريعة الإسلامية، يقوم بها من يحملوا أسماء إسلامية والبعض من النساء المتنفذات في مصر.
لواء الشريعة





ليست هناك تعليقات: