12 مارس 2009

بطاقة شرف للدكتور محمود أبو زيد




الأمن المائي المصري في خطر



تعديل وزاري محدود يثير تساؤلات: إبعاد أبو زيد من "الري" بداعي ظروفه الصحية ومشيرة خطاب وزيرة للسكان والأسرة

أصدر الرئيس حسني مبارك، قرارا جمهوريا بتعديل وزاري محدود أسفر عن خروج الدكتور محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري وتعيين الدكتور محمد نصر الدين علام الرئيس السابق لهيئة بحوث المياه محله، كما شمل التعديل تعيين السفيرة مشيرة خطاب وزيرة دولة لشئون السكان، مع استمرار الدكتور حاتم الجبلي وزيرا للصحة.
وقام الوزيران بإدلاء اليمين الدستورية أمس أمام الرئيس حسني مبارك بحضور رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف ورئيس ديوان رئيس الجمهورية الدكتور زكريا عزمي.
وأضافت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن أبو زيد طلب إعفاءه من منصبة لظروف صحية، فيما يأتي تعيين مشيرة خطاب في منصبها تحقيقا لاستقلال الموضوعات السكانية بمنصب وزاري مستقل عن وزارة الصحة، وتأكيدا للحرص على التعامل مع مشكلة الزيادة السكانية باعتبارها قضية قومية تلقي بضغوطها على جهود الحكومة المصرية لتحقيق التنمية الشاملة.
لكن الخروج المفاجئ لوزير الري السابق، أثار تكهنات حول أسبابه، خاصة وأنه لم يكن هناك مؤشرات على ذلك، ويحظى بإشادة الرئيس مبارك، ومن علاقة ذلك بانتقاداته المتكررة للموقف الرسمي المصري في طريقة تعامله مع التهديدات التي تواجه حصة مصر من مياه النيل.
وكان أبو زيد قد طلب من الحكومة أن تستعد من لكل الاحتمالات بما فيها المواجهة المسلحة مع بعض دول حوض النيل بسبب إصرار تلك الدول إقامة مشروعات على النيلين الأبيض والأزرق بما يهدد بانخفاض حصة مصر من مياه النيل بأكثر من النصف خلال الأعوام العشر القادمة، حيث أن حصة مصر حاليا 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
كما انتقد أبو زيد الموقف الرسمي المصري السلبي من أزمة مذكرة توقيف الرئيس السوداني عمر حسن البشير، حيث وصف الموقف الرسمي المصري بهذا الشأن بأنه ضد المصلحة القومية العليا وضد الأمن القومي المصري فيما يتعلق بموارد مصر المائية.
واعتاد أبو زيد على مطالبة الحكومة بالتدخل والضغط على إسرائيل للتوقف عن عبثها بأمن مصر المائي عن طريق تشجيعها لبعض دول الحوض بالدعوة لتعديل اتفاقية حوض النيل التي تعطى لمصر 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
كما قد يكون لذلك علاقة بتصريحات وزير الري حول مشروع توشكي، والذي قام بآخر زياراته إليه الاثنين الماضي برفقة إيشي كاوا سفير اليابان بالقاهرة، وصرح خلال الزيارة، أن وزارة الموارد المائية والري انتهت من تنفيذ ‏91%‏ من البنية الأساسية لمشروع توشكي بتكلفة ستة مليارات جنيه‏, ‏وأنه بدأ تشغيل‏35‏ محطة رفع مياه عائمة‏, ‏ للإسهام في ري‏40‏ ألف فدان بالأراضي الجديدة بمحافظتي قنا وأسوان‏.
وأعلن أيضا الانتهاء من تنفيذ مشروع سحارة مفيض توشكي خلال ستة أشهر لتوفير المياه لفرع‏3, ‏ وتوفير المياه لري مساحة‏100‏ ألف فدان بتكلفة إجمالية‏180‏ مليون جنيه، وأكد أن مشروع توشكي يشهد حاليا تنمية حقيقية بعد زيادة المساحة المزروعة إلي‏35‏ ألف فدان‏, ‏ منها‏20‏ ألفا تابعة للشركة السعودية‏,‏ و‏15‏ ألف فدان تابعة لشركة جنوب الوادي‏.‏
إلى ذلك، كشفت التسريبات أن السيدة سوزان مبارك حرم رئيس الجمهورية لعبت دورا مهما في اختيار مشيرة خطاب وزيرة للسكان في ظل العلاقات القوية التي تربطهما وارتياح السيدة الأولى لأدائها داخل المجلس القومي والأمومة والطفل رغم تردد أنباء عن أن فصل وزارة السكان عن الصحة يعكس حالة القلق من تنامي مخاطر الزيادة السكانية.
وقد اكتفى الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء بقوله "إن التعديل الوزاري المحدود يستهدف زيادة البعد الاجتماعي في عمل الحكومة خلال الفترة القادمة وذلك من خلال إضافة وزارة جديدة هي وزارة الدولة للسكان والأسرة"، وأشار إلى أن الرئيس مبارك يؤكد دائما على أهمية موضوع السكان وضرورة العمل على تنظيم الأسرة وعلى وضع السكان بشكل عام.
يأتي هذا في الوقت الذي وصف فيه الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق التعديل الوزاري بأنه "تعديل أسري في ظل الصلات الوثيقة التي تربط جمال مبارك بوزير الري الجديد وعمل السيدة مشيرة خطاب لفترة طويلة مع السيدة سوزان مبارك داخل المجلس القومي للطفولة والأمومة".
واعتبر أن هذا التعديل غير مبرر ولن يضيف جديدا لاسيما أن الحديث عن تقصير أبو زيد في ملف المياه وتوسع المشاريع الإسرائيلية في دول حوض النيل يعد مسئولية لجميع أجهزة الدولة ولا يقتصر على أبو زيد فقط.

من جانبه، يرى الدكتور السيد عوض عثمان الخبير الاستراتيجي أن هذا التعديل الجزئي المحدود لا ينبغي الاهتمام به إلا من زاوية أنه سيكون مقدمة لتعديل وزاري أشمل في ظل تطورات الأحداث الأخيرة واحتمالات حدوث تعديل موسع إذا انتخب وزير الثقافة فاروق حسني مديرا عاما لمنظمة "اليونسكو" خصوصا بعد عملية سرقة لوحات من قصر محمد علي بشبرا الخيمة.
وألمح عثمان إلى أن هذا التعديل قد يأتي في سياق الصراعات الداخلية بين أجنحة النظام "الحرس القديم ولجنة السياسات وقد يكون له علاقة قوية بملف تمرير سيناريو التوريث، خصوصا أن النظام لم يعد يخفي سعيه لتنفيذ هذا السيناريو الذي يخدم مصالح النخبة المسيطرة حاليا بامتياز.

ليست هناك تعليقات: