20 مارس 2009

الإرهاب الأمريكي.... جوانتانامو... رؤية من الداخل








جوانتانامو... رؤية من الداخل
وارن ريتشي

يدافع بعض المسؤولين العسكريين بقوة عن الطريقة التي يعاملون بها المعتقلين في معتقل جوانتانامو المثيرة للجدل، ويرفضون ما يقوله السجناء ومحاموهم من أن الظروف قاسية وغير إنسانية ومخالفة للقانون. وفي هذا الإطار يقول الأميرال ديفيد توماس، قائد القوة التي تدير المخيم: ''ليس في ما نقوم به هنا شيء أستحي أو أخجل من أريه أو أذكره لأمي أو أبنائي لأن ظروف الاعتقال آمنة وإنسانية''.

وتصريحات المسؤول العسكري الأميركي هذه تأتي وسط تقييم متواصل لظروف احتجاز المعتقلين في جوانتانامو بأمر صدر مؤخراً عن الرئيس أوباما؛ وفي هذه الأثناء، ينتظر كل من مسؤولي جوانتانامو ومنتقديهم لرؤية ما إن كانت إدارة أوباما ستقرر تبني السياسات الحالية التي سنتها إدارة بوش أو ستقرر، بدلاً من ذلك، تبني مقاربة أكثر تساهلا، مثلما تدعو إلى ذلك منظمات حقوق الإنسان.

فمحامو المعتقلين يقولون إن موكليهم يُحتجزون في عزلة شديدة ويُحرمون من إمكانية الاحتكاك والتفاعل الاجتماعي الحقيقي. كما يقولون إن بعض المعتقلين يعيشون في خوف دائم ومستمر من الحراس العدوانيين، وإن المعتقلين الأربعين الذين يخوضون حالياً إضراباً عن الطعام يُقيدون -القدمان والساقان والرأس- في كراس حيث يُتركون في هذه الوضعية لفترات طويلة ويُطعَمون قسراً. وفي هذا الإطار يقول ديفيس ريميس، محامي حقوق الإنســـان الذي يوجـــد مكتبـــه في واشنطن والذي يمثـــل 11 معتقلا: ''يمكن أن تأخذ أي شكوى وتجعلها تبدو تافهة، ولكنك حين تجمع كل هذه الشكاوى بعضها مع بعض، ويصبح ذلك هو معيشك اليومي، فإن الأمر يصبح غير قابل للتحمل''.

والواقع أن معسكر الاعتقال في جوانتانامو هو عبارة عن مجموعة من المعسكرات المختلفة التي يتميز كـــل واحد منها بخاصيات ومستويات أمنية مختلفة. ويبلغ مجموع المعتقلين حالياً 242 معتقلا؛ وتوجد معسكرات الاعتقال في جوانتانامو في متاهة من المباني التي تنتشر عبر حقل مترامي الأطراف، خلف خطين من الأسيجة العالية المدعومة بما يبدو آلاف الأميال من الأسلاك الشائكة، على خط ساحلي مطل على البحر الكاريبي.
وعلى رغم أن بعض الأشخاص يطلقون على المعتقل من باب التندر لقب ''Club Med''، إلا أنه لا يوجد في هذا المكان ما يوحي بالمرح أو الاسترخاء لأنه بكل بساطة مكان للسجن والاعتقال. ومن وجهة النظر العسكرية، أنشئ المعتقل من أجل الحفاظ على أمن أميركا عبر منع مقاتلي ''القاعدة'' وأنصارهم من العودة إلى ساحة المعركة، وهي مهمة لا يعترض عليها خبراء حقوق الإنسان ومحامو المعتقلين، ولكنهم يعترضون بشدة على الطريقة التي تتم بها، حيث يقولون إن ظروف الاعتقال قاسية على نحو غير ضروري إلى درجة أنها تدفع بعض المعتقلين إلى حافة الجنون. ولذلك، فإنهم يدعون الإدارة الأميركية الجديدة إلى قراءة واسعة للقوانين الدولية التي تحمي المعتقلين العسكريين خلال النزاعات المسلحة.

في الثاني والعشرين من يناير، أمر أوباما خلال يومه الثاني في السلطة بإغلاق معتقل جوانتانامو في غضون عام؛ كما أمر وزيرَ الدفاع بالقيام بمراجعة فورية لظروف الاعتقال في المعتقل من أجل التحقق من احترام تام لـ''كل القوانين المعمول بها، بما في ذلك الفصل الثالث من اتفاقيات جنيف''. ومما جاء في الأمر الرئاسي أنه ''ينبغي تنفيذ أي تصحيحات ضرورية بشكل فوري''. وتأكيداً على أهمية الأمر الرئاسي، أصدر وزير الدفاع روبرت جيتس توجيهاته إلى ثاني أعلى مسؤول في قوات البحرية، الأميرال باتريك والش، نائب قائد العمليات البحرية، لقيادة فريق أوكلت إليه مهمة تحديد ما إن كان المعتقلون يعامَلون معاملة إنسانية، ومن المرتقب صدور هذا التقرير في غضون أيام.


وفي هذا السياق، يقول قائد المعسكر توماس إن الفريق الذي أنيطت به مهمة المراجعة مُنح ''حرية الاطلاع بدون قيد أو شرط'' على عمليات الاعتقال، مضيفاً أنه يجهل ما قد يرد في التقرير. ومن جانبها، تقول المقدم البحري بولين ستورم، المتحدثة الرسمية باسم المعسكر: ''إننا نركز على الاهتمام بهؤلاء الأشخاص وسنترك لصناع السياسات مسألة تقرير السياسة''.


والحال أن المنشأتين السجنيتين الأكثر عرضة للانتقاد في جوانتانامو هما المعسكران 5 و،6 حيث بني المعسكر 5 ليكون سجناً شديد الحراسة؛ ويستطيع هذا البناء الإسمنتي المكون من طابقين إيواء ما قد يصل إلى 100 سجين، وكل معتقل يعيش بشكل منفرد في زنزانة طولها 12 قدماً وعرضها 8 أقدام. وتتوفر الزنزانة على نافذة صغيرة في الحائط الخارجي ونافذة صغيرة في الباب؛ كما يتوفر الباب المعدني السميك على فتحة تُفتح وتغلق، يمرر من خلالها الحراس الطعام للسجين. ويقول المسؤولون العسكريون إن الإجراءات الأمنية الفائقة مهمة وضرورية للتعامل بشكل آمن وسليم مع ''معتقلين لا يمتثلون للأوامر'' حيث يقول ضابط بالمعسكر 5 إن: ''هؤلاء الأشخاص قد يرمونك بأشياء أو يبصقون في وجهك''.

وبالمقابل، يعيش المعتقلون في المعسكر 4 بشكل جماعي ويأكلون معاً. وهناك غرفة مفتوحة 20 ساعة في اليوم مجهزة بجهاز تلفاز وصحن لاقط، إضافة إلى غرفتين لعرض الأفلام وفضاء مفتوح حيث يستطيع المعتقلون لعب كرة القدم أو الكرة الطائرة أو كرة السلة. ويقول ريك بيكر، الضابط المكلف بالمعسكر 4: ''إنهم لا يريدون مغادرة هذا المكان (إلى معسكر آخر)''.

وعلى رغم هذه المحفزات، إلا أنه ليس كل المعتقلين ينظرون إلى الامتثال للأوامر والتعاون كخير ممكن حيث يبدو بعضهم مصراً على الاستمرار في العنف والقتال بأية وسيلة يستطيع، وهو ما يجعل مهمة الحارس خطرة أحياناً. ويقول قائد المعسكر توماس: ''إن هدفي هو أن أجعل الأمر آمناً وإنسانياً قدر الإمكان... كنت سأضعهم جميعاً في المعسكر 4 لو أنهم كانوا سيمتثلون جميعهم لقوانين المعسكر''.

وارن ريتشي - خليج جوانتانامو
ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور

المركز الدولي لدراسات أمريكا والغرب






















ليست هناك تعليقات: