10 فبراير 2009

شاهد عيان على إشتراك النظام الحاكم لمصر في قتل المسلمين في غزة


شاهد عيان على الحصار المصري لغزة طيلة أيام العدوان

رئيس مؤسسة العدالة من أجل غزة وعضو الحزب الوطني الأسكتلندي خليل النيس
07/02/2009 -

لا يزال العدوان على غزة يكشف حقائق وملابسات تثير الجدل خاصة إزاء الموقف المصري بشأن فتح معبر رفح شريان الحياة الوحيد لأهالي غزة.

كان شاهد عيان على كثير من الوقائع عبر وجوده في الجانب المصري من معبر رفح –أحد جبهات الحرب الرئيسية- قبل أسبوع من بدء العدوان وحتى بعد أيام من إعلان وقف إطلاق النار.

النيس البريطاني من أصل فلسطيني، يحمل في ذهنه الكثير من القصص التي يمكن أن تؤرخ لهذه الحرب التي كان معظم ضحاياها من المدنيين الذين تعرضوا لحصار مطبق استمر أكثر من عام ونصف طال طعامهم ودواءهم قبل أن يصبحوا فئران اختبار لأسلحة محرمة صنعت بأميركا لتستخدم من قبل إسرائيل.

وفيما يلي عرض لأبرز القصص التي كان النيس شاهدا عليها ويمكن أن تشكل صورة أوضح للوضع في معبر رفح إبان الحرب التي تعرض لها القطاع على مدى 22 يوما.

هدايا العيد
بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك قررت مؤسسة العدالة من أجل غزة، التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، محاولة إدخال الفرحة على قلوب الأطفال في غزة الذين حرمهم الحصار من الفرح واللعب.

فانطلقت في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول 2008 شاحنة من بريطانيا باتجاه غزة محملة بألعاب وملابس لأطفال غزة.

وبعد عشرة أيام وصلت الشاحنة إلى ميناء نويبع المصري الذي مكثت فيه ثلاثة أيام بسبب الإجراءات المصرية الرسمية، وكادت الرحلة أن تفشل لولا تدخل السفارة البريطانية في القاهرة قبل أن يسمح لها بالتوجه إلى معبر رفح تحت حراسة أمنية مشددة.

وصلت الشاحنة في 20 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى معبر رفح الذي كان مغلقا تماما ورفضت السلطات المصرية السماح بعبور الشاحنة وطلبت ثمانين جنيها عن كل يوم تبقى فيه الشاحنة بالمعبر، غير أن مؤسسة العدالة من أجل غزة رفضت هذا الطلب، واستمر المد والجزر إلى أن تراجعت السلطات المصرية عن موقفها وسمحت ببقاء الشاحنة بالمعبر دون مقابل.

ومرت الأيام دون أن يسمح بدخول الشاحنة إلى أن بدأ العدوان الإسرائيلي على القطاع وبدأت الوفود الدولية والنشطاء والصحفيون يصلون إلى رفح المصرية في محاولة لدخول غزة أو تقديم المساعدات لأهلها.

وهنا طلب مدير مؤسسة العدالة من السلطات المصرية أن تسمح له باستعادة الشاحنة بعد أن يفرغوا حمولتها، وحصل على ما أراد بعد ثلاثة أيام وبدأ باستغلال الشاحنة بنقل النشطاء والمانحين والمساعدات والفلسطينيين العالقين على المعبر بين مدينتي العريش ورفح يوميا.

"
المساعدات التي تمكنت مؤسسة العدالة من إدخالها كان يتم التنسيق بشأنها مع أحد الفلسطينيين في غزة، لكن المؤسسة اكتشفت لاحقا أن هذا الشخص يتبع لمحمد دحلان وأنه كان يقوم ببيع المساعدات للفلسطينيين في القطاع
"
أزمة العالقين
يقول النيس إنه بمجرد وصولهم لمعبر رفح لاحظوا وجود أكثر من 460 فلسطينيا عالقا على المعبر ترفض السلطات المصرية السماح لهم بالعبور إلى غزة، بينهم الكثير من النساء والأطفال والمرضى الذين استكملوا علاجهم بالخارج، وقد اضطر الكثير منهم لافتراش الأرض بعد أن نفدت نقودهم.

ومنذ تلك اللحظة قررت مؤسسة العدالة تبني قضية العالقين، وقامت باستئجار الشقق والغرف الفندقية للعاجزين منهم عن إيجاد محل إقامة، وأبلغت السلطات المصرية بأنها بصدد تنظيم اعتصام سلمي للعالقين في الثاني من يناير/كانون الثاني 2009 تدعو إليه وسائل الإعلام تعبيرا عن احتجاجهم على عدم السماح لهم بالدخول إلى غزة.

وفي يوم الأربعاء الموافق 31 ديسمبر/كانون الأول 2008 استدعت أجهزة أمن الدولة خليل النيس لبحث أزمة العالقين معه دون أن تجيب على أسئلته عن مصلحة مصر في عدم السماح بعودة العالقين.

وفي اليوم التالي تلقى النيس اتصالا من ممثل السفارة الفلسطينية على المعبر يخبره بقرار السماح بعبور المرضى العالقين فقط، وعندما احتج النيس على عدم السماح للجميع بالعودة عاد ممثل السفارة وأبلغه بالسماح لجميع العالقين.

وقد برر النيس منع العالقين من العودة إلى غزة بغايات التكسب، وذكر أن بعض المسؤولين بالسفارة الفلسطينية ورجال الأمن المصري كانوا يتقاضون مبالغ مالية من العالقين مقابل السماح لهم بالعودة للقطاع، مؤكدا أنه يحتفظ بأدلة دامغة على ذلك.


المساعدات القطرية
يقول النيس إن أول يوم للعدوان شهد وصول أربع طائرات قطرية محملة بمساعدات دوائية وغذائية إلى مطار العريش، لكن مصر رفضت في البداية السماح لهم بإدخال المساعدات عبر معبر رفح، وأصرت على إدخالها عبر معبر العوجا الذي تسيطر عليه إسرائيل. وهو الأمر الذي رفضه القطريون بشدة بدعوى أنه ليس من المنطق أن تمر المساعدات لأهل غزة عبر إسرائيل التي ترتكب مجازر ومذبحة بحقهم.

وبعد إصرار القطريين على موقفهم وتهديدهم بإعادة المساعدات للطائرات على مرأى من وسائل الإعلام وبدئهم بتنفيذ ذلك، أعلنت مصر أنها وافقت على إدخال المساعدات. ولكنها عادت بعد تفريغ المساعدات لتقول للقطريين إن المساعدات الدوائية هي فقط التي ستدخل عبر رفح على أن تدخل المساعدات الغذائية عبر معبر العوجا.

وحسب النيس فإنه لا تزال لغاية الآن عشرات الأطنان من الطحين القطري تنتظر في ملعب العريش، عدا عن المساعدات المتكدسة التي حملتها طائرات ليبية وسعودية ومغربية وغيرها.

وبسبب المماطلة الإسرائيلية وعدم إيصال المساعدات الغذائية للقطاع رغم حاجة الفلسطينيين الماسة لها، بدأت الهيئات الخيرية المصرية والنشطاء العرب والغربيون بتعبئة المساعدات الغذائية في صناديق مخصصة للأدوية لتمر عبر رفح على أنها أدوية، "ولا يخلو الأمر من دفع رشى لبعض المسؤولين على المعبر".

وكان ذلك يتم بالتنسيق مع أحد الفلسطينيين على الجانب الفلسطيني من المعبر، لكن المؤسسة اكتشفت لاحقا أن هذا الشخص يتبع للقيادي في فتح محمد دحلان وأنه كان يقوم ببيع المساعدات للفلسطينيين في القطاع. فتوقفت المؤسسة عن التنسيق معه وبدأت تنسق مباشرة مع الناطق السابق باسم الحكومة المقالة غازي حمد لاستلام المساعدات.


ويقول خليل النيس إن الأمر استمر على هذا النحو حتى اليوم السابع عشر من العدوان ليتم اكتشاف الحيلة، فبدأ المصريون يشددون التفتيش على صناديق الأدوية ويمنعون دخول الأغذية.

السفارة الفلسطينية
يلقي مدير مؤسسة العدالة من أجل غزة بلوم شديد على السفارة الفلسطينية في القاهرة ويتهمها بالتقصير الشديد من ناحية التعامل مع الفلسطينيين الراغبين بالعودة للقطاع، وذكر ان اهتمامها كان منصبا على الجانب الأمني فقط دون الاهتمام بمساعدتهم للعودة إلى القطاع.

ويقول النيس إنه لم يأت أي مسؤول في السفارة إلى رفح إلا في اليوم الثالث من العدوان، إذ جاء وزير الصحة من رام الله ليشرف أساسا على المساعدات المتراكمة لنقلها إلى رام الله أو وضعها تحت سيطرة السلطة.

وفي اليوم الثامن عشر للعدوان، وعندما قرر جمال مبارك ابن الرئيس المصري زيارة المعبر للمرة الأولى منذ بدء العدوان، جاء وزير التنمية الاجتماعية في السلطة والسفير الفلسطيني لاستلام سيارات الإسعاف المقدمة من الهلال الأحمر المصري لقطاع غزة وتقديم الشكر على كل ما تقوم به الحكومة المصرية لأجل الفلسطينيين في غزة.

"
التلفزيون الفلسطيني زعم أن حماس استولت على الطحين المصري المقدم للفلسطينيين في غزة في وقت كانت شاحنات الطحين لا تزال على الأراضي المصرية
"
الطحين المصري
قبل أسبوع من العدوان الإسرائيلي على القطاع، أعلن التلفزيون المصري أن الهلال الأحمر سوف يرسل في اليوم التالي عشر شاحنات محملة بالطحين مساعدة للفلسطينيين في غزة.

وحسب النيس فإنه في اليوم التالي جاءت الشاحنات واصطفت أمام المعبر عند الساعة الثامنة صباحا وظلت تنتظر وصول موافقة من السلطات الإسرائيلية للسلطات المصرية لعبور الشاحنات.

ولكن الانتظار استمر حتى الساعة الرابعة عصرا دون أن يأتي الإذن الإسرائيلي، وفوق ذلك اعترضت إسرائيل على استمرار وقوف الشاحنات أمام المعبر المصري، فأعيدت لمدينة العريش، وتكرر الحادث ثلاثة أيام.

وفي اليوم الثالث ومع أن المساعدات كانت لا تزال تقف على الأرض المصرية، أورد التلفزيون الفلسطيني في رام الله خبرا مفاده أن حركة حماس في القطاع استولت على كميات الطحين وقامت ببيعها للمواطنين في غزة، الأمر الذي أثار اعتراض مؤسسة العدالة من أجل غزة، واتصل نشطاؤها محتجين على الخبر لدى ممثل السفارة الفلسطينية في المعبر محمد عرفات، الأمر الذي دفع التلفزيون الفلسطيني لسحب الخبر بعد الفضيحة التي دوت أمام الموجودين في مدينتي رفح والعريش المصريتين.

ولم تتمكن المساعدات من الدخول إلا قبل يومين من بدء العدوان وعبر معبر كرم أبو سالم الخاضع لسيطرة إسرائيل.

اليوم الأول للعدوان
يقول النيس في شهادته على ما جرى بمعبر رفح أيام العدوان على غزة أعلن التلفزيون المصري عن وصول سيارات إسعاف من غزة تقل جرحى لعلاجهم في مصر، وقال إن هذا لا أساس له من الصحة، وأشار إلى وصول ستة جرحى فلسطينيين في أول يوم للعدوان لكن الحكومة المصرية أرجعتهم، وفي اليوم الثاني اصطفت 13 سيارة إسعاف على المعبر لكن لم يسمح لها بالدخول وسمحت في اليوم الثالث بدخول سبعة جرحى.

ويؤكد النيس أن السلطات المصرية كانت تسأل المرافقين للجرحى إذا كان الجريح ينتمي لحركة حماس أو فتح أو الجهاد.


الوجود الأميركي
في اليوم الذي تلا توقيع وزيرة الخارجية الأميركية والإسرائيلية اتفاقية أمنية لضمان عدم وصول الأسلحة لحماس في القطاع، قال النيس إن السلطات المصرية سمحت بنصب مائتي خيمة مجهزة بأحدث وأرقى التجهيزات على طول معبر رفح للخبراء الأميركيين، رغم تأكيد السلطات المصرية على أعلى المستويات أنها لن تسمح بوجود أجنبي على الأراضي المصرية.

الترحيل قسرا
بعد انتهاء العدوان حاول النيس الدخول إلى غزة، وبعد عدة محاولات أرسلت مؤسسة العدالة من أجل غزة كتابا لمحافظ شمال سيناء تطلب منه السماح لرئيسها بالدخول بصفته رئيس مؤسسة إغاثة دولية. لكن المحافظ أحال الموضوع لمدير المخابرات بمدينة العريش، وبعد ساعات من الانتظار أخبره مدير المخابرات أن بإمكانه الدخول لغزة وإنهم أجروا اللازم، وعندما ذهب لمعبر رفح أبلغه رجال الأمن بأنه لم تصل أي موافقة من المخابرات المصرية.

وفي نفس اليوم وعند عودة خليل بالشاحنة برفقة ناشطتين غربيتين لمدينة العريش، استوقفهم العشرات من الضباط ورجال الأمن من مختلف الأجهزة الأمنية في العريش، وأخبروه بأن مدير مخابرات العريش يود التحدث إليه، وتم اقتياده لأحد مخافر الشرطة حيث صودر هاتفه النقال ومنع من التحدث للسفارة البريطانية، وأبلغوه بأنه يجب أن تغادر الشاحنة التي جاء بها من بريطانيا الأراضي المصرية على الفور، رغم أنه حصل على تصريح لبقائها بمصر ثلاثة أشهر إضافية، كما طلب منه مغادرة مصر فورا رغم أنه لديه إقامة لمدة سنة.

وقيل له إن كل هذه الإجراءات تم التنسيق بشأنها مع السفارة البريطانية، فتم اقتياده من العريش إلى نويبع مجددا حيث غادر مصر "بالقوة وليس بالقانون".


مزاد علني
وقد قررت المؤسسة نظرا للدور الذي قامت به الشاحنة لمساعدة الفلسطينيين في غزة، أن تجري مزادا علنيا على الشاحنة في قطر "تقديرا للدور العظيم الذي لعبته هذه الدولة على المستويين الرسمي والشعبي بدعم غزة".
وأوضح النيس أن ريع المزاد سيذهب لصالح شراء سفينة لكسر الحصار على غزة، وقال إن المؤسسة تدرس عروضا لشراء سفن تحمل ثلاثين شخصا ونحو ثلاثين طنا من المساعدات الغذائية بالإضافة إلى أخصائيين لعلاج أطفال غزة من صدمة ما بعد الحرب خاصة أن 65% من الأطفال هناك كانوا مصابين بهذا المرض قبل العدوان، وأن تحمل السفينة مساعدات قرطاسية لطلبة مدارس غزة، وذلك دعما لجهود حرم أمير قطر الشيخة موزة بنت ناصر المسند لمساعدة طلبة المدارس بغزة.

المصدر: الجزيرة نت




ليست هناك تعليقات: