16 فبراير 2009

الانصياع الإعلامي الأمريكي للتلاعب الإسرائيلي المعلوماتي


رشيد خالدي: انحيازاعلامي مكشوف في تغطية العدوان
(الهدهد)15-2-2009
لم يكن الانحياز لاسرائيل اثناء العدوان على غزة بحاجة الى دليل فقد انحازت معظم وسائل الاغلام الاميركية للرأي القائل بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها وفي هذا الحوار يحلل استاذ ادوارد سعيد الاسباب الكامنة وراء الانحياز السياسي والاعلامي للعدوان على غزة


ولم يقتصر الانحياز على مستوى القيادة السياسية ولكنه كان جليًّا في وسائل الإعلام الأمريكية الفاعلة في تشكيل الرأي العام الأمريكي، فقد اتسمت التغطية الإعلامية للعدوان الإسرائيلي بعدم المنهجية والالتزام بمعايير العمل الإعلامي بعرضها وجهة نظر طرف الصراع والترويج لها مع تجاهل الطرف الآخر في المعادلة.
وفي محاولة لتقييم أداء الإعلام الأمريكي في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أجرى موقع تقرير واشنطن حوارًا مع رشيد خالديi. وفي هذا الحوار انتقد خالدي التغطية الإعلامية الأمريكية للهجمات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، قائلاً :إنها تعبر عن رؤية أحادية الجانب للهجمات وهي الرؤية الإسرائيلية، ومضيفًا أنها تغطية إعلامية غير متوازنة ومتحيزة لطرف على حساب الآخر. وفيما يلي نص الحوار مع خالدي.
@ما رأيكم في التغطية الإعلامية الأمريكية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟
إن التغطية الإعلامية الأمريكية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة هي تغطية مصدمة ومرعبة ومتطرفة، فهي تُعبر عن طرف واحد في المعادلة الصراعية ألا وهو الجانب الإسرائيلي، مغفلة تغطية الطرف الآخر من المعادلة المتمثل في الوضع القائم في قطاع غزة لاسيما مع حقيقة أن أغلب المصابين من أبناء القطاع. وتلك التغطية الإعلامية تفتقد إلى أدنى معايير العمل الإعلامي والصحفي، مرددة الحجج والأقاويل الإسرائيلية بدون البحث عن مدى مصداقيتها من عدمه.
والجدير بالإشارة أن وسائل الإعلام الأمريكية انصاعت بطيب خاطر للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة والذي جعل مراسليها خارج الصورة لعدة أشهر قبل بدأ العدوان الإسرائيلي على القطاع. هذا، وقد عرضت وسائل الإعلام الأمريكية بصورة ممنهجة التصريحات التي وزعتها وزارة الخارجية الإسرائيلية والتي كانت الأساس للتغطية الأمريكية. وهذه أحد أفضل الأمثلة على تلاعب إعلامي لم أره من قبل. وهي خطة إسرائيلية للدفاع عن هجماتها العدوانية.
والدور الإسرائيلي في التغطية الإعلامية للهجمات كان جليًّا وواضحًا للعيان، والذي لم يتحدث عنه أحد هنا داخل الولايات المتحدة. وفي إطار التنفيذ الإسرائيلي لتوصيات لجنة فينوجراد الإسرائيلية – هذه اللجنة كان تبحث أسباب الإخفاق الإسرائيلي في حرب لبنان 2006، والتي أرجعت الفشل الإسرائيلي في الحرب إلى الإخفاق الإسرائيلي في السيطرة على الرسالة المرسلة – أنشأت الحكومة الإسرائيلية منذ ستة أشهر مديرية المعلومات الوطنية والتي تشرف عليها وزارة الخارجية. أصبحت تعمل بفاعلية حاليا وقد استقبلت من مصادري الخاصة بعضًا من الرسائل والتقارير التي ترسلها وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى وسائل الإعلام. وهذه التغطية على نطاق واسع في الإعلام الإسرائيلي لاسيما الناطق بالإنجليزية، وتلك الأمريكية اختارت النظر إلى الأمور من منطلق ما تريد إسرائيل أن يراه ويعرفه الآخرون.
@هل ترون أن هناك وسائل إعلام لم تنصعْ إلى هذا التلاعب أم أن الانصياع الإعلامي الأمريكي للتلاعب المعلوماتي الإسرائيلي كان سمة عامة في كل التغطيات الإعلامية الأمريكية؟
كان الانصياع الإعلامي الأمريكي للتلاعب الإسرائيلي المعلوماتي سمة رئيسة في تغطيات وسائل الإعلام الأمريكي للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة. ولم يقتصر هذا على وسائل الإعلام المرئية ولكن كان سمة أساسية في التغطيات الصحفية اليومية وتعليقاتها. وخلاصة القول: إنه لا يمكنك تغطية الصراع إذا لم يكن يسمح لمراسلين أن يكونوا في قلب أرض الصراع. وقد امتثلت وسائل الإعلام الأمريكية للحصار المفروض منذ نوفمبر وأنها تغطي الأحداث وفق المنظور الإسرائيلي لما تريد أن تظهره للعالم والرأي العام العالمي. وهذا نتيجة الانحياز المتأصل لدى كثير من تلك وسائل الإعلام.
ومن سخرية القدر أنك لا تجد مراسلين على الخطوط الأمامية تغطي مقتل أكثر من تسعمائة شهيد فلسطيني بينما تجد مقتل عشرة إسرائيليين من المقاومة الفلسطينية تغطيها مئات وسائل الإعلام والمراسلين. ليس هناك مراسلون غربيون متواجدون في قطاع غزة إلا العاملين في قناة الجزيرة.
@من وجهة نظرك هل هناك اختلاف نوعي بين وجهات النظر التي تعرضها وسائل الإعلام والتقارير والتحقيقات الصحفية؟
بالنسبة للتقارير الصحفية كانت متميزة بعض الشيء. فإنني لم أشاهد كثيرًا من وجهات نظر في وسائل الإعلام الأمريكية تعرض غير وجهة النظر الإسرائيلية. وربما يكون هناك بعض الرؤى المحايدة، ولكني لم ألاحظها. وفي المقابل كانت هناك بعض التقارير للمراسلين من داخل غزة، مثل تقارير صحيفة نيويورك تايمز، قد تكون كافية.
@ما تعليقكم على تغطية الإعلام الإسرائيلي للعدوان على غزة لاسيما الناطق بالإنجليزية؟
التغطيات الإعلامية كانت أفضل بكثير في إسرائيل لاسيما الصحافة المطبوعة. فقد كان هناك تنوع في التعليقات في الإعلام الإسرائيلي. فقد قرأت ما بين ثمانية إلى اثنتي عشرة مقالة رأي كانت أكثر إثارة من أي شيء رأيته في الإعلام الأمريكي. وقد كتبت مقالة لصحيفة النيويورك تايمز تحت عنوان "ما لا تعرفه عن قطاع غزة نشرت في السابع من الشهر الجاري (يناير 2009) -، التي أعتقد أنها الأولى في الإعلام الأمريكي.
@نظرًا للقيود التي تحاول أن تفرضها الحكومة الإسرائيلية على الإعلام الخارجي، ماذا يجب على المنظمات الأمريكية فعله، والذي لم تفعله؟
يجب عليهم عدم تغطية أي حدث إلا في حال وجودهم في قلب الحدث. فمبادئ احترام النفس لدى الصحفي تفرض عليه مطالبة المحررين والناشرين بالوصول إلى الأطراف الأخرى. والتي منعت إسرائيل تغطيتها، لفرض سيطرتها على التغطية الإعلامية، مما يجعلها تعبر عمَّا تراه إسرائيل وما تريد أن يعرفه العالم.
@هل تريد إضافة أي أفكار أخرى؟
أريد أن أضيف أن الصورة تتفوق على الكلمة. وأن الصورة التي تنتجها إسرائيل والتي قد تحدث نوعًا من التعاطف قليلة وبعيدة بعض الشيء، وأن هناك تجاهلاً لتغطية المآسي الإنسانية التي نتجت عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. بعبارة أخرى لم تعرض وسائل الإعلام الأمريكية المرئية والمقرءوة صورًا للجرحى والقتلى الفلسطينيين إلا جد نادر. وأن هذا سوف يستمر طالما استمرت إسرائيل في فرض سيطرتها على الرسالة المرسلة إلى العالم من القطاع، والتي لا ترسل إلا ما تريد أن يعرفه الرأي العام العالمي وليس الحقيق
-------------------------------
رشيد خالدي i هو أستاذ أدور سعيد للدراسات العربية sبجامعة كولومبيا بمدنية نيويورك ومدير معهد الشرق الأوسط بجامعة كولومبيا. وقد حصل على درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد عام 1974.
وتتركز أبحاثه ومقرراته الدراسية على التاريخ الحديث لمنطقة الشرق الأوسط لاسيما تنامي الهوية القومية ودور القوى الخارجية في المنطقة. وتتركز اهتماماته على دور الصحافة في تشكيل السياسات الجديدة. ولكونه أمريكيًّا من أصول فلسطينية فإنه من الأصوات الأمريكية التي تتحدث بصراحة في النقاش والجدل الأمريكي حول الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. وآخر كتبه "القفص الحديدي: قصة الصراع الفلسطيني من أجل تكوين دولة الذي صدر في عام 2006.


ليست هناك تعليقات: