3 مايو 2009

«التطبيع المجاني» فى وزارة الأوقاف المصرية







بعد دعوة الوزير المسلمين لزيارة القدس بالملايين:

«التطبيع المجاني» فى وزارة الأوقاف المصرية

نشوى الديب
لا ندرى ما السر خلف إصرار الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف على دعوة جمهور المسلمين لشد الرحال إلى المسجد الأقصى وزيارة القدس؟! فتصريحات الوزير بأنه ينبغى للمسلمين أن يزوروا القدس الآن كما يزورون الحرمين الشريفين ليست هى الأولى للوزير، حيث أعلن عن دعوته هذه أمام فضائيات العالم ووسط جموع العلماء من أكثر من سبعين دولة فى مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية هذا العام، وعلى الرغم من أن الوزير برر دعوته بأنها تحمل رسالة سامية للعالم ولإسرائيل بأن المسلمين لن يفرطوا فى القدس أو الأقصى فقد قوبلت دعوة الوزير برفض شديد وقاس من جميع العلماء الحاضرين للمؤتمر ورغم هذا لم يرتدع الوزير وعاد مؤخرا ينشر دعوته.
وإذا كان وزير الأوقاف قد اتبع نهج شيخ الأزهر الذى دعا إلى زيارة القدس منذ عدة سنوات واستقبل العديد من الحاخامات الصهاينة فى الأزهر فإن العديد من شيوخ الأزهر السابقين تصدوا لكل حملات التطبيع مع العدو الصهيونى ويأتى على رأسهم الشيخ الإمام جاد الحق على جاد الحق الذى هاجم دعاوى التطبيع تحت ستار الدين ورفض تماما مقابلة أى من حاخامات صهيون.
دعوة الوزير بزيارة المسلمين القدس تثير الاستغراب و ترسم الكثير من علامات الاستفهام خاصة مع وجود بنيامين نتنياهو على رأس حكومة الصهاينة ووجود ليبرمان وزيرا لخارجيتها وهما رمزان لقتلة الأطفال والنساء فى فلسطين ولا نعتقد أن الوزير نسى تهديد ليبرمان بضرب مصر بالقنبلة النووية وغرقها بضرب السد العالى أم أن الوزير من مؤيدى التطبيع المجانى مع العدو الصهيوني؟!
كنا نود لو أن الوزير لديه من الوقت قبل إعلان دعوته المرفوضة هذه أن يقرأ فتوى لجنة افتاء الجامعة الإسلامية بغزة والتى لا تجيز للمسلمين من خارج فلسطين زيارة الأقصى المبارك حيث تقول الفتوى و«لما كان حال زعماء المسلمين من الخنوع والاستسلام لأعداء الله وتخاذلهم عن تأدية فريضة الجهاد فإن هذا لا يعفى سائر المسلمين من القيام بهذه الفريضة ما وسعهم ذلك وإذا كان المسلمون لا يستطيعون القيام بالجهاد المباشر لتحرير فلسطين بسبب منع حكامهم لهم وإغلاق الحدود أمامهم نتيجة ولاء الحكام لأعداء هذه الأمة فإن للجهاد أوجها أخرى منها الامتناع عن زيارة المسجد الأقصى والسفر إليه سواء من الدول التى وقعّت معاهدات سلام أم من الدول التى لم توقع فمعاهدات السلام هذه لا يقرها الشرع ولا يعترف بها، وأى زيارة للمسجد الأقصى هى عبارة عن إقرار بشرعية هذه المعاهدات وإقرار بالسيطرة اليهودية على القدس، خاصة إذا كانت الزيارة ذات طابع سياسى أو ثقافى أو دينى أو ما شابه ذلك.
وتضيف الفتوى «إن سياحة المسلمين من سائر بلاد العالم وزيارتهم للمسجد الأقصى المبارك تستغل من قبل الصهاينة فى ترويج أحقيتهم فى إبقاء القدس تحت سيادتهم وذلك ضمن الادعاء بأنها عاصمتهم الأبدية وذلك عن طريق تسويق زيارات المسلمين للأقصى على أنها تندرج ضمن حرية العبادة والتسامح الدينى وبذلك يظهر الصهاينة أمام العالم مدى ديمقراطيتهم وسماحتهم مع المسلمين، ومن ناحية ثانية فإن زيارة المسلمين للقدس تستوجب الحصول على إذن من الصهاينة وفى هذا اعتراف بأحقيتهم فى السيطرة على القدس، وكذلك يمكن أن تتاح الفرصة بشكل أكبر لاختراق الدول العربية والإسلامية من قبل الصهاينة عبر اصطياد الزائرين من المسلمين وإسقاطهم فى وحل العمالة والتعاون مع العدو».
وإذا كانت الفتوى السابقة صدرت عن علماء الجامعة الإسلامية بالأرض المحتلة فإن علماء الإسلام فى مصر شيوخا وشبابا يؤكدونها ويصرون عليها وفى الوقت نفسه يرفضون دعوة وزير الأوقاف بزيارة القدس فالعلامة الدكتور نصر فريد واصل مفتى مصر الأسبق يؤكد دائما أن زيارة المسلمين للقدس هى دعم سياسى ودعائى للصهاينة وتأكيد على أحقيتهم المزعومة للقدس وتكريس للاحتلال الصهيونى واعتراف صريح من المسلمين بسيطرتهم على القدس والأقصى بل وكل فلسطين لأن جواز سفر المسلم الذى سيزور الأقصى سيحمل تأشيرة إسرائيلية مما يعنى اعترافا ضمنيا بشرعية الاحتلال الصهيونى وهى مكافأة لم تحلم بها إسرائيل بأى حال من الأحوال، خاصة فى ظل ما أعلنته إسرائيل عن افتتاحها ما يسمى «كنيس يهودي» أسفل الأقصى فهل يكون رد المسلمين على هذا أن نتودد إلى العدو ونطلب منهم أن يسمحوا لنا بزيارة مقدساتنا ليظهروا أمام العالم بصورة الشعب المحترم للديانات والمسالم للمسلمين.
ومن الشيوخ الشباب المفكر الإسلامى الشيخ محمد هداية الذى رأى أن دعوة الدكتور زقزوق تناقض نفسها، فالدعوة تهدف كما يقول للحفاظ على الهوية العربية للقدس فكيف يتحقق هذا وتأشيرة زيارة المسلم للقدس ستكون تأشيرة إسرائيلية فأين الهوية العربية هنا؟ ثم ألا يعنى أن المسلم الذى يحصل على تأشيرة العدو الإسرائيلى للزيارة أنه يقدم اعترافا ضمنيا بأحقية إسرائيل للهيمنة والملكية للقدس والأقصى وحذر الشيخ محمد هداية من الكارثة الكبرى التى ستقع فيما بعد فإذا تخيلنا أن المسلمين زاروا القدس فالذى سيحدث أنه بمرور الوقت ستتحول الزيارة إلى أمر طبيعى متعارف عليه وحينئذ يقول العدو إننا مادمنا نسمح للمسلمين بزيارة مقدساتهم فلا يحق لهم المطالبة بأن تكون تحت ولاية عربية أو إسلامية ونكون بهذا فرطنا حقا فى القدس والمسجد والأقصى، وأشار هداية إلى أن دعوة الدكتور الوزير تثير الشك فى هذا التوقيت خاصة مع صعود حكومة إسرائيلية متطرفة وأكد أن التطبيع مع العدو الإسرائيلى مرفوض شرعا وأن التأشيرة الإسرائيلية على جواز سفر أى مسلم هى تطبيع واعتراف لإسرائيل بملكية فلسطين،و قال هداية كان أولى بالدكتور زقزوق أن يدعو إلى إقامة مؤتمر عالمى لنزع التصريح والتأشيرة لدخول القدس من إسرائيل لتبقى منطقة ديانات.
والسؤال المخيف عقب دعوة الدكتور زقزوق تلك هو هل ستتبنى وزارة الأوقاف دعوة وزيرها الإجابة تأتى من الدكتور سالم عبدالجليل وكيل أول وزارة الأوقاف الذى أكد أن دعوة الدكتور زقزوق صدرت منذ عدة سنوات وأنه كررها منذ وقت قريب فهى ليست جديدة وهى لا تخرج عن كونها وجهة نظر شخصية للوزير الفيلسوف ولا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالسياسة الدعوية أو بالائمة أو الخطب. وفاجأنا الدكتور سالم بأنه يقبل الذهاب إلى القدس الآن قائلا: القدس ليست قضية فلسطينية محلية وإنما هى قضية عالمية وإسلامية ولابد من الضغط على إسرائيل لتفهم أن القدس لدى المسلمين مثل الحرمين بالضبط وأنا شخصيا أتمنى أن يكون الحج للمسلمين من الكعبة مرورا بالمسجد النبوى وانتهاء بالقدس مؤكدا أنه يقبل الذهاب إلى القدس الآن إذا كان بهدف التأكيد على أسلمة القدس وإحياء النشاط السياحى الذى سيعود على الفلسطينيين فلا مانع، وإن كان هذا بتأشيرة إسرائيلية.
وتعجب الدكتور سالم من الذين يرفضون دعوة الدكتور زقزوق رغم أن الشيخ رائد صلاح يؤيد هذا وهو أحد أهم شيوخ فلسطين، حاولنا الاتصال بالشيخ رائد صلاح بفلسطين فلم نتمكن إلا أن الشيخ عكرمة صبرى مفتى القدس خطيب المسجد الأقصى أكد أن زيارة المسلم بتأشيرة إسرائيلية تكريس للاحتلال ولا ترفعه عن كاهل الأقصى مشيرا إلى أنه يدرك تماما الهدف النبيل الذى جعل وزير الأوقاف المصرى يطلق هذه التصريحات خاصة فى ظل استمرار الحفريات الصهيونية أسفل الأقصى ومحيطه بهدف تقويضه ولكننا نرفض أن تتم تلك الزيارات من خلال العدو لأن إسرائيل ستستغل تلك الزيارات لتهويد كل المقدسات مؤكدا أن مثل هذه الأفعال لن تكون فى صالح الأقصى بقدر ما ستكون فى صالح أعدائه الذين سيربحون من هذه الزيارات وليس الفلسطينيين كما يعتقد البعض!!
ورغم أننا نعلم أن رأى الشيخ تيسير التميمى قاضى قضاة فلسطين الأسبق والذى قاله لنا عدة مرات وأعلنه فى الكثير من الصحف بأنه يرفض زيارة المسلمين القدس تحت الراية الإسرائيلية ويرى أن ذلك يخدم المصلحة الصهيونية لا المصلحة الفلسطينية ورغم علمنا برأيه اتصلنا به ليأتى لنا صوته من الأرض المحتلة محملا بالأسى والأسف والوهن الشديد وفاجأنا برأى مخالف لما كان يردد من قبل حيث قال حدثت تغيرات تجعلنى أسفا أنادى بما ينادى به وزير الأوقاف المصرى الآن رغم أننى من قبل عارضته معارضة شديدة عندما كان الأمل مازال يحدونى وكنا نتمنى أن تأتى إلينا الجيوش العربية أو المساعدات العربية التى بها نقاوم ونحرر القدس، كنا نرفض دخول مسلم واحد تحت العلم الصهيونى على أمل أن تتحرر القدس أما الآن فالعدو كاد يحول القدس إلى كنيس يهودى وكاد يمحو التاريخ العربى والإسلامى للمدينة.
فالقدس الآن تضيع أمام أعين المسلمين ولا حياة لمن تنادى والصهاينة يصادرون الأراضى ويقسمونها إلى بؤر استيطانية، والقدس الآن تتعرض لأكبر هجمة استيطانية فى تاريخها لقد دمرت إسرائيل 0071 منزل وهجّرت أكثر من 02 ألف مقدسى من بيوتهم فى الأشهر الثلاثة الماضية منعوا أبناء القدس من الوصول إلى قلب مدينتهم منعا باتا ولهذا نقول من يستطيع من المسلمين والعرب الدخول للقدس فليفعل فنحن نريد زحفا عربيا وإسلاميا وإذا كانت الجيوش العربية والنظم العربية لم تتحرك فعلى المسلمين أن يتحركوا قبل أن يسقط الأقصى ويتهاوى وحتى تعرف إسرائيل أن المسلمين لن يتركوا القدس، فإذا كان تحذيرنا الدائم والمرير من التخاذل والتقاعس والخزى من الأمة العربية و الإسلامية بكاملها والتواطؤ الدولى ساعدت إسرائيل على الهيمنة وتهويد القدس فالشعوب لن ترضى بغير الأقصى والكرامة بديلا!! والمفاجأة الأخرى فى هذا التحقيق جاءتنا من مصر وعلى لسان الشيخ خالد الجندى نجم الفضائيات والبرامج الدينية والذى أعلن استعداده لزيارة القدس ليس متبنيا وجهة نظر قاضى قضاة فلسطين، وإنما متبنيا الرؤية السياسية لأولى الأمر فى مصر، حيث قال: نعم أقبل زيارة القدس بتأشيرة إسرائيلية إذا سمحت القيادة السياسية التى تمتلك رؤية سياسية لذلك قائلا أنا جندى من جنود مصر واتبع ما يأمرنى به ولى الأمر، وحينما سألته عن الحكم الشرعى للتطبيع مع العدو الصهيونى قال إن التطبيع قضية سياسية وليست شرعية وتخضع لمصالح الدولة، فالتطبيع مع اليهود فى صلح الحديبية كان يخضع لتقدير النبى صلى الله عليه وسلم، وإن كان خالف فى هذا رأى الصحابة لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت لديه رؤية سياسية ليست موجودة لدى الأفراد العاديين فالتطبيع شيء والأمر الشرعى شيء آخر وحينما سألناه ماذا لو تعارضت الآراء والرؤى السياسية لأولى الأمر مع الشرع أجاب نقدم المصلحة التى تؤكدها الرؤية السياسية على الشرع وهذا ما حدث من عمر بن الخطاب فى عام الرمادى عندما عطّل الحدود وقدم المصلحة على الشرع.
جريدة العربي -التاريخ: الأحد 26 أبريل 2009





هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ان التطبيع ببساطة هو الاعتراف بشرعية دولة اللصوص المسماة "إسرائيل"، مما يمهد السبل امام فتح أبواب العلاقات الثقافية/السياسية/الاقتصادية معها، ليتغلغل منها هؤلاء اللصوص مدشنين بذلك مشروعهم الاستراتيجي داخل باقي اقطار الوطن العربي. التطبيع ببساطة: هو أن تعترف بحق اللص الذي سرق بيت أخيك وطرده هو وعائلته إلى الشارع، فتفتح له بيتك ليقوم بسرقتك وطردك فيما بعد
التطبيع بشكل مختصر انك لا تؤمن بنظام بلدك الذي تسكن فيه وانك غير مخلص لوطنك العربي الاسلامي وانك انسان بدون مبدأ وانك غير مخلص للقياده في بلدك وانك مستعد ان تبيع بلدك وقيادتك للكيان الصهيوني باقل الاسعار في النهاية يجب تنفيذ حكم الاعدام بحق المطبع امام اعين جميع الناس ليكون عبرة لغيره بتهمة الخيانة العظمى للوطن