الخيانة العظمى وظهور العذراء
لم تكن مساعدة الكنيسة القبطية للعدو الصهيونى وامداده بالمعلومات والخرائط والتفاصيل الخاصة بكل شئون واحوال مصر بدافع حبها لليهود .. فالكنيسة القبطية اشد كراهية لليهود .. وخاصة قياداتها الممثلة لجماعة الامة القبطية التى صنفت اعداءها ووضعت اليهود على رأس القائمة .. فهم يعتبرون اليهود هم المسئولون عن صلب المسيح ولم يعلنوا توبتهم عن فعلتهم ولم يعترفوا بمجيئه .. كما انهم يتهمون اليهود بالكفر لعدم ايمانهم بالسيدة العذراء وانجابها للمسيح .. ويجرمون اقوالهم التى تتهم السيدة العذراء بالفحش والزنا مع احد جنود الرومان حاشا لله .. لعن الله اليهود واخرسهم فقد كرمها القرآن بقول الله تعالى عنها (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) .. لم تكن مساعدة الكنيسة لليهود بدافع الحب ولا الصداقة وهى التى اصدرت بيانا 1965 تؤكد ان شعب اليهود هم الذين طلبوا من بيلاطس حكما بصلب المسيح عهد الرومان .. وحاولت وقتها الكنيسة القبطية حشد الاراء لمشاركة اكبر عدد من الكنائس لها فى هذا البيان والحصول على موافقتهم .. ولكن جميع الكنائس رفضوا مطلبهم واعتبروه يتنافى وروح المسيحية التى تدعوا الى المحبة .. كما ان المسيحية الغربية لا ترى لليهود المعاصرين يدا فيما فعله الاجداد .. وان هذا البيان يحوى فى طياته نزعات عنصرية واتهام غير مبرر لاجيال من اليهود غير معاصرة لتلك الفعلة .. واعادت قيادات الكنيسة عهد كيرلس السادس المحاولات مرارا للضغط على اليهود لاعلان توبتهم عن فعلتهم أو تبرأهم او اعتذارهم عما فعل اجدادهم .. وتنبه اليهود لمكر ودهاء الاقباط النصارى لان مجرد الاعتذار او التبرأ من فعل الاجداد يعنى انتزاع اعتراف منهم بمجىء المسيح الذى مازال ينكرون مجيئه الى الآن .. ولم تفلح الكنيسة القبطية فى ضم احدى الكنائس خارج مصر الى البيان غير كنيسة انطاكية .. ولا تقف مشاعر كراهية الكنيسة القبطية لليهود عند هذا الحد بل ان فكر جماعة الامة القبطية المتطرفة تدعو الى مقاطعة الحج للقدس وهى تحت الوجود اليهودى اعداء المسيح وقتلته .. و لم تلقى تلك الدعوة استجابة فى بداياتها كما انها كات سببا فى انفصال الكنيسة الاثيوبية عن الكنيسة القبطية حيث انتابها القلق من افكار الجماعة التى زادت نفوذها وصراعاتها مع الكنيسة عهد يوساب الثانى .. والذى كان يتفق مع الكنيسة الاثيوبية فى نبذ فكرة الجماعة بمقاطعة الحج الى القدس .. حيث ان تلك المقاطعة سوف تؤثر على نفوذ وتواجد الكنيسة القبطية بالاراضى المقدسة .. فالمسيحية فى القدس لا تتمثل فى كنيسة واحدة تجمع المسيحين .. كل طائفة لها انجيلها وكنيستها وصلاتها وطقوسها ومواعيد خاصة باعيادتها وشعائرها تختلف عن الكنيسة الاخرى .. وكل منهم تتدعى تمثيلها للمسيح والمسيحية .. بل ويكفر كل منهم الاخر ويتهمه بالتحريف والخروج عن تعاليم المسيح .. كما ان كل منها لها نظرتها المستقلة فى لاهوت السيد المسيح ..والمستوحاه من نصوص انجيلها التابع لكنيستها ..فمنهم من يعبده كأله ومنه من يعبده كابن للأله ويشركه فى الالوهيه .. ومنهم من يعتبر الاب اله السماء والابن اله الارض .. وكنائس اخرى تعتبره ابن البشر(مريم) ولا يرتقى لمرتبه الالوهية .. واراء كثيرة مختلفة فى صلب العقيدة والتى لا تقل فى جوهرها عن خلافاتهم مع الاسلام ..غير ان الجميع يدعى المسيحية .. وهكذا نظرتهم للسيدة العذراء اختلفت نظرة تلك الكنائس لها فمنهم من اعتبرها الهة ام للاله ومن اعتبرها بشر ام للرب .. ومنهم من اعتبرها ام لابن الرب .. وهكذا اختلف جوهر العقيدة بينهم وكذلك صلواتهم واعيادهم ومواقيت قداس كل منهم .. لذا كانت نظرة الكنيسة الاثيوبية لفكرة مقاطعة الذهاب الى القدس مرفوضة حتى لا يضيع نفوذ وسلطان الكنيسة المتواجدة بالقدس والممثلة لهم .. واتفق معهم جميع الاباء المطارنة الى عهد يوساب الثانى .. وكان يستشهد بتمسك المسلمين بالاقصى على مدى العصور حتى اثناء وقوعه تحت ايدى الصليبين .. لم تكن مساعدة الكنيسة القبطية لليهود فى الستينات نابعا عن حب وصداقة ولكن كراهية لهم وللمسلمين .. وهم العاملين بمبدأ الجماعة (اطعن عدوك بعدو لكما ) .. فكان لابد من طعن المسلمين بخنجر اليهود .. لا يهم من المنتصر والمهزوم المهم الحاق خسائر للاثنين مهما تفاوتت حجم الخسائر ...وبينما بكت مصر ابناءها ومصيبتها وخسارتها الفادحة .. هللت الجماعة وكنيستها القبطية وتبادلوا التهانى فى سرية اعلانا بفرحتهم لانتكاسة المسلمين آملين دخول اليهود للعمق بالاراضى المصرية بل واعلنت بعض الكنائس عن فرحتها بدق الاجراس والتى لم يفهم المسلمون مغزاها .
خرجت مصر من النكسة تجر اذيال الهزيمة وتنعى ابناءها ورجالها وتضمد جراحها أثر هزة وصدمة عنيفة هزت كيان مصر كلها بل والامة العربية وافقدت المصريين الثقة فى انفسهم وفى قادتهم المضللين وزعامتهم الواهية واجهزة اعلام بارعة فى سرد الاوهام والاكاذيب .. لطمة قوية افاقت مصر من سكرتها بعد ان سادتها الاهواء والشعارات والحفلات والفن .. لم تكن مجرد هزيمة عسكرية بل مهزلة بكل المقاييس .. الوضع لا يحتمل السكوت على تفاصيلها . . اصبحت الدولة بلا جيش .. بلا حماية .. عارية بلا غطاء .. والعدو على بضع كيلو مترات من العاصمة اوقفه الحذر من التوغل والزحف وسط تكدس سكانى قد يعرض جنوده للخطر .. قيادات العدو تخشى على جنودها من سكان ومواطنين عزل وتضع احتمال تعرض جنودها لمخاطر الاندساس وسط تجمعات وبلاد تعداد سكانها كبير .. وقيادات الحكومة والجيش المصرى ألقت بفلذة اكبادها من خيرة شبابها ورجالها وجنودها العسكريين فى جحيم دون حرب او قتال او حتى اطلاق رصاصة .. فى ستة ايام قضى العدو على جميع المطارات والمنشآت العسكرية الهامة والفرعية وكثير من المؤسسات الهامة .. بل ودمرت بلاد وهجر مواطنيها وسلبت الاراضى بلا حرب وشرد الالاف من ابنائنا فى مجاهل الصحراء بلا عتاد ولا مأوى ولا قيادة حكيمة .. قيادات انشغلت بجوائز الفنانين والادباء والشعارات والخطابات والثقافة الاشتراكية وحفلات اضواء المدينة عن مسئولياتها واماناتها .. فاقت هزيمة مصر فى الخسائر البشرية والانشائية والاراضى كل التوقعات وفاقت حتى أحلام العدو وكل التصورات .. دخل الحزن والنواح كل بيت وغرقت العيون بالدموع كما غرقت البلاد بدماء الاف الشهداء بلا حرب .. كل تلك الاحداث ومازالت بعض اجراس الكنائس تقرع .. من فرط سعادتها لا تستطيع تأجيل مشاعر الفرح والشماتة .. ووسط استغراب المواطنين الذين لم يألفوا هذا المسلك والذى فسر بمكر ودهاء قيادات الكنيسة على انه تعبير عن الحزن .. ولانقاذ مايمكن انقاذه ولحفظ ماء الوجه قامت الحكومة المصرية بحملة عزل ومحاكمات لبعض اجهزة الدولة فى الجيش والمخابرات .. والتى كشفت عن كم هائل من الفساد وانحراف تلك الاجهزة الهامة لحماية البلاد وانشغالها بساقطات الفن وحفلات ماجنة .. حيث تفرغ كبير مسئولى المخابرات للاعداد لتلك الحفلات للترفيه عن القادة الهمام وزوارهم .. وذاعت اسماء المتورطين فى هذا الفساد من القائد الاعلى للجيش عبد الحكيم عامر وبطانته الى صلاح نصر وقيادات مخابرات الدولة واسماء محظوظيهم من الفنانات برلنتى عبد الحميد ووردة واعتماد خورشيد التى فضحت احوال البلاد تلك الفترة فى شهادتها اثناء المحاكمات وكذلك فى كتابها الذى طبع بالثمانينات .. بل وازلفت اسماء كبار الفن فى العالم العربى مثل كوكب الشر ام كلثوم وحفلاتها المكثفة التى سبقت الهزيمة بايام وسكرت قادة جيوش مصر وحكومتها .. حدثت تغيرات باجهزة الدولة وعينت لها قيادات جديدة للمخابرات بدأت بكل همة فك رموز وشفرات الهزيمة وكل مايتعلق بها اسبابها ودوافعها وتحليل مجريات احداثها .. وتبين ان الاهداف العسكرية والمدنية التى ضربت شملت مواقع ومنشآت لا يمكن رصدها ولا علمها الا بعيون كثيرة متواجدة داخل البلاد .. ولا يكفى للحصول على المعلومات الخاصة بها حفنة من العملاء والجواسيس . . فالضربات تعدت سيناء والقناه الى العمق الاستراتيجى للبلاد متوجهه الى الاهداف بطلعات جوية واعية مؤكدة لها الاهداف دون اى احتمال للخطأ .. بل ان توقيت الضربات كان يتزامن مع حفلات وانشغالات خاصة بقادة النظام والجيش لا يلم بتفاصيلها الا عيون كثيرة للعدو من المقربين للسلطة .. كما ان بعض المنشآت التى ضربت كانت فى عمق وتواجد داخل البلاد لا يكشفها ولا يميزها عن المنشآت المحيطة بها اى مسح جوى مهما كانت دقة خرائطه الا اذا كان على وعى تام بالمكان من مصادر ارضية تحدد له مكان الهدف .. كثرت الالغاز ووضعت الشكوك محل اهتمام ودراسة ..فلاحداث هزيمة بهذا الحجم والدقة فى اصابة الاهداف لابد ان يحتاج الامر لمجموعات كبيرة العدد منظمة ومنتشرة داخل البلاد .. درست اجهزة المخابرات بعناية ردود فعل الهزيمة فى الشارع المصرى .. ورفعت تقييم عن ملامح الحزن على الوجوه .. والذين كشف عن مشاعر زائفة للحزن على وجوه نسبة ليست محل تجاهل من الاقباط النصارى تسبقها نظرات فرح وشماتة تنطلق من العيون وتكاد تنطق بها الشفاه بل وتتناقلها الهمسات فى المجتمعات القبطية كلما اثيرت مواضيع تتعلق بالهزيمة .. وضعت الكنائس على اختلاف الملل واماكن العبادة الخاصة بالاقليات بما فيهم اليهود تحت المراقبة الشديدة .. وقد كانت كنائس الاجانب واليهود ورعاياهم موضوعة تحت المراقبة الشديد خاصة بعد قيام الثورة التى اتخذت موقفا معاديا للاتجاه الغربى وحفاظا على امنها لاعتقادها بولاء بقايا الاجانب ورعايا الكناس التبشيرية للاستعمار .. الجديد الذى اضيف للمراقبة هو الكنائس القبطية الارثوذكسية والمناطق الاثرية وغيرها الخاصة بهم .. ومع استمرار الضربات الجوية المتقطعة للعدو واستهدافها لمنشآت حيوية بعمق البلاد ازاحت اجهزة المخابرات الغموض وكشفت عن تواجد اجهزة تجسس بكنائس بالعاصمة وعدد من كنائس المحافظات بالوجه البحرى ومنها المنصورة وطنطا والقليوبية والزقازيق ..وتبين استخدام رجال تلك الكنائس للاجهزة بحجرات خاصة ومواضع بالكنيسة وصفت على انها مقدسة لا يدخلها العامة فقط رجال الكنيسة .. وقبض على بعض رجال الكنائس القبطية فى حالة تلبس وسجلت ترددات الاجهزة .. وعلى اثر اعتقالهم والقبض عليهم تناثرت الاخبار وطافت كل مصر وتناولت الصحافة بعضها .. وصدم المسلمين المصريين صدمة شديدة كان لها الاثر السىء فى رؤيتهم للاقباط حيث تبدلت مفاهيم الثقة واستبدل بالشك والحذر .. وذهل ايضا كثير من الاقباط النصارى من تورط رجال الكنيسة فى تلك الامور .. ولم يتصور بعضهم ان يصل الحال بالكنيسة لهذا الحد .. واستنكر كثير من المتديين والمعترضين على سياسة البابا تورط كهنة وآباء من المفترض انهم يعملون لخدمة الرب فى جرائم تصل لحد الخيانة وهذا لا يليق بالتعاليم المسيحية التى يؤمنون بها و يؤتمنون عليها .. ووضع كثير من الاقباط النصارى فى موقف حرج وأسف لافعال بعض آبائهم بالكنيسة والتى وصفت على انها افعال غبية غير مسئولة تضر بمصالح الاقباط النصارى قبل المسلمين .. وزاد الطين قطران ثبوت تورط بعض الاقباط النصارى العاملين بالجيش والخارجية فى امداد العدو بمعلومات لم يكن لتتاح له الا من خلال مواقع هؤلاء الاقباط النصارى الوظيفية وظبطت بحوزتهم على اجهزة تصوير واستخدامات بغرض التجسس والتواصل مع العدو ..وتلك الامور والاخطاء الجسيمة التى وقعت بها الدولة الغير ملتزمة دينيا وألحقت بالبلاد الخراب والدمار تجنبها السلف الصالح من ولاة امور المسلمبن عهد الخلافة .. بحظر الحاق غير المسلمين بالجيش والمراكز والمناصب الهامة بالبلاد تجنبا لحدوث مثل تلك الاعمال التى قد تدمر البلاد ..والاكتفاء بتولى المسلمين امور حماية البلاد والتضحية فى سبيلها واعفاء اهل الكتاب منها مقابل دفعهم الجزية اتباعا لمنهج الله و التزاما بشريعته وهو سبحانه الاعلم بأمور خلقه .. وبسرعة البرق تناثرت الاقوال وزادتها الشائعات قصص وروايات جسمت من هول الصدمة .. الوضع اصبح مؤسف وصدمة لا يحتملها مجتمع عاش ابنائه مسلمين ونصارى فى وئام ومحبة .. تغييرات وتطورات لم يعهدها المسلمون من الاقباط النصارى على مدى قرون طويلة جمعتهم الجيرة والصحبة والافراح والاحزان ومعايش واعمال وتجارات ومعاملات مشتركة على مر تلك السنين ..الوضع مؤسف ومخجل ومريب وصدمة للاقباط الملتزمين قبل المسلمين والذى وصل بالبعض الى الهجرة خارج البلاد على ان يظل فى جيرة وصحبة محل شكوك واتهام .. ولاول مرة تحدث بداية حقيقية لتصدع فى كيان المجتمع المصرى قد يصل بالبلاد الى حدوث فتنه بين المسلمين و الاقباط النصارى .. الامر الذى تطلب تدخلا سريعا من اجهزة الدولة والكنيسة لتدارك الموقف واصلاح الامور ..
• العذراء تشاطرنا الأحزان
كشفت تلك الصدمة عن حقيقة فساد الدولة فى ادرة شئون البلاد وحمايتها .. كما كشفت للشعب حقيقة النظام والكنيسة .. ووقف النظام والكنيسة وجها لوجه دون قناع بعد سنوات من النفاق السياسى والازدواجية فى التعامل والجهل أو التجاهل من الحكومة لمجريات الاحداث الكنسية التى اتت بتلك الجماعة العنصرية المتطرفة والمنحرفة عن المسيحية لحكم الكنيسة القبطية .. الاحداث عرت الحقائق ..وازاحت شياطينهم عنهم الستار لتفضحهم على الملأ فى حالة تلبس كما نزعت عنهم لباس التقوى والمبادىء التى تظاهر كل منهما بها .. اصبحت الفجيعة اشد قسوة والم .. هزيمتنا ونكستنا بايدى حكومتنا وابناءنا من الاقباط النصارى .. دمرنا بلادنا بايدينا وسلمنا اعداءنا اراضينا بفعل حكومة لادينية مستهترة بشريعة ربها وباماناتها ومسئولياتها عن اراضيها وشعبها .. وكنيسة عنصرية خربة من المحبة ومن المسيحية .. عادت احبائها وبغضت محسنيها وارتدت عن تعاليم مسيحيتها وقوانينها .. ولكن واقعهما القذر فى النفاق يحتم عليهما التظاهر بالمحبة والمودة للخروج من هذا المأزق تحسبا لوقوع فتنة طائفية .. وباتت شياطينهم ليالى تبحث عن فكرة تشغل بها الشارع المصرى وتجمع المسلمين والمسيحين معا جنبا الى جنب .. فكرة ابليسية صاغتها الكنيسة وباركتها الحكومة ودعمتها وجندت لها أجهزة الاعلام .. وكعادة النظام المستكبر على الاستعانة باى مرجعية دينية اتخذت الحكومة الاشتراكية الاجراءات اللازمة لدعم تلك الفكرة واخراجها على الملأ فى اقرب وقت .. وكانت الفكرة الاعلان عن ظهور السيدة العذراء بكنيسة السيدة العذراء بالزيتون .. لماذا العذراء وليس المسيح او احد القديسين .. اختار السحرة الدجالين الافاقين المسئولين عن النظام والكنيسة الافتراء والادعاء على شخص السيدة العذراء التى يجمع عليها محبة المسلمين والمسيحين دون اى شائبة .. فللسيدة العذراء مكانتها العظيمة فى قلوب المسلمين كما فى قلوب النصارى بل ويزيد عنهم .. رغم انهم اجتمعوا على محبة السيد المسيح وآمنوا به ولكنهم اختلفوا على نظرتهم العقائدية له .. المسلمون يؤمنون به كنبى ورسول من الرسل اولى العزم جاء بالانجيل ومصدقا بالتوراه ومؤمنا بالانبياء والرسل من قبله ومقر بعبوديته لله الواحد القهار ومبشرا بنذير و نبى ياتى من بعده اسمه أحمد .. و الاقباط النصارى يؤمنون به وبالله فى السماء وبالروح القدس ثلاثتهم كأله واحد .. اذا اختياره للظهور لن يكن محل توفيق بل قد يزيد الاوضاع سوءا .. وكذلك سيكون الحال اذا اختير احد القديسين .. هم يريدون ان يجتمع المسلمون والمسيحيون على شخصية واحدة احبوها وتملكت من جوارحهم .. بصرف النظر على الافتراء والكذب عليها وادعاء ظهورها بالباطل .. وما كان يشين امر ظهورها ..ولكن الاعتراض على استخدام هذه الجهات لتلك الاساليب القذرة الكاذبة المضللة واٍٍٍٍٍٍٍلصاقها باسماء الاطهار المصطفين .. ولم يكن يمضى على النكسة شهور حتى اخذت الفكرة حيز التنفيذ باخراج شيطانى (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)... واكتملت الحبكة القصصية التى اذاعت اكتشاف العمال فى جراج النقل العام المواجه لكنيسة العذراء بالزيتون اثناء خروجهم سيدة تنزل من على القبة الرئيسية فصرخوا : حاسبى ياست لاحسن تقعى .. واذا بهم يكتشفون انها السيدة العذراء .. لم يكذب الرئيس عبد الناصر وحاشيته الخبر .. طبعا حسب احداث الفيلم .. وبسرعه تركوا مشاغل الدولة وذهبوا ليعسكروا جميعا فى منزل احد تجار الفاكهة المواجه للكنيسة فى انتظار ظهورها الساعة الخامسة صباحا .. " معذرة لم تسعفنى المصادر فى التحقق اذا كان لديهم علم من السيدة العذراء بميعاد مسبق لظهورها أو انه كان مفاجىء تطلب من رئيس الدولة الاقامة والتفرغ لاى احتمال لظهورها ".. واعتقد ان الامر كان يحتاج مزيد الى الحبكة .. لكن للحق بمقياس تلك الفترة وفى تلك الظروف المضطربة فان الحبكة الفنية كانت لحد ما بارعة ومؤثرة .. واذا بالرئيس والكنيسة يعلنان ظهور السيدة العذراء فوق قبة كنيسة العذراء بالزيتون فى اوقات العتمة وليس بالنهار حتى يتمكن الجميع معاينة النور .. ولاقت الفكرة والتجربة نجاحا عظيما .. وتدفق الالاف من المسلمين والمسيحين واقاموا الليالى سويا جنبا الى جنب فى انتظار ظهور ام النور حتى لم يعد هناك مكان لموضع قدم ..لكن الرؤية اصبحت غير واضحة وشدة الاضاءة المنبعثة تقل على المسافات البعيدة .. لكن الفكرة فى حد ذاتها نجحت وراقت للدولة والكنيسة تكرار المشهد بكنائس اخرى .. فاذا بالبيان تلك المرة من المقر البابوى بالقاهرة يعلن :" انه منذ مساء يوم الثلاثاء 2 ابريل عام 1968 الموافق 24 برمهات سنة 1684 " تتوالى ظهور السيدة العذراء أم النور فى الكنيسة الارثوذكسية التى باسمها بشارع طومان باى بحى الزيتون .. وانتهى البيان ولكن تلاه شرح من رجال الكنيسة عن الاماكن والمواعيد وايضا الحالة التى تكون عليها ام النور واشكالها .. فهى احيانا تظهر بالجسم الكامل واحيانا بالنصف العلوى ومرة ببروفيل الوجه واخرى جانبية كاملة .. وهكذا وصل الامر بهؤلاء السفلة المضلين .. الدجالين المفتريين من رجال النظام والكنيسة بالتغطية على افعالهم الاجرامية المنحطة بالزج باسم السيدة العذراء فى اباطيل واكاذيب وادعاءات اظهرتها فى اشكال واوضاع محبكة فنية وباضاءات مختلفة الشدة كما لو كاوا يستعرضون مانيكان او عارضة ازياء.. مستغلين حب اهل مصر البسطاء الطيبين من مسلمين ومسيحين لشخص السيدة العذراء ومكانتها فى النفوس .. ولو تأملت البيان البابوى تجد هناك تاريخين الاول الميلادى المعروف عالميا .. والثانى تاريخ قبطى خاص فقط بالكنيسة القبطية والذى يبدأ من عصر الشهداء كما يسمونه والذى قتل فيه مسيحى الرومان مئات الاقباط النصارى وابادوا بلاد باكملها فى اسنا واخميم للقضاء على بذور الكنيسة القبطية لكى يقتلعوها من جذورها .. حيث كانوا يعتبرونها كنيسة شيطانية وثنية وليست مسيحية .. فى عز الاوقات الحرجة والكنيسة لا تتخلى عن عنصريتها وتلحق بالتاريخ الميلادى ذكر التاريخ القبطى فى بيانها الصادر من المقر البابوى .. ويتضمن البيان كما وصفته كنائس الغرب الكاثوليكى والبروتستانتى بانه استخفاف بالعقول ان تحدد السيدة العذراء مواعيد واماكن ظهورها وتطلع ادارة الكنيسة والمقر البابوى بها ..وتختار الكنائس المسماه باسمها والتى تخص تحديدا الكنائس القبطية دون غيرها من الكنائس المسيحية .. وسارعت كنائس الغرب باعداد حلقات تصويرية تمثل حالات ظهور العذراء بكنائسها ببلدان كثيرة خارج مصر والتى فاقت بامكانياتها وحبكتها الفنية مثيلتها بكنائس الاقباط النصارى .. حتى اصبح الامر محل تندر الصحف الغربية واليهودية التى سخرت من تلك السذاجات التى يصوغها نظم الحكم ببلداننا .. وتناول اليهود هذا الامر بسخرية شديدة وتبادلوا النكات موجهين لها الدعوة لزيارة اسرائيل لتهنئتهم بالنصر على اثر رد رجال الكنيسة على استفسارات الصحف الغربية عن سبب ظهور السيدة العذراء فى كنائس الاقباط النصارى الارثوذكس تحديدا وفى هذا التوقيت من تاريخ مصر .. وكانت اجابة كهنة الكنيسة ان السبب رغبة ام النور فى تعزية الرئيس عبد الناصر والمصريين مسلمين واقباط عقب احداث النكسة الاخيرة .. وتكتمت الصحف المصرية التى كات تحكمها الحكومة على تلك الاخبار .. وتناثرتها كنائس الكاثوليك والغرب مكذبين تلك الاباطيل ومؤكدين على استحالة ظهورها بالكنائس القبطية المخالفة للتعاليم المسيحية الصحيحة .. وانه فى حالة ظهورها لن تختار الا كنائسهم الكاثوليكية والغربية حيث ان كل منهم يكفر الآخر .. واثبتوا بالصور التى وزعوها على رعاياهم زيف تلك الادعاءات واستحالة ظهورها باماكن باطلة كالكنائس القبطية من منظور عقائدهم وطالبت رعاياها بعدم الافتتان بتلك الافتراءات الباطلة وعدم الذهاب لاماكنهم وكنائسهم الضالة .. ولكن تلك الخطوة حققت للدولة والكنيسة انجازا اعلاميا حقق الهدف من تجاوز مرحلة تورط الكنيسة فى احداث النكسة وشغلت قلوب المصريين الطيبين بامور روحانية طالما اشتاقوا اليها بفطرتهم الدينية فى كل مراحل ازماتهم .. وتمضى الاحداث بتلك الجماعة ومعها نتابع
وكعادة الحكومة اختصرت قضية تورط الكنيسة فى احداث التجسس والعمالة لصالح العدو واقتصرت الاتهام على مجموعة القساوسة ورجال الكنيسة الذين ادينوا متلبسين بحوزتهم وبكنائسهم اجهزة التصنت .. وكعادة المصريين بطبائعهم المرنة وليونة وطيبة قلوبهم واستعدادهم الفطرى لنسيان الاساءة .. تقبلوا مبررات الحكومة والكنيسة ومروا يتلك الاحداث مر الكرام .. والغريب فى كل تلك الاحداث هو صمت علماء الاسلام .. فبينما سارعت كنائس الغرب بتكذيب تلك الادعاءات وبذل كل ماستطاعت لاثبات تلك الخدع والافتراءات بظهور السيدة العذراء بكنائس الاقباط النصارى .. واذا بعلمائنا يتعاملون مع الامر بكل بساطة .. وبينما الكنائس الغربية تظهر الغيرة على عقيدتها وتحذر ابنائها ورعاياها من افتتانهم بتلك الادعاءات و الانسياق وراء تلك الافتراءات التى تدعيها كنيسة مخالفة لهم فى العقيدة ومن منظورهم خارجة عن تعاليم المسيحية الصحيحة .. ولا يمكن ان تختص السيدة العذراء كنيسة باطلة للنزول والظهور بها .. واذا بعلمائنا لا يعطون للامر اهمية وكأننا و الاقباط النصارى من منظور الوحدة الوطنية واجتناب حدوث الفتن اصبحنا عقيدة واحدة لا اختلاف بيننا و ليس هناك ما يمنع ظهور السيدة العذراء بكنيسة ادعت الوهيه ابنها المسيح وخالفت عقيدتنا الاسلامية .. ما المعنى من اختيار السيدة العذراء لكنيسة قبطية لتقديم العزاء للمسلمين فى نكستهم ومصيبتهم ولماذا تلك المصيبة تحديدا وقد مرت مصر عصور الخلافة الاسلامية بنكسات وغزوات وحروب .. باسم اجتناب الفتن تساق العقائد بأهواء حكام الباطل .. وللحق كانت سطوة نظام عبد الناصر وبطشة بكل التيارات الاسلامية تفوق الحد .. استخدم كل وسائل التعذيب والتى وصلت لحد الابادة ضد كل الرموز الاسلامية المخلصة وضد كل التوجهات الاسلامية وعلى القائمة كان الاخوان المسلمين الذين عانوا منه مالا يوصف من صنوف العذاب .. ولكن لا نلتمس لهم الاعذار وبمصر الالاف من علماء الازهر .. كيف يصل الحال بجنود الله لهذا الحد من الخنوع والخضوع والاستسلام لاهواء زعماء ثقافات شيطانية اشتراكية وديمقراطية وعلمانية ( إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) .. ما الحال الذى يمكن ان تصير اليه البلاد لو انقاد جنود الله والمؤتمنين على الاسلام وراء كل تلك التيارات المعادية والكارهة له .. حتما واكيد سيضيع اسلامنا كما ضاع بالاندلس وما تركيا عنا ببعيد .. وللحق والتاريخ ايضا لم يكن هذا الخوف والاستسلام حال كل العلماء بل كانت هناك جبهة قوية بايمانها وبربها من خيرة العلماء ورغم قلة عددهم الا انهم لم يدخروا جهد ولا تضحية وكل ماستطاعوا من قوة فى سبيل اظهار الحق وازهاق الباطل (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) .. ونشهد لهم امثال الشيخ كشك وغيره من العلماء نحسبهم جنود الله ولا نزكى على الله احد ..
وكان على بطريرك الاقباط النصارى ان يعيد للاقباط ثقتهم بكنيستهم وبانفسهم بعد تلك الهزة العنيفة عقب احداث النكسة .. بفكرة استعادة رفات القديس مرقص من ايطاليا .. وللقديس مرقص مكانة عظيمة بالنسبة للكنيسة القبطية وهو بمثابة الراعى لها واول بطريرك رغم انه مر على موته 19 قرنا وتسمى الكنيسة القبطية باسمه .. الكرازة القبطية الارثوذكسية المرقصية .. استبدلوا لفظ الكنيسة بالكرازة والمسيحية بلفظ القبطية وحتى التاريخ الميلادى استبدلوه بتاريخ قبطى يبدأ من 282 م .. خالفوا الملل المسيحية فى كل شىء .. بينما راعى الكنيسة الغربية هو القديس بولس ..ونجح بابا الاقباط النصارى كيرلس السادس بذكائه فى اعادة جمع شمل الكنيسة القبطية ورفع معنوياتها والتفاف رعاياه حوله واعاد لهم ثقتهم بكنيستهم وقيادتها .. وعمت الاحتفالات بعودة رفات مار مرقص كل الكنائس القبطية .. وطويت الاحداث .. وتمضى لاحداث اخرى اكثر منها غرابة وغموضا ..
لم تكن مساعدة الكنيسة القبطية للعدو الصهيونى وامداده بالمعلومات والخرائط والتفاصيل الخاصة بكل شئون واحوال مصر بدافع حبها لليهود .. فالكنيسة القبطية اشد كراهية لليهود .. وخاصة قياداتها الممثلة لجماعة الامة القبطية التى صنفت اعداءها ووضعت اليهود على رأس القائمة .. فهم يعتبرون اليهود هم المسئولون عن صلب المسيح ولم يعلنوا توبتهم عن فعلتهم ولم يعترفوا بمجيئه .. كما انهم يتهمون اليهود بالكفر لعدم ايمانهم بالسيدة العذراء وانجابها للمسيح .. ويجرمون اقوالهم التى تتهم السيدة العذراء بالفحش والزنا مع احد جنود الرومان حاشا لله .. لعن الله اليهود واخرسهم فقد كرمها القرآن بقول الله تعالى عنها (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) .. لم تكن مساعدة الكنيسة لليهود بدافع الحب ولا الصداقة وهى التى اصدرت بيانا 1965 تؤكد ان شعب اليهود هم الذين طلبوا من بيلاطس حكما بصلب المسيح عهد الرومان .. وحاولت وقتها الكنيسة القبطية حشد الاراء لمشاركة اكبر عدد من الكنائس لها فى هذا البيان والحصول على موافقتهم .. ولكن جميع الكنائس رفضوا مطلبهم واعتبروه يتنافى وروح المسيحية التى تدعوا الى المحبة .. كما ان المسيحية الغربية لا ترى لليهود المعاصرين يدا فيما فعله الاجداد .. وان هذا البيان يحوى فى طياته نزعات عنصرية واتهام غير مبرر لاجيال من اليهود غير معاصرة لتلك الفعلة .. واعادت قيادات الكنيسة عهد كيرلس السادس المحاولات مرارا للضغط على اليهود لاعلان توبتهم عن فعلتهم أو تبرأهم او اعتذارهم عما فعل اجدادهم .. وتنبه اليهود لمكر ودهاء الاقباط النصارى لان مجرد الاعتذار او التبرأ من فعل الاجداد يعنى انتزاع اعتراف منهم بمجىء المسيح الذى مازال ينكرون مجيئه الى الآن .. ولم تفلح الكنيسة القبطية فى ضم احدى الكنائس خارج مصر الى البيان غير كنيسة انطاكية .. ولا تقف مشاعر كراهية الكنيسة القبطية لليهود عند هذا الحد بل ان فكر جماعة الامة القبطية المتطرفة تدعو الى مقاطعة الحج للقدس وهى تحت الوجود اليهودى اعداء المسيح وقتلته .. و لم تلقى تلك الدعوة استجابة فى بداياتها كما انها كات سببا فى انفصال الكنيسة الاثيوبية عن الكنيسة القبطية حيث انتابها القلق من افكار الجماعة التى زادت نفوذها وصراعاتها مع الكنيسة عهد يوساب الثانى .. والذى كان يتفق مع الكنيسة الاثيوبية فى نبذ فكرة الجماعة بمقاطعة الحج الى القدس .. حيث ان تلك المقاطعة سوف تؤثر على نفوذ وتواجد الكنيسة القبطية بالاراضى المقدسة .. فالمسيحية فى القدس لا تتمثل فى كنيسة واحدة تجمع المسيحين .. كل طائفة لها انجيلها وكنيستها وصلاتها وطقوسها ومواعيد خاصة باعيادتها وشعائرها تختلف عن الكنيسة الاخرى .. وكل منهم تتدعى تمثيلها للمسيح والمسيحية .. بل ويكفر كل منهم الاخر ويتهمه بالتحريف والخروج عن تعاليم المسيح .. كما ان كل منها لها نظرتها المستقلة فى لاهوت السيد المسيح ..والمستوحاه من نصوص انجيلها التابع لكنيستها ..فمنهم من يعبده كأله ومنه من يعبده كابن للأله ويشركه فى الالوهيه .. ومنهم من يعتبر الاب اله السماء والابن اله الارض .. وكنائس اخرى تعتبره ابن البشر(مريم) ولا يرتقى لمرتبه الالوهية .. واراء كثيرة مختلفة فى صلب العقيدة والتى لا تقل فى جوهرها عن خلافاتهم مع الاسلام ..غير ان الجميع يدعى المسيحية .. وهكذا نظرتهم للسيدة العذراء اختلفت نظرة تلك الكنائس لها فمنهم من اعتبرها الهة ام للاله ومن اعتبرها بشر ام للرب .. ومنهم من اعتبرها ام لابن الرب .. وهكذا اختلف جوهر العقيدة بينهم وكذلك صلواتهم واعيادهم ومواقيت قداس كل منهم .. لذا كانت نظرة الكنيسة الاثيوبية لفكرة مقاطعة الذهاب الى القدس مرفوضة حتى لا يضيع نفوذ وسلطان الكنيسة المتواجدة بالقدس والممثلة لهم .. واتفق معهم جميع الاباء المطارنة الى عهد يوساب الثانى .. وكان يستشهد بتمسك المسلمين بالاقصى على مدى العصور حتى اثناء وقوعه تحت ايدى الصليبين .. لم تكن مساعدة الكنيسة القبطية لليهود فى الستينات نابعا عن حب وصداقة ولكن كراهية لهم وللمسلمين .. وهم العاملين بمبدأ الجماعة (اطعن عدوك بعدو لكما ) .. فكان لابد من طعن المسلمين بخنجر اليهود .. لا يهم من المنتصر والمهزوم المهم الحاق خسائر للاثنين مهما تفاوتت حجم الخسائر ...وبينما بكت مصر ابناءها ومصيبتها وخسارتها الفادحة .. هللت الجماعة وكنيستها القبطية وتبادلوا التهانى فى سرية اعلانا بفرحتهم لانتكاسة المسلمين آملين دخول اليهود للعمق بالاراضى المصرية بل واعلنت بعض الكنائس عن فرحتها بدق الاجراس والتى لم يفهم المسلمون مغزاها .
خرجت مصر من النكسة تجر اذيال الهزيمة وتنعى ابناءها ورجالها وتضمد جراحها أثر هزة وصدمة عنيفة هزت كيان مصر كلها بل والامة العربية وافقدت المصريين الثقة فى انفسهم وفى قادتهم المضللين وزعامتهم الواهية واجهزة اعلام بارعة فى سرد الاوهام والاكاذيب .. لطمة قوية افاقت مصر من سكرتها بعد ان سادتها الاهواء والشعارات والحفلات والفن .. لم تكن مجرد هزيمة عسكرية بل مهزلة بكل المقاييس .. الوضع لا يحتمل السكوت على تفاصيلها . . اصبحت الدولة بلا جيش .. بلا حماية .. عارية بلا غطاء .. والعدو على بضع كيلو مترات من العاصمة اوقفه الحذر من التوغل والزحف وسط تكدس سكانى قد يعرض جنوده للخطر .. قيادات العدو تخشى على جنودها من سكان ومواطنين عزل وتضع احتمال تعرض جنودها لمخاطر الاندساس وسط تجمعات وبلاد تعداد سكانها كبير .. وقيادات الحكومة والجيش المصرى ألقت بفلذة اكبادها من خيرة شبابها ورجالها وجنودها العسكريين فى جحيم دون حرب او قتال او حتى اطلاق رصاصة .. فى ستة ايام قضى العدو على جميع المطارات والمنشآت العسكرية الهامة والفرعية وكثير من المؤسسات الهامة .. بل ودمرت بلاد وهجر مواطنيها وسلبت الاراضى بلا حرب وشرد الالاف من ابنائنا فى مجاهل الصحراء بلا عتاد ولا مأوى ولا قيادة حكيمة .. قيادات انشغلت بجوائز الفنانين والادباء والشعارات والخطابات والثقافة الاشتراكية وحفلات اضواء المدينة عن مسئولياتها واماناتها .. فاقت هزيمة مصر فى الخسائر البشرية والانشائية والاراضى كل التوقعات وفاقت حتى أحلام العدو وكل التصورات .. دخل الحزن والنواح كل بيت وغرقت العيون بالدموع كما غرقت البلاد بدماء الاف الشهداء بلا حرب .. كل تلك الاحداث ومازالت بعض اجراس الكنائس تقرع .. من فرط سعادتها لا تستطيع تأجيل مشاعر الفرح والشماتة .. ووسط استغراب المواطنين الذين لم يألفوا هذا المسلك والذى فسر بمكر ودهاء قيادات الكنيسة على انه تعبير عن الحزن .. ولانقاذ مايمكن انقاذه ولحفظ ماء الوجه قامت الحكومة المصرية بحملة عزل ومحاكمات لبعض اجهزة الدولة فى الجيش والمخابرات .. والتى كشفت عن كم هائل من الفساد وانحراف تلك الاجهزة الهامة لحماية البلاد وانشغالها بساقطات الفن وحفلات ماجنة .. حيث تفرغ كبير مسئولى المخابرات للاعداد لتلك الحفلات للترفيه عن القادة الهمام وزوارهم .. وذاعت اسماء المتورطين فى هذا الفساد من القائد الاعلى للجيش عبد الحكيم عامر وبطانته الى صلاح نصر وقيادات مخابرات الدولة واسماء محظوظيهم من الفنانات برلنتى عبد الحميد ووردة واعتماد خورشيد التى فضحت احوال البلاد تلك الفترة فى شهادتها اثناء المحاكمات وكذلك فى كتابها الذى طبع بالثمانينات .. بل وازلفت اسماء كبار الفن فى العالم العربى مثل كوكب الشر ام كلثوم وحفلاتها المكثفة التى سبقت الهزيمة بايام وسكرت قادة جيوش مصر وحكومتها .. حدثت تغيرات باجهزة الدولة وعينت لها قيادات جديدة للمخابرات بدأت بكل همة فك رموز وشفرات الهزيمة وكل مايتعلق بها اسبابها ودوافعها وتحليل مجريات احداثها .. وتبين ان الاهداف العسكرية والمدنية التى ضربت شملت مواقع ومنشآت لا يمكن رصدها ولا علمها الا بعيون كثيرة متواجدة داخل البلاد .. ولا يكفى للحصول على المعلومات الخاصة بها حفنة من العملاء والجواسيس . . فالضربات تعدت سيناء والقناه الى العمق الاستراتيجى للبلاد متوجهه الى الاهداف بطلعات جوية واعية مؤكدة لها الاهداف دون اى احتمال للخطأ .. بل ان توقيت الضربات كان يتزامن مع حفلات وانشغالات خاصة بقادة النظام والجيش لا يلم بتفاصيلها الا عيون كثيرة للعدو من المقربين للسلطة .. كما ان بعض المنشآت التى ضربت كانت فى عمق وتواجد داخل البلاد لا يكشفها ولا يميزها عن المنشآت المحيطة بها اى مسح جوى مهما كانت دقة خرائطه الا اذا كان على وعى تام بالمكان من مصادر ارضية تحدد له مكان الهدف .. كثرت الالغاز ووضعت الشكوك محل اهتمام ودراسة ..فلاحداث هزيمة بهذا الحجم والدقة فى اصابة الاهداف لابد ان يحتاج الامر لمجموعات كبيرة العدد منظمة ومنتشرة داخل البلاد .. درست اجهزة المخابرات بعناية ردود فعل الهزيمة فى الشارع المصرى .. ورفعت تقييم عن ملامح الحزن على الوجوه .. والذين كشف عن مشاعر زائفة للحزن على وجوه نسبة ليست محل تجاهل من الاقباط النصارى تسبقها نظرات فرح وشماتة تنطلق من العيون وتكاد تنطق بها الشفاه بل وتتناقلها الهمسات فى المجتمعات القبطية كلما اثيرت مواضيع تتعلق بالهزيمة .. وضعت الكنائس على اختلاف الملل واماكن العبادة الخاصة بالاقليات بما فيهم اليهود تحت المراقبة الشديدة .. وقد كانت كنائس الاجانب واليهود ورعاياهم موضوعة تحت المراقبة الشديد خاصة بعد قيام الثورة التى اتخذت موقفا معاديا للاتجاه الغربى وحفاظا على امنها لاعتقادها بولاء بقايا الاجانب ورعايا الكناس التبشيرية للاستعمار .. الجديد الذى اضيف للمراقبة هو الكنائس القبطية الارثوذكسية والمناطق الاثرية وغيرها الخاصة بهم .. ومع استمرار الضربات الجوية المتقطعة للعدو واستهدافها لمنشآت حيوية بعمق البلاد ازاحت اجهزة المخابرات الغموض وكشفت عن تواجد اجهزة تجسس بكنائس بالعاصمة وعدد من كنائس المحافظات بالوجه البحرى ومنها المنصورة وطنطا والقليوبية والزقازيق ..وتبين استخدام رجال تلك الكنائس للاجهزة بحجرات خاصة ومواضع بالكنيسة وصفت على انها مقدسة لا يدخلها العامة فقط رجال الكنيسة .. وقبض على بعض رجال الكنائس القبطية فى حالة تلبس وسجلت ترددات الاجهزة .. وعلى اثر اعتقالهم والقبض عليهم تناثرت الاخبار وطافت كل مصر وتناولت الصحافة بعضها .. وصدم المسلمين المصريين صدمة شديدة كان لها الاثر السىء فى رؤيتهم للاقباط حيث تبدلت مفاهيم الثقة واستبدل بالشك والحذر .. وذهل ايضا كثير من الاقباط النصارى من تورط رجال الكنيسة فى تلك الامور .. ولم يتصور بعضهم ان يصل الحال بالكنيسة لهذا الحد .. واستنكر كثير من المتديين والمعترضين على سياسة البابا تورط كهنة وآباء من المفترض انهم يعملون لخدمة الرب فى جرائم تصل لحد الخيانة وهذا لا يليق بالتعاليم المسيحية التى يؤمنون بها و يؤتمنون عليها .. ووضع كثير من الاقباط النصارى فى موقف حرج وأسف لافعال بعض آبائهم بالكنيسة والتى وصفت على انها افعال غبية غير مسئولة تضر بمصالح الاقباط النصارى قبل المسلمين .. وزاد الطين قطران ثبوت تورط بعض الاقباط النصارى العاملين بالجيش والخارجية فى امداد العدو بمعلومات لم يكن لتتاح له الا من خلال مواقع هؤلاء الاقباط النصارى الوظيفية وظبطت بحوزتهم على اجهزة تصوير واستخدامات بغرض التجسس والتواصل مع العدو ..وتلك الامور والاخطاء الجسيمة التى وقعت بها الدولة الغير ملتزمة دينيا وألحقت بالبلاد الخراب والدمار تجنبها السلف الصالح من ولاة امور المسلمبن عهد الخلافة .. بحظر الحاق غير المسلمين بالجيش والمراكز والمناصب الهامة بالبلاد تجنبا لحدوث مثل تلك الاعمال التى قد تدمر البلاد ..والاكتفاء بتولى المسلمين امور حماية البلاد والتضحية فى سبيلها واعفاء اهل الكتاب منها مقابل دفعهم الجزية اتباعا لمنهج الله و التزاما بشريعته وهو سبحانه الاعلم بأمور خلقه .. وبسرعة البرق تناثرت الاقوال وزادتها الشائعات قصص وروايات جسمت من هول الصدمة .. الوضع اصبح مؤسف وصدمة لا يحتملها مجتمع عاش ابنائه مسلمين ونصارى فى وئام ومحبة .. تغييرات وتطورات لم يعهدها المسلمون من الاقباط النصارى على مدى قرون طويلة جمعتهم الجيرة والصحبة والافراح والاحزان ومعايش واعمال وتجارات ومعاملات مشتركة على مر تلك السنين ..الوضع مؤسف ومخجل ومريب وصدمة للاقباط الملتزمين قبل المسلمين والذى وصل بالبعض الى الهجرة خارج البلاد على ان يظل فى جيرة وصحبة محل شكوك واتهام .. ولاول مرة تحدث بداية حقيقية لتصدع فى كيان المجتمع المصرى قد يصل بالبلاد الى حدوث فتنه بين المسلمين و الاقباط النصارى .. الامر الذى تطلب تدخلا سريعا من اجهزة الدولة والكنيسة لتدارك الموقف واصلاح الامور ..
• العذراء تشاطرنا الأحزان
كشفت تلك الصدمة عن حقيقة فساد الدولة فى ادرة شئون البلاد وحمايتها .. كما كشفت للشعب حقيقة النظام والكنيسة .. ووقف النظام والكنيسة وجها لوجه دون قناع بعد سنوات من النفاق السياسى والازدواجية فى التعامل والجهل أو التجاهل من الحكومة لمجريات الاحداث الكنسية التى اتت بتلك الجماعة العنصرية المتطرفة والمنحرفة عن المسيحية لحكم الكنيسة القبطية .. الاحداث عرت الحقائق ..وازاحت شياطينهم عنهم الستار لتفضحهم على الملأ فى حالة تلبس كما نزعت عنهم لباس التقوى والمبادىء التى تظاهر كل منهما بها .. اصبحت الفجيعة اشد قسوة والم .. هزيمتنا ونكستنا بايدى حكومتنا وابناءنا من الاقباط النصارى .. دمرنا بلادنا بايدينا وسلمنا اعداءنا اراضينا بفعل حكومة لادينية مستهترة بشريعة ربها وباماناتها ومسئولياتها عن اراضيها وشعبها .. وكنيسة عنصرية خربة من المحبة ومن المسيحية .. عادت احبائها وبغضت محسنيها وارتدت عن تعاليم مسيحيتها وقوانينها .. ولكن واقعهما القذر فى النفاق يحتم عليهما التظاهر بالمحبة والمودة للخروج من هذا المأزق تحسبا لوقوع فتنة طائفية .. وباتت شياطينهم ليالى تبحث عن فكرة تشغل بها الشارع المصرى وتجمع المسلمين والمسيحين معا جنبا الى جنب .. فكرة ابليسية صاغتها الكنيسة وباركتها الحكومة ودعمتها وجندت لها أجهزة الاعلام .. وكعادة النظام المستكبر على الاستعانة باى مرجعية دينية اتخذت الحكومة الاشتراكية الاجراءات اللازمة لدعم تلك الفكرة واخراجها على الملأ فى اقرب وقت .. وكانت الفكرة الاعلان عن ظهور السيدة العذراء بكنيسة السيدة العذراء بالزيتون .. لماذا العذراء وليس المسيح او احد القديسين .. اختار السحرة الدجالين الافاقين المسئولين عن النظام والكنيسة الافتراء والادعاء على شخص السيدة العذراء التى يجمع عليها محبة المسلمين والمسيحين دون اى شائبة .. فللسيدة العذراء مكانتها العظيمة فى قلوب المسلمين كما فى قلوب النصارى بل ويزيد عنهم .. رغم انهم اجتمعوا على محبة السيد المسيح وآمنوا به ولكنهم اختلفوا على نظرتهم العقائدية له .. المسلمون يؤمنون به كنبى ورسول من الرسل اولى العزم جاء بالانجيل ومصدقا بالتوراه ومؤمنا بالانبياء والرسل من قبله ومقر بعبوديته لله الواحد القهار ومبشرا بنذير و نبى ياتى من بعده اسمه أحمد .. و الاقباط النصارى يؤمنون به وبالله فى السماء وبالروح القدس ثلاثتهم كأله واحد .. اذا اختياره للظهور لن يكن محل توفيق بل قد يزيد الاوضاع سوءا .. وكذلك سيكون الحال اذا اختير احد القديسين .. هم يريدون ان يجتمع المسلمون والمسيحيون على شخصية واحدة احبوها وتملكت من جوارحهم .. بصرف النظر على الافتراء والكذب عليها وادعاء ظهورها بالباطل .. وما كان يشين امر ظهورها ..ولكن الاعتراض على استخدام هذه الجهات لتلك الاساليب القذرة الكاذبة المضللة واٍٍٍٍٍٍٍلصاقها باسماء الاطهار المصطفين .. ولم يكن يمضى على النكسة شهور حتى اخذت الفكرة حيز التنفيذ باخراج شيطانى (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)... واكتملت الحبكة القصصية التى اذاعت اكتشاف العمال فى جراج النقل العام المواجه لكنيسة العذراء بالزيتون اثناء خروجهم سيدة تنزل من على القبة الرئيسية فصرخوا : حاسبى ياست لاحسن تقعى .. واذا بهم يكتشفون انها السيدة العذراء .. لم يكذب الرئيس عبد الناصر وحاشيته الخبر .. طبعا حسب احداث الفيلم .. وبسرعه تركوا مشاغل الدولة وذهبوا ليعسكروا جميعا فى منزل احد تجار الفاكهة المواجه للكنيسة فى انتظار ظهورها الساعة الخامسة صباحا .. " معذرة لم تسعفنى المصادر فى التحقق اذا كان لديهم علم من السيدة العذراء بميعاد مسبق لظهورها أو انه كان مفاجىء تطلب من رئيس الدولة الاقامة والتفرغ لاى احتمال لظهورها ".. واعتقد ان الامر كان يحتاج مزيد الى الحبكة .. لكن للحق بمقياس تلك الفترة وفى تلك الظروف المضطربة فان الحبكة الفنية كانت لحد ما بارعة ومؤثرة .. واذا بالرئيس والكنيسة يعلنان ظهور السيدة العذراء فوق قبة كنيسة العذراء بالزيتون فى اوقات العتمة وليس بالنهار حتى يتمكن الجميع معاينة النور .. ولاقت الفكرة والتجربة نجاحا عظيما .. وتدفق الالاف من المسلمين والمسيحين واقاموا الليالى سويا جنبا الى جنب فى انتظار ظهور ام النور حتى لم يعد هناك مكان لموضع قدم ..لكن الرؤية اصبحت غير واضحة وشدة الاضاءة المنبعثة تقل على المسافات البعيدة .. لكن الفكرة فى حد ذاتها نجحت وراقت للدولة والكنيسة تكرار المشهد بكنائس اخرى .. فاذا بالبيان تلك المرة من المقر البابوى بالقاهرة يعلن :" انه منذ مساء يوم الثلاثاء 2 ابريل عام 1968 الموافق 24 برمهات سنة 1684 " تتوالى ظهور السيدة العذراء أم النور فى الكنيسة الارثوذكسية التى باسمها بشارع طومان باى بحى الزيتون .. وانتهى البيان ولكن تلاه شرح من رجال الكنيسة عن الاماكن والمواعيد وايضا الحالة التى تكون عليها ام النور واشكالها .. فهى احيانا تظهر بالجسم الكامل واحيانا بالنصف العلوى ومرة ببروفيل الوجه واخرى جانبية كاملة .. وهكذا وصل الامر بهؤلاء السفلة المضلين .. الدجالين المفتريين من رجال النظام والكنيسة بالتغطية على افعالهم الاجرامية المنحطة بالزج باسم السيدة العذراء فى اباطيل واكاذيب وادعاءات اظهرتها فى اشكال واوضاع محبكة فنية وباضاءات مختلفة الشدة كما لو كاوا يستعرضون مانيكان او عارضة ازياء.. مستغلين حب اهل مصر البسطاء الطيبين من مسلمين ومسيحين لشخص السيدة العذراء ومكانتها فى النفوس .. ولو تأملت البيان البابوى تجد هناك تاريخين الاول الميلادى المعروف عالميا .. والثانى تاريخ قبطى خاص فقط بالكنيسة القبطية والذى يبدأ من عصر الشهداء كما يسمونه والذى قتل فيه مسيحى الرومان مئات الاقباط النصارى وابادوا بلاد باكملها فى اسنا واخميم للقضاء على بذور الكنيسة القبطية لكى يقتلعوها من جذورها .. حيث كانوا يعتبرونها كنيسة شيطانية وثنية وليست مسيحية .. فى عز الاوقات الحرجة والكنيسة لا تتخلى عن عنصريتها وتلحق بالتاريخ الميلادى ذكر التاريخ القبطى فى بيانها الصادر من المقر البابوى .. ويتضمن البيان كما وصفته كنائس الغرب الكاثوليكى والبروتستانتى بانه استخفاف بالعقول ان تحدد السيدة العذراء مواعيد واماكن ظهورها وتطلع ادارة الكنيسة والمقر البابوى بها ..وتختار الكنائس المسماه باسمها والتى تخص تحديدا الكنائس القبطية دون غيرها من الكنائس المسيحية .. وسارعت كنائس الغرب باعداد حلقات تصويرية تمثل حالات ظهور العذراء بكنائسها ببلدان كثيرة خارج مصر والتى فاقت بامكانياتها وحبكتها الفنية مثيلتها بكنائس الاقباط النصارى .. حتى اصبح الامر محل تندر الصحف الغربية واليهودية التى سخرت من تلك السذاجات التى يصوغها نظم الحكم ببلداننا .. وتناول اليهود هذا الامر بسخرية شديدة وتبادلوا النكات موجهين لها الدعوة لزيارة اسرائيل لتهنئتهم بالنصر على اثر رد رجال الكنيسة على استفسارات الصحف الغربية عن سبب ظهور السيدة العذراء فى كنائس الاقباط النصارى الارثوذكس تحديدا وفى هذا التوقيت من تاريخ مصر .. وكانت اجابة كهنة الكنيسة ان السبب رغبة ام النور فى تعزية الرئيس عبد الناصر والمصريين مسلمين واقباط عقب احداث النكسة الاخيرة .. وتكتمت الصحف المصرية التى كات تحكمها الحكومة على تلك الاخبار .. وتناثرتها كنائس الكاثوليك والغرب مكذبين تلك الاباطيل ومؤكدين على استحالة ظهورها بالكنائس القبطية المخالفة للتعاليم المسيحية الصحيحة .. وانه فى حالة ظهورها لن تختار الا كنائسهم الكاثوليكية والغربية حيث ان كل منهم يكفر الآخر .. واثبتوا بالصور التى وزعوها على رعاياهم زيف تلك الادعاءات واستحالة ظهورها باماكن باطلة كالكنائس القبطية من منظور عقائدهم وطالبت رعاياها بعدم الافتتان بتلك الافتراءات الباطلة وعدم الذهاب لاماكنهم وكنائسهم الضالة .. ولكن تلك الخطوة حققت للدولة والكنيسة انجازا اعلاميا حقق الهدف من تجاوز مرحلة تورط الكنيسة فى احداث النكسة وشغلت قلوب المصريين الطيبين بامور روحانية طالما اشتاقوا اليها بفطرتهم الدينية فى كل مراحل ازماتهم .. وتمضى الاحداث بتلك الجماعة ومعها نتابع
وكعادة الحكومة اختصرت قضية تورط الكنيسة فى احداث التجسس والعمالة لصالح العدو واقتصرت الاتهام على مجموعة القساوسة ورجال الكنيسة الذين ادينوا متلبسين بحوزتهم وبكنائسهم اجهزة التصنت .. وكعادة المصريين بطبائعهم المرنة وليونة وطيبة قلوبهم واستعدادهم الفطرى لنسيان الاساءة .. تقبلوا مبررات الحكومة والكنيسة ومروا يتلك الاحداث مر الكرام .. والغريب فى كل تلك الاحداث هو صمت علماء الاسلام .. فبينما سارعت كنائس الغرب بتكذيب تلك الادعاءات وبذل كل ماستطاعت لاثبات تلك الخدع والافتراءات بظهور السيدة العذراء بكنائس الاقباط النصارى .. واذا بعلمائنا يتعاملون مع الامر بكل بساطة .. وبينما الكنائس الغربية تظهر الغيرة على عقيدتها وتحذر ابنائها ورعاياها من افتتانهم بتلك الادعاءات و الانسياق وراء تلك الافتراءات التى تدعيها كنيسة مخالفة لهم فى العقيدة ومن منظورهم خارجة عن تعاليم المسيحية الصحيحة .. ولا يمكن ان تختص السيدة العذراء كنيسة باطلة للنزول والظهور بها .. واذا بعلمائنا لا يعطون للامر اهمية وكأننا و الاقباط النصارى من منظور الوحدة الوطنية واجتناب حدوث الفتن اصبحنا عقيدة واحدة لا اختلاف بيننا و ليس هناك ما يمنع ظهور السيدة العذراء بكنيسة ادعت الوهيه ابنها المسيح وخالفت عقيدتنا الاسلامية .. ما المعنى من اختيار السيدة العذراء لكنيسة قبطية لتقديم العزاء للمسلمين فى نكستهم ومصيبتهم ولماذا تلك المصيبة تحديدا وقد مرت مصر عصور الخلافة الاسلامية بنكسات وغزوات وحروب .. باسم اجتناب الفتن تساق العقائد بأهواء حكام الباطل .. وللحق كانت سطوة نظام عبد الناصر وبطشة بكل التيارات الاسلامية تفوق الحد .. استخدم كل وسائل التعذيب والتى وصلت لحد الابادة ضد كل الرموز الاسلامية المخلصة وضد كل التوجهات الاسلامية وعلى القائمة كان الاخوان المسلمين الذين عانوا منه مالا يوصف من صنوف العذاب .. ولكن لا نلتمس لهم الاعذار وبمصر الالاف من علماء الازهر .. كيف يصل الحال بجنود الله لهذا الحد من الخنوع والخضوع والاستسلام لاهواء زعماء ثقافات شيطانية اشتراكية وديمقراطية وعلمانية ( إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) .. ما الحال الذى يمكن ان تصير اليه البلاد لو انقاد جنود الله والمؤتمنين على الاسلام وراء كل تلك التيارات المعادية والكارهة له .. حتما واكيد سيضيع اسلامنا كما ضاع بالاندلس وما تركيا عنا ببعيد .. وللحق والتاريخ ايضا لم يكن هذا الخوف والاستسلام حال كل العلماء بل كانت هناك جبهة قوية بايمانها وبربها من خيرة العلماء ورغم قلة عددهم الا انهم لم يدخروا جهد ولا تضحية وكل ماستطاعوا من قوة فى سبيل اظهار الحق وازهاق الباطل (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) .. ونشهد لهم امثال الشيخ كشك وغيره من العلماء نحسبهم جنود الله ولا نزكى على الله احد ..
وكان على بطريرك الاقباط النصارى ان يعيد للاقباط ثقتهم بكنيستهم وبانفسهم بعد تلك الهزة العنيفة عقب احداث النكسة .. بفكرة استعادة رفات القديس مرقص من ايطاليا .. وللقديس مرقص مكانة عظيمة بالنسبة للكنيسة القبطية وهو بمثابة الراعى لها واول بطريرك رغم انه مر على موته 19 قرنا وتسمى الكنيسة القبطية باسمه .. الكرازة القبطية الارثوذكسية المرقصية .. استبدلوا لفظ الكنيسة بالكرازة والمسيحية بلفظ القبطية وحتى التاريخ الميلادى استبدلوه بتاريخ قبطى يبدأ من 282 م .. خالفوا الملل المسيحية فى كل شىء .. بينما راعى الكنيسة الغربية هو القديس بولس ..ونجح بابا الاقباط النصارى كيرلس السادس بذكائه فى اعادة جمع شمل الكنيسة القبطية ورفع معنوياتها والتفاف رعاياه حوله واعاد لهم ثقتهم بكنيستهم وقيادتها .. وعمت الاحتفالات بعودة رفات مار مرقص كل الكنائس القبطية .. وطويت الاحداث .. وتمضى لاحداث اخرى اكثر منها غرابة وغموضا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق