عملية انتقال السلطة في مصر بدأت بالفعل
نقلا عن(مصريون بلا حدود )
يبدو أن عملية انتقال السلطة في مصر قد بدأت بالفعل، بعيدا عن مخطط التوريث، وتكشفت بعض إشاراتها في مناظرة عميقة نظمها المركز الاجتماعي الديمقراطي، مساء أمس الأول، تحدث فيها ضياء رشوان مجددا دعوته لمقايضة تاريخية بين المعارضة ومرشح ينتمي إلي المؤسسة العسكرية، والمهندس عماد عطية وفريد زهران اللذان عارضا التوريث والعسكرة، وأدارها د. سامر سليمان.
كانت ضربة البداية لضياء رشوان، الخبير بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام، الذي جدد دعوته لاحزاب المعارضة المصرية لبلورة وثيقة مشتركة تؤكد فيها رفض التوريث، وتطرح برنامجها لشكل الحكم، في لحظة حاسمة لعملية انتقال السلطة في مصر، وقال إن الرئيس قادم من المؤسسة العسكرية التي ظلت تاريخيا في ظهر الدولة تحمي شرعية يوليو والنظام الجمهوري.
وذكر ضياء أن المؤسسة العسكرية طرف في اختيار الرئيس القادم بحكم كونه قائدها الأعلي ، يستطيع أن يجري فيها ما يشاء من التغييرات ، كما أنها معنية بقضايا حساسة للأمن القومي، كالموقف من إيران وغزة، وهي قضايا تلاعبت بها النخبة الجديدة.. وذكر ضياء أن عمليات المضاربة والاستيلاء علي أراضي الدولة، التي شكلت الطبقة الجديدة تمت في مناطق كانت تحت وصاية الجيش.
وأضاف رشوان أن صراع جمال علي السلطة استند الي ورقتين ونصف هي رغبة والده ومساندة لجنة السياسات ودعم رجال الاعمال. وأعتبر ضياء أنه لم تصدر عن الرئيس مبارك إشارات تفيد برغبته في توريث نجله جمال، ولم يجاهر غير اثنين من لجنة السياسات بدعم جمال .. أما ابرز رجال الاعمال الذين يقفون خلفه وهو أحمد عز فهو مصنوع داخل الدولة.. ورفض ضياء فكرة اعتبار جمال المخلص المدني لازمة الحكم في مصر.
وجدد ضياء دعوته لتشكيل مجلس للدفاع الوطني مهمته تأمين البلاد وسلامتها وأمنها القومي و يختار رئيس الجمهورية ويطرحه علي الشعب في استفتاء عام.
وقال ضياء إن علي المعارضة الان القيام بمقايضة تاريخية جماعية لتكون طرفا في القرار، وهي تستطيع أن تتقدم خطوة من القادم الجديد، بدلا من أن تباغتها الاقدار، دون أن تقدم له شيكا علي بياض، بل قائمة مطالب. وكشف رشوان عن صفقات منفردة تقوم بها بعض الاحزاب مواكبة للتحولات الجديدة .. وعن تعديلات علي قانون مباشرة الحقوق السياسية تفسح مجالا أكبر للاحزاب.
من جانبه ذكر المهندس عماد عطية أن الإجابة التي يطرحها ضياء في الصراع علي رأس السلطة لا تقدم حلا علي الإطلاق، ووصفها بالاجابة الخطأ علي السؤال الخطأ.
وذكر عماد أن أزمة مصر ليست في الاجابة عن سؤال من يخلف مبارك، ولكن في تمكين الشعب من حرية التعبير والتنظيم، وقال إنه يرفض التوريث ولكن من قال إن مرشح الجيش هو الأفضل .. والمرشح القادم سوف يمثل في كل الأحوال تحالف العسكر والمال وبيروقراطية الدولة.
وأضاف أن مشكلة المعارضة ليست في تجاهل سؤال الرئاسة، بل طرح بديل للنظام.. وأن دعوة المعارضة لتأييد مرشح الجيش هي في جوهرها دعوة للاصطفاف حول النظام.. وطالب بطرح السؤال العكسي: ماذا نكسب من دعم مرشح المؤسسة العسكرية؟
ورفض عماد الفزاعة التي تطرح الحل العسكري خوفا من انفجارات غير محسوبة وفوضي شاملة بينما تسترد الحركة الشعبية عافيتها ويتقدم النضال من أجل الحقوق، دون أن يخلف وراءه انفجارات، والواجب هو بناء قوة ديمقراطية للتغيير لتكسب معاركها بالنقاط وتبلور رؤيتها وتوحد روافدها وتصنع القدرة الحقيقية للتفاوض مع مؤسسات الحكم علي حقوق الشعب.
وذكر عماد أنه بسبب كل ما طرأ علي البلاد فإن حكم العسكر لن يحقق المكاسب الوطنية والاجتماعية التي حققتها حركة يوليو ولن يستعير عنها غير الاستبداد.
وقال إنه جري استخدام القيادة السياسية للجيش في حرب تحت القيادة الامريكية وفي تقديم تسهيلات عسكرية واستخدام قضائه العسكري للتنكيل بالمعارضين وتوسيع نشاطه في ادارة مؤسسات مدنية والنتائج كانت سلبية .. وإذا لم يكن جمال لا يصلح كمخلص مدني، وهذا صحيح، فإن الحل العسكري ليس أقل خطورة.. وقد جربنا بعد يوليو مقايضة الخبز بالحرية وفشلت المقايضة.
وكان فريد زهران ، الناشط السياسي، أحد مؤسسي المركز الاجتماعي الديمقراطي، هو ثالث المتحدثين، وميز في بداية حديثه بين ما نتوقعه، ووافق في هذه الحالة علي السيناريوهات التي طرحها ضياء، وما نتمناه.
وذكر زهران أن الصراع علي السلطة، ورأسها موجود وقائم، هو صراع له أساس اقتصادي وسياسي وشللي تتداخل فيه المجموعات المرتبطة برجال الاعمال و بيروقراطية الدولة ومراكز القوي والشلل وتلعب فيه الاجهزة والمؤسسات الامنية.. لكن هذا الصراع ليس مرشحا للحسم علي طريقة التصفية، بل ربما التوافق واعادة ترتيب الاوزان.. وذكر فريد أن التاريخ علمنا أن من يصعد الي السلطة يكون تعبيرا عن ميزان القوي.. والمهم أن نحدد ماذا نريد للشعب، أكثر من أن نحدد شخصية القادم الجديد.
وفي تحديد المطالب استعار زهران عن عادل إمام في الارهاب والكباب طلب أطباق الكباب، وليس الفول والطعمية التي هرت مصارين الشعب. وقال زهران إن هذا الوعي هو الذي دفع الحملة الشعبية للتغيير لطرح شعار "لا للتمديد .. لا للتوريث .. لا لحكم العسكر" وقال إن لدينا اختيار آخر هو طرح مرشح ثالث، ولو كان مرشح ظل، يؤثر علي قرارت الرابح الصاعد الي القصر الجمهوري.
وأبدي فريد تحفظات علي صيغة مجلس الدفاع الوطني ووظائفه، لان ما اتي به النظام الناصري لم يعد ثوابت، وقضايا الامن القومي أصبحت في حاجة الي اعادة تعريف.
وذكر فريد أننا نرفض منطق التوريث لاننا لا يمكن أن نقبل برئيس كل حيثياته أنه ابن الرئيس السابق، أو تربطه صلة ببعض رجال الأعمال، ونال فرصة لم تكن متاحة لغيره من المواطنين .. وبنفس المنطق فإن التوريث المؤسسي يكرس حكم العسكر والجيش مكانه الثكنات واقتحامه الحياة السياسية فيه أضرار بالحياة السياسية وبالجيش نفسه .. والأهم الآن أن نتوصل لآلية واضحة لانتقال السلطة وأسس دولة مدنية ديمقراطية تحميها حقا وفعلا سيادة القانون وحقوق المواطنة المتساوية وحرية التعبير والتنظيم.
وشهدت المناظرة مداخلات مهمة للحضور استمرت إلي قرابة منتصف الليل في أجواء من التفاعل الايجابي الهادئ في مناظرة تقدم نموذجا لتقاليد جديدة للحياة السياسية والفكرية في مصر.
نقلا عن(مصريون بلا حدود )
يبدو أن عملية انتقال السلطة في مصر قد بدأت بالفعل، بعيدا عن مخطط التوريث، وتكشفت بعض إشاراتها في مناظرة عميقة نظمها المركز الاجتماعي الديمقراطي، مساء أمس الأول، تحدث فيها ضياء رشوان مجددا دعوته لمقايضة تاريخية بين المعارضة ومرشح ينتمي إلي المؤسسة العسكرية، والمهندس عماد عطية وفريد زهران اللذان عارضا التوريث والعسكرة، وأدارها د. سامر سليمان.
كانت ضربة البداية لضياء رشوان، الخبير بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام، الذي جدد دعوته لاحزاب المعارضة المصرية لبلورة وثيقة مشتركة تؤكد فيها رفض التوريث، وتطرح برنامجها لشكل الحكم، في لحظة حاسمة لعملية انتقال السلطة في مصر، وقال إن الرئيس قادم من المؤسسة العسكرية التي ظلت تاريخيا في ظهر الدولة تحمي شرعية يوليو والنظام الجمهوري.
وذكر ضياء أن المؤسسة العسكرية طرف في اختيار الرئيس القادم بحكم كونه قائدها الأعلي ، يستطيع أن يجري فيها ما يشاء من التغييرات ، كما أنها معنية بقضايا حساسة للأمن القومي، كالموقف من إيران وغزة، وهي قضايا تلاعبت بها النخبة الجديدة.. وذكر ضياء أن عمليات المضاربة والاستيلاء علي أراضي الدولة، التي شكلت الطبقة الجديدة تمت في مناطق كانت تحت وصاية الجيش.
وأضاف رشوان أن صراع جمال علي السلطة استند الي ورقتين ونصف هي رغبة والده ومساندة لجنة السياسات ودعم رجال الاعمال. وأعتبر ضياء أنه لم تصدر عن الرئيس مبارك إشارات تفيد برغبته في توريث نجله جمال، ولم يجاهر غير اثنين من لجنة السياسات بدعم جمال .. أما ابرز رجال الاعمال الذين يقفون خلفه وهو أحمد عز فهو مصنوع داخل الدولة.. ورفض ضياء فكرة اعتبار جمال المخلص المدني لازمة الحكم في مصر.
وجدد ضياء دعوته لتشكيل مجلس للدفاع الوطني مهمته تأمين البلاد وسلامتها وأمنها القومي و يختار رئيس الجمهورية ويطرحه علي الشعب في استفتاء عام.
وقال ضياء إن علي المعارضة الان القيام بمقايضة تاريخية جماعية لتكون طرفا في القرار، وهي تستطيع أن تتقدم خطوة من القادم الجديد، بدلا من أن تباغتها الاقدار، دون أن تقدم له شيكا علي بياض، بل قائمة مطالب. وكشف رشوان عن صفقات منفردة تقوم بها بعض الاحزاب مواكبة للتحولات الجديدة .. وعن تعديلات علي قانون مباشرة الحقوق السياسية تفسح مجالا أكبر للاحزاب.
من جانبه ذكر المهندس عماد عطية أن الإجابة التي يطرحها ضياء في الصراع علي رأس السلطة لا تقدم حلا علي الإطلاق، ووصفها بالاجابة الخطأ علي السؤال الخطأ.
وذكر عماد أن أزمة مصر ليست في الاجابة عن سؤال من يخلف مبارك، ولكن في تمكين الشعب من حرية التعبير والتنظيم، وقال إنه يرفض التوريث ولكن من قال إن مرشح الجيش هو الأفضل .. والمرشح القادم سوف يمثل في كل الأحوال تحالف العسكر والمال وبيروقراطية الدولة.
وأضاف أن مشكلة المعارضة ليست في تجاهل سؤال الرئاسة، بل طرح بديل للنظام.. وأن دعوة المعارضة لتأييد مرشح الجيش هي في جوهرها دعوة للاصطفاف حول النظام.. وطالب بطرح السؤال العكسي: ماذا نكسب من دعم مرشح المؤسسة العسكرية؟
ورفض عماد الفزاعة التي تطرح الحل العسكري خوفا من انفجارات غير محسوبة وفوضي شاملة بينما تسترد الحركة الشعبية عافيتها ويتقدم النضال من أجل الحقوق، دون أن يخلف وراءه انفجارات، والواجب هو بناء قوة ديمقراطية للتغيير لتكسب معاركها بالنقاط وتبلور رؤيتها وتوحد روافدها وتصنع القدرة الحقيقية للتفاوض مع مؤسسات الحكم علي حقوق الشعب.
وذكر عماد أنه بسبب كل ما طرأ علي البلاد فإن حكم العسكر لن يحقق المكاسب الوطنية والاجتماعية التي حققتها حركة يوليو ولن يستعير عنها غير الاستبداد.
وقال إنه جري استخدام القيادة السياسية للجيش في حرب تحت القيادة الامريكية وفي تقديم تسهيلات عسكرية واستخدام قضائه العسكري للتنكيل بالمعارضين وتوسيع نشاطه في ادارة مؤسسات مدنية والنتائج كانت سلبية .. وإذا لم يكن جمال لا يصلح كمخلص مدني، وهذا صحيح، فإن الحل العسكري ليس أقل خطورة.. وقد جربنا بعد يوليو مقايضة الخبز بالحرية وفشلت المقايضة.
وكان فريد زهران ، الناشط السياسي، أحد مؤسسي المركز الاجتماعي الديمقراطي، هو ثالث المتحدثين، وميز في بداية حديثه بين ما نتوقعه، ووافق في هذه الحالة علي السيناريوهات التي طرحها ضياء، وما نتمناه.
وذكر زهران أن الصراع علي السلطة، ورأسها موجود وقائم، هو صراع له أساس اقتصادي وسياسي وشللي تتداخل فيه المجموعات المرتبطة برجال الاعمال و بيروقراطية الدولة ومراكز القوي والشلل وتلعب فيه الاجهزة والمؤسسات الامنية.. لكن هذا الصراع ليس مرشحا للحسم علي طريقة التصفية، بل ربما التوافق واعادة ترتيب الاوزان.. وذكر فريد أن التاريخ علمنا أن من يصعد الي السلطة يكون تعبيرا عن ميزان القوي.. والمهم أن نحدد ماذا نريد للشعب، أكثر من أن نحدد شخصية القادم الجديد.
وفي تحديد المطالب استعار زهران عن عادل إمام في الارهاب والكباب طلب أطباق الكباب، وليس الفول والطعمية التي هرت مصارين الشعب. وقال زهران إن هذا الوعي هو الذي دفع الحملة الشعبية للتغيير لطرح شعار "لا للتمديد .. لا للتوريث .. لا لحكم العسكر" وقال إن لدينا اختيار آخر هو طرح مرشح ثالث، ولو كان مرشح ظل، يؤثر علي قرارت الرابح الصاعد الي القصر الجمهوري.
وأبدي فريد تحفظات علي صيغة مجلس الدفاع الوطني ووظائفه، لان ما اتي به النظام الناصري لم يعد ثوابت، وقضايا الامن القومي أصبحت في حاجة الي اعادة تعريف.
وذكر فريد أننا نرفض منطق التوريث لاننا لا يمكن أن نقبل برئيس كل حيثياته أنه ابن الرئيس السابق، أو تربطه صلة ببعض رجال الأعمال، ونال فرصة لم تكن متاحة لغيره من المواطنين .. وبنفس المنطق فإن التوريث المؤسسي يكرس حكم العسكر والجيش مكانه الثكنات واقتحامه الحياة السياسية فيه أضرار بالحياة السياسية وبالجيش نفسه .. والأهم الآن أن نتوصل لآلية واضحة لانتقال السلطة وأسس دولة مدنية ديمقراطية تحميها حقا وفعلا سيادة القانون وحقوق المواطنة المتساوية وحرية التعبير والتنظيم.
وشهدت المناظرة مداخلات مهمة للحضور استمرت إلي قرابة منتصف الليل في أجواء من التفاعل الايجابي الهادئ في مناظرة تقدم نموذجا لتقاليد جديدة للحياة السياسية والفكرية في مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق