2 مارس 2009

الفساد والعلاقة "غير الشرعية" بين رجال الأعمال والنظام الحاكم في مصر

لوس أنجلوس تايمز: كارثة العبارة "السلام 98" ترمز إلى الفساد والعلاقة "غير الشرعية" بين رجال الأعمال والنظام الحاكم في مصر

كتب أحمد حسن بكر (المصريون): : بتاريخ 1 - 3 - 2009
ربطت جريدة "لوس أنجلوس تايمز" بين كارثة غرق العبارة "السلام 98" في مطلع فبراير 2006م، وحالة الفساد التي تفشت في مصر، ويربطها البعض بالعلاقات بين رجال الأعمال والنظام الحاكم في مصر، مدللة بتعيين مالكها رجل الأعمال ممدوح إسماعيل عضوا بمجلس الشورى المصري، وارتباطه في الوقت ذاته بعلاقات وثيقة مع لجان التفتيش الرسمية المنوط بها التفتيش على سلامة العبارة المنكوبة.
وفي تقرير لها من القاهرة، نشرته أمس، عرضت الصحيفة لمأساة طارق شرف أحد الناجين من الموت والذي فقد عائلته المكونة زوجته وأربعة من أبنائه، والذي عبر عن يأسه في محاكمة عادلة لمالك العبارة الهارب خارج مصر والمتهمين الآخرين في القضية، بقوله "لا أمل في تحقيق العدالة، لكن نريد فقط أن تظل القصة حية".
وروى الرجل كيف اشتعلت النيران في العبارة في ساعات فجر يوم 3 فبراير 2006، حيث كان هو وعائلته على متنها، بالإضافة إلى 1029 راكبا آخرين لقوا حتفهم، مؤكدا أنه وبعد عدة سنوات في قاعات المحاكم وأروقة الحكومة، فإنه على ثقة بأنه لن تتم محاسبة المسئولين عن تلك الكارثة.
وأشار التقرير إلى واقعة هروب ممدوح إسماعيل إلى لندن بعد تهريب أمواله، متعجبا من صدور حكم غيابي بتبرئته رغم وجود تقرير برلماني من 600 صفحة يؤكد وجود عيوب خطيرة في العبارة.
وأضاف شرف، قائلا: "الحكومة ورجال الأعمال يضغطون كثيرا على البسطاء من الشعب، وهذه القضية توضح درجة عالية من الفساد في مصر، كما توضح أن حياة الناس في مصر لا قيمة لها، والدليل على ذلك أن الحكومة وضعت الضحايا في أكياس القمامة وكتبت عليهم عبارة "جثث مجهولة".
ونقل التقرير عن عبد الخالق فاروق المحلل الاقتصادي في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ "الأهرام، قوله "إن بين الدولة ورجال الأعمال في مصر زواج وعلاقات غير شرعية وغير دستورية"، وهى كما يقول "علاقة قائمة على الفساد والمنفعة المتبادلة بين الطرفين نتيجتها اغتصاب واستنزاف الموارد الوطنية بما لا يخدم الأمن القومي أو المصالح الوطنية".
وقال التقرير، إنه بالرغم من أن معظم المصريين يكافحون طيلة أيامهم من أجل لقمة عيش محدودة، فإنه على الجانب الآخر يشاهدون تجاوزات علية القوم، مشيرا إلى إلقاء القبض على هشام طلعت مصطفى رئيس لجنة الإسكان بمجلس الشعب بتهمة قتل المغنية اللبنانية سوزان تميم، وكذا رجل الأعمال هاني سرور عضو مجلس الشعب، الذي اتهم بالتربح من وراء توريد أكياس دم غير صالحة لوزارة الصحة، ورغم ذلك تمت تبرئته في محاكمته الأولى.
ويرى التقرير أن كارثة العبارة تعطى لمحة عن الحالة القاتمة في مصر والمختلفة تماما عن العالم، فالمهاجرون العاملون في السعودية يعودون إلى وطنهم مع أسرهم ومع ما جنوه من أموال في غربتهم على متن سفن متهالكة، بينما أصحاب الملايين والمليارات على علاقات مع الحزب "الوطني" الجاثم فوق صدر أمة يعصف بها التضخم، والاضطرابات العمالية، وسوء الرعاية الصحية والتعليم.
وينوه التقرير إلى أن الاتهام الوحيد في قضية عبارة الموت تم توجيهه إلى قبطان الباخرة التي كانت على مقربة من العبارة المنكوبة وفشل قبطانها في إنقاذ وانتشال الناجين من المياه حيث حكم علية بالسجن 6 اشهر، في حين تم تبرئة مالك العبارة ورفع قرار تجميد أمواله بعد أن وافق على دفع 57 مليون دولار كتعويضات لأهالي الضحايا وللضحايا، كما تم تبرئة كافة المسئولين التنفيذيين.
ويقول التقرير "إن قصة أسوا كارثة بحرية في تاريخ مصر أثارت غضبا عميقا وخيبة أمل لدى المصريين الذين يكتفون بهز الرأس عندما يتحدثون عنها، وأصبحت هذه الكارثة تمثل للمصريين اختزال الوطنية والقهر والإحباط، وتكتمل القصة بتفاصيل العلاقة والصداقة بين ممدوح إسماعيل والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية".
وينقل عن جمال سعيد أحد أعضاء فريق الدفاع عن ممدوح إسماعيل، زعمه أن موكله "انتقل" للندن لظروف صحية، نافيا أن تكون مشاكل الأمان والسلامة في العبارة مثل قوارب الإنقاذ غير الصالحة للعمل، أو عدم وجود طفايات الحريق هي السبب في هروبه، لأن المحكمة لم تلتفت لهذه الاتهامات أثناء محاكمته.
وعاد التقرير لينقل عن طارق شرف قوله "إن الحكومة تعاملت بشكل مهين مع أهالي الضحايا، حيث لم نجد إلا قوات الأمن المركزي، في حين رفض أي مسئول أن يعطينا أي معلومات عن ذوينا الذين ابتلعهم البحر"، مضيفا: "لا أعرف أين اختفى وأولادي الأربعة وزوجتي تحت البحر، هل أكلتهم اسماك القرش، أم ملقاة في مقابر كتب عليها جثث مجهولة".
وتذكر شرف - وهو يتحدث إلى جيفرى فليشمان مراسل الجريدة– ابنته الكبرى لينا والتي كانت ضمن الضحايا، وكيف أنها قصت عليه حلم رأته في منامها قبل سفرهم من جده على متن عبارة الموت، حيث قالت إنها سوف تدخل الجنة، ويضف شرف قائلا "أتخيل أن لينا يمكن أن تدخل على من الباب في أي لحظة".
ويختتم شرف، مؤكدا "لن تكون هناك عدالة، ولو عاد ممدوح إسماعيل لمصر سوف تأكله اسر الضحايا".

ليست هناك تعليقات: