هل يحاول شيخ الأزهر أسلمة الفاتيكان؟! ـ الهيثم زعفان
الهيثم زعفان (المصريون) : بتاريخ 27 - 2 - 2009
منذ عامين نشرت لي دراسة بعنوان " هل هو اختراق تنصيري للمناهج التربوية الأزهرية ؟! " قمت فيها بتحليل محتوى مادة دراسية كان يدرسها طلاب المرحلة الابتدائية بالأزهر الشريف والتربية والتعليم في نفس الوقت وهي مادة " القيم والأخلاق"، تلك المادة التي أشرف على تحرير كافة كتبها مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية المدعوم مالياً من الخارج.
وقد خرجت الدراسة بكم هائل من النصوص الكنسية التي احتوتها كتب تلك المادة، وبينت الدراسة خطر تلك النصوص على الهوية الإسلامية للطلاب وما يمكن
أن تحدثه في عقيدتهم الإسلامية، وكانت صدمة لى على المستوى الشخصي أن تسمح وزارة التربية والتعليم المصرية بتدريس تلك المقولات والنصوص الكنسية على طلاب مصر من أبناء المسلمين، فمقبول أن يدرسها الطلاب النصارى لكن أن تفرض على المسلمين فهذه مفارقة، والمفارقة الأكبر والتي غيرت مجرى الدراسة والبحث كلية كانت في سماح الأزهر الشريف بتدريس تلك المادة جنب إلى جنب بجوار مادة التوحيد والعقيدة الإسلامية.
استرجعت الذاكرة تلك الدراسة وأنا اتابع رحلة وفد الأزهر إلى الفاتيكان لاستئناف الحوار معه، ذلك الوفد الذي يرأسه البروفسير الشيخ- بحسب وصف الفاتيكان- على عبد الباقي شحاته، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وقد وصف الفاتيكان الوفد بأنه رفيع المستوى فضلاً عن أن الفاتيكان هو الذي يتحمل أعباء سفر الوفد إلى إيطاليا وإقامته هناك.
فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن؛ هل الوقت الراهن مناسب لعقد حوارات بين الأزهر والفاتيكان خاصة وأن هذا الوقت تشتعل فيه ساحة الفاتيكان بنيران محرقة اليهود والتبرؤ من تصريحات كبار رجالاته المشككة في تلك المحرقة؟.
علماً بأن اقتراب الأزهر من الفاتيكان المتقاطع مع اليهود في هذا التوقيت ليس في صالح الأزهر استراتيجياً.
وهل الوقت مناسب للحوار في ظل البذاءات والإساءات الصادرة من اليهود عن طريق القناة العاشرة للتليفزيون الإسرائيلي بحق سيدنا عيسى عليه السلام وبحق أمه السيدة مريم البتول؟ وميوعة موقف الفاتيكان في الرد على اليهود حيال تلك الإساءات؟ وقد كانت فرصة حاذقة للأزهر أن يستثمر تلك الحادثة لصالحة ويحرج الفاتيكان واليهود معاً.
وهل التوقيت مناسب خاصة وأن بابا الفاتيكان يستعد لزيارة الكيان الصهيوني على الرغم من المحرقة التي أحدثها في أهل غزة؟، علماً بأن هذه الجزئية كانت كفيلة باتخاذ الأزهر موقف حازم من هذا البابا الذي أساء للإسلام من قبل وأوقف شيخ الأزهر على أثر إساءاته الحوار مع كنيسة روما، ثم أعاد شيخ الأزهر الحوار مرة أخرى من جانبه على الرغم من عدم اعتذار هذا البابا للمسلمين عن إساءاته.
كنت أعتقد أن وفد الأزهر سيناقش مع الفاتيكان المحرقة التي أحدثها اليهود في غزة ولم تجف دماء ضحايا تلك المحرقة من المسلمين بعد. لكن المظلة العامة للقاء الأزهري الفاتيكاني كانت السلام المبني على قاعدة إعطه خدك الآخر.
والملفت أن أهم ما جاء في البيان الختامي للقاء اللجنة المختلطة للحوار المنبثقة عن المجلس البابوي للحوار بين الأديان بالفاتيكان ولجنة الأزهر الدائمة للحوار بين الديانات "التوحيدية"- استوقفتني كثيراً كلمة التوحيدية ولم استطع فك طلاسمها- بعد حديث مستفيض عن السلام هو اتفاق المؤتمرون على ضرورة " إعادة النظر في الكتب المدرسية كي لا تحتوي على مواد من شأنها إساءة المشاعر الدينية لباقي (المؤمنين) من خلال تفسير خاطئ لعقائد وخلقيات وتاريخ الأديان الأخرى"، "مع تعزيز ثقافة السلام من خلال التعليم والتشديد على احتياج الشبان، إلى رعاية خاصة لحمايتهم من شظايا التعصب والعنف كي يصبحوا بناة سلام لقيام عالم أفضل".
وقد اتفق المؤتمرون في ختام الأعمال على عقد اللقاء المقبل في القاهرة يومي الثالث والعشرين والرابع والعشرين من شهر فبراير 2010.
والتساؤلات التي تفرض نفسها الآن على مشيخة الأزهر:
1) ماهي المكاسب العقدية التي حققها الأزهر من تلك الرحلة الاستجمامية لأعضاء الوفد؟.
2) الأمة الإسلامية نسيج واحد والأزهر قبلة للمسلمين في شتى بقاع الأرض وحال المسلمون في العراق وأفغانستان المحتلين لايحتاج إلى تعليق، ولم تمر إلا أيام معدودات على محرقة غزة، فكيف سيحدث السلام الاستسلامي الفاتيكاني الأزهري المنصوص عليه في البيان الختامي هذا التوازن في موازين القوى بين المسلمين ومحتلى ديارهم من يهود ونصارى؟.
3) كيف سيعيد الأزهر النظر في مناهجه التعليمية وكتبه الدراسية؟ هل سيحذف شيخ الأزهر الآيات القرآنية التي تتحدث عن الجهاد، وعن عقائد أهل الكتاب من المقررات الدراسية الأزهرية؟.
4) هل سيتم التوسع في مادة القيم والأخلاق لتحتوى على مزيد من النصوص الكنسية والرسائل البابوية ليرضى بابا الفاتيكان عن الأزهر؟.
5) اللقاء القادم سيكون في الأزهر العام المقبل فما هي ملامح الأجندة التي ستبدأ المشيخة في إعدادها لهذا اللقاء؟ أم أنها أجندة فاتيكانية معدة سلفاً؟.
تساؤلات أضعها بين يدي شيخ الأزهر مذكراً إياه قبل الشروع في الإجابة عليها بتصريحات الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر الشهر الماضي والتي قال فيها " حينما نتعامل مع الغرب نجد أمامنا الغرب الدينى الذى يمثله «الفاتيكان» والغرب العلمانى ونجد أنهما يتفقان فى النيل من الإسلام و زعزعة جذور الحضارة الإسلامية".
كما أذكر شيخ الأزهر أيضاً قبل الإجابة عن تلك التساؤلات بأن المنظمات المسيحية العالمية تنفق سنوياً 145 مليار دولار، ويعمل في أجهزتها 4.1 مليون عامل متفرغ وتدير 1300 مكتبة عامة كبرى وتنشر 220 مجلة بمختلف اللغات عبر العالم.
كما تنشر 4 مليارات نسخة من الكتاب المقدس في العام الواحد وتدير 1800 محطة إذاعية وتليفزيونية في أنحاء العالم وتستخدم المنظمات الكنسية أكثر من ثلاثة ملايين جهاز كمبيوتر وهناك أربعة آلاف وكالة تنصيرية يعمل بها 262300 منصر يكلفون الكنائس أكثر من 8 مليارات دولار ويصدر كل عام 10000 كتاب وبحث حول التنصير الخارجي، وأن كنيسة روما وظفت 160 مليون سنة عمل للتنصير على وجه الأرض خلال القرون العشرين الماضية فاقت تكلفتها عشرات التريليونات من الدولارت. فهل بعد تلك الأرقام الدولارية التي تشمل نفقات رحلة وفد الأزهر للفاتيكان سيستطيع شيخ الأزهر اختراق الفاتيكان وأسلمته؟!.
Azeg333@yahoo.com
الهيثم زعفان (المصريون) : بتاريخ 27 - 2 - 2009
منذ عامين نشرت لي دراسة بعنوان " هل هو اختراق تنصيري للمناهج التربوية الأزهرية ؟! " قمت فيها بتحليل محتوى مادة دراسية كان يدرسها طلاب المرحلة الابتدائية بالأزهر الشريف والتربية والتعليم في نفس الوقت وهي مادة " القيم والأخلاق"، تلك المادة التي أشرف على تحرير كافة كتبها مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية المدعوم مالياً من الخارج.
وقد خرجت الدراسة بكم هائل من النصوص الكنسية التي احتوتها كتب تلك المادة، وبينت الدراسة خطر تلك النصوص على الهوية الإسلامية للطلاب وما يمكن
أن تحدثه في عقيدتهم الإسلامية، وكانت صدمة لى على المستوى الشخصي أن تسمح وزارة التربية والتعليم المصرية بتدريس تلك المقولات والنصوص الكنسية على طلاب مصر من أبناء المسلمين، فمقبول أن يدرسها الطلاب النصارى لكن أن تفرض على المسلمين فهذه مفارقة، والمفارقة الأكبر والتي غيرت مجرى الدراسة والبحث كلية كانت في سماح الأزهر الشريف بتدريس تلك المادة جنب إلى جنب بجوار مادة التوحيد والعقيدة الإسلامية.
استرجعت الذاكرة تلك الدراسة وأنا اتابع رحلة وفد الأزهر إلى الفاتيكان لاستئناف الحوار معه، ذلك الوفد الذي يرأسه البروفسير الشيخ- بحسب وصف الفاتيكان- على عبد الباقي شحاته، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وقد وصف الفاتيكان الوفد بأنه رفيع المستوى فضلاً عن أن الفاتيكان هو الذي يتحمل أعباء سفر الوفد إلى إيطاليا وإقامته هناك.
فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن؛ هل الوقت الراهن مناسب لعقد حوارات بين الأزهر والفاتيكان خاصة وأن هذا الوقت تشتعل فيه ساحة الفاتيكان بنيران محرقة اليهود والتبرؤ من تصريحات كبار رجالاته المشككة في تلك المحرقة؟.
علماً بأن اقتراب الأزهر من الفاتيكان المتقاطع مع اليهود في هذا التوقيت ليس في صالح الأزهر استراتيجياً.
وهل الوقت مناسب للحوار في ظل البذاءات والإساءات الصادرة من اليهود عن طريق القناة العاشرة للتليفزيون الإسرائيلي بحق سيدنا عيسى عليه السلام وبحق أمه السيدة مريم البتول؟ وميوعة موقف الفاتيكان في الرد على اليهود حيال تلك الإساءات؟ وقد كانت فرصة حاذقة للأزهر أن يستثمر تلك الحادثة لصالحة ويحرج الفاتيكان واليهود معاً.
وهل التوقيت مناسب خاصة وأن بابا الفاتيكان يستعد لزيارة الكيان الصهيوني على الرغم من المحرقة التي أحدثها في أهل غزة؟، علماً بأن هذه الجزئية كانت كفيلة باتخاذ الأزهر موقف حازم من هذا البابا الذي أساء للإسلام من قبل وأوقف شيخ الأزهر على أثر إساءاته الحوار مع كنيسة روما، ثم أعاد شيخ الأزهر الحوار مرة أخرى من جانبه على الرغم من عدم اعتذار هذا البابا للمسلمين عن إساءاته.
كنت أعتقد أن وفد الأزهر سيناقش مع الفاتيكان المحرقة التي أحدثها اليهود في غزة ولم تجف دماء ضحايا تلك المحرقة من المسلمين بعد. لكن المظلة العامة للقاء الأزهري الفاتيكاني كانت السلام المبني على قاعدة إعطه خدك الآخر.
والملفت أن أهم ما جاء في البيان الختامي للقاء اللجنة المختلطة للحوار المنبثقة عن المجلس البابوي للحوار بين الأديان بالفاتيكان ولجنة الأزهر الدائمة للحوار بين الديانات "التوحيدية"- استوقفتني كثيراً كلمة التوحيدية ولم استطع فك طلاسمها- بعد حديث مستفيض عن السلام هو اتفاق المؤتمرون على ضرورة " إعادة النظر في الكتب المدرسية كي لا تحتوي على مواد من شأنها إساءة المشاعر الدينية لباقي (المؤمنين) من خلال تفسير خاطئ لعقائد وخلقيات وتاريخ الأديان الأخرى"، "مع تعزيز ثقافة السلام من خلال التعليم والتشديد على احتياج الشبان، إلى رعاية خاصة لحمايتهم من شظايا التعصب والعنف كي يصبحوا بناة سلام لقيام عالم أفضل".
وقد اتفق المؤتمرون في ختام الأعمال على عقد اللقاء المقبل في القاهرة يومي الثالث والعشرين والرابع والعشرين من شهر فبراير 2010.
والتساؤلات التي تفرض نفسها الآن على مشيخة الأزهر:
1) ماهي المكاسب العقدية التي حققها الأزهر من تلك الرحلة الاستجمامية لأعضاء الوفد؟.
2) الأمة الإسلامية نسيج واحد والأزهر قبلة للمسلمين في شتى بقاع الأرض وحال المسلمون في العراق وأفغانستان المحتلين لايحتاج إلى تعليق، ولم تمر إلا أيام معدودات على محرقة غزة، فكيف سيحدث السلام الاستسلامي الفاتيكاني الأزهري المنصوص عليه في البيان الختامي هذا التوازن في موازين القوى بين المسلمين ومحتلى ديارهم من يهود ونصارى؟.
3) كيف سيعيد الأزهر النظر في مناهجه التعليمية وكتبه الدراسية؟ هل سيحذف شيخ الأزهر الآيات القرآنية التي تتحدث عن الجهاد، وعن عقائد أهل الكتاب من المقررات الدراسية الأزهرية؟.
4) هل سيتم التوسع في مادة القيم والأخلاق لتحتوى على مزيد من النصوص الكنسية والرسائل البابوية ليرضى بابا الفاتيكان عن الأزهر؟.
5) اللقاء القادم سيكون في الأزهر العام المقبل فما هي ملامح الأجندة التي ستبدأ المشيخة في إعدادها لهذا اللقاء؟ أم أنها أجندة فاتيكانية معدة سلفاً؟.
تساؤلات أضعها بين يدي شيخ الأزهر مذكراً إياه قبل الشروع في الإجابة عليها بتصريحات الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر الشهر الماضي والتي قال فيها " حينما نتعامل مع الغرب نجد أمامنا الغرب الدينى الذى يمثله «الفاتيكان» والغرب العلمانى ونجد أنهما يتفقان فى النيل من الإسلام و زعزعة جذور الحضارة الإسلامية".
كما أذكر شيخ الأزهر أيضاً قبل الإجابة عن تلك التساؤلات بأن المنظمات المسيحية العالمية تنفق سنوياً 145 مليار دولار، ويعمل في أجهزتها 4.1 مليون عامل متفرغ وتدير 1300 مكتبة عامة كبرى وتنشر 220 مجلة بمختلف اللغات عبر العالم.
كما تنشر 4 مليارات نسخة من الكتاب المقدس في العام الواحد وتدير 1800 محطة إذاعية وتليفزيونية في أنحاء العالم وتستخدم المنظمات الكنسية أكثر من ثلاثة ملايين جهاز كمبيوتر وهناك أربعة آلاف وكالة تنصيرية يعمل بها 262300 منصر يكلفون الكنائس أكثر من 8 مليارات دولار ويصدر كل عام 10000 كتاب وبحث حول التنصير الخارجي، وأن كنيسة روما وظفت 160 مليون سنة عمل للتنصير على وجه الأرض خلال القرون العشرين الماضية فاقت تكلفتها عشرات التريليونات من الدولارت. فهل بعد تلك الأرقام الدولارية التي تشمل نفقات رحلة وفد الأزهر للفاتيكان سيستطيع شيخ الأزهر اختراق الفاتيكان وأسلمته؟!.
Azeg333@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق