إنهم يسرقون انتصاراتنا
د. رفيق حبيب (المصريون) : بتاريخ 20 - 1 - 2009
كلما حققنا نصرا، نجد من يسرقه منا، ويحاول أن يحرم الأمة من ثمار انتصاراتها، ويحاول تحويل قدر من هذا الانتصار إلى نوع من التراجع ولو النسبي. أنهم يسرقون دماء الشهداء، من أجل مقاعد السلطة والنفوذ، ومن أجل تقديم الخدمات للقوى العظمى، خوفا من انقلاب هذه القوى عليهم. تلك هي المشكلة الأساسية في المواجهات بين العرب وإسرائيل، وهي مشكلة تؤثر على ما نستطيع تحصيله من نتائج لانتصاراتنا في المواجهات مع إسرائيل، وهذه المشكلة بدأت تتزايد منذ حرب إسرائيل على لبنان، فأصبحنا بصدد محاولات لسرقة كل نصر للمقاومة، أو محاولات لتحويل النصر العسكري إلى تراجع أو حتى هزيمة سياسية. لأن المشكلة لم تعد ناتجة عن تبعية الأنظمة الحاكمة للقوى الغربية، بل أصبحت ناتجة من خوف الأنظمة الحاكمة من حركات المقاومة وما تمثله، ومن التيارات التي تساند حركات المقاومة، خاصة التيار الإسلامي. فأصبحت هزيمة المقاومة، أو محاولة تحويل نصرها إلى هزيمة، هي هدف النخب الحاكمة، بجانب أنه هدف القوى الغربية، صاحبة المشروع الصهيوني.
وإذا بدأنا المشهد من حرب أكتوبر عام 1973، والتي تمثل النصر العربي الأول على إسرائيل، فنجد أن ما تحقق في هذه المعركة مثل نصرا مهما على المستوى العسكري وأيضا على المستوى المعنوي. ولكن ما نتج عن الحرب في النهاية، أي اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، كانت أقل مما تحقق على أرض المعركة من نصر عسكري. حيث أن هذه الاتفاقية أعطت مصر أرض سيناء، ولكن مقابل العديد من الشروط التي تمس سيادة الدولة المصرية نفسها. وبقاء اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، على ما هي عليه، يجعل مصر في وضع المهزوم عسكريا، والذي تفرض عليه شروط تنتقص من حقوقه. وكأن مضمون اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، هو استعادة مصر لأرض سيناء، مقابل التنازل عن سيادتها الكاملة في سيناء، بالإضافة لعدد من الشروط الأخرى والخاصة بتصدير البترول والغاز إلى إسرائيل. وهذا الوضع يجوز في حالة من يهزم، وليس من ينتصر. وتلك كانت مشكلة القوى المعارضة مع الرئيس الراحل أنور السادات، لأنها كانت تتصور ومازلت، أن ما تحقق في اتفاقية السلام مع إسرائيل لا يتناسب مع النصر الذي حققه الجيش المصري في حرب أكتوبر، بجانب العديد من نقاط الضعف الأخرى، أهمها إخراج مصر من الصراع العربي الصهيوني من خلال حل منفرد. وهذه النتيجة كان السبب فيها الطريقة التي أدار بها الرئيس الراحل أنور السادات المفاوضات مع إسرائيل، وتسليمه الكامل بدور الولايات المتحدة الأمريكية، مما جعله يقبل ما يعرض عليه من الحلف الصهيوني الأمريكي.
هذا الوضع لم يتكرر عند انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، فقد كان انسحابا من طرف واحد، نتيجة عمل المقاومة اللبنانية متمثلة في حزب الله أساسا. فقد رأت إسرائيل أنها لا تقدر على البقاء في جنوب لبنان، ولا تستطيع الصمود أمام المقاومة اللبنانية، لذلك قررت إسرائيل الانسحاب من دون أي اتفاقات. وهو ما تكرر مرة أخرى في الانسحاب الأحادي الجانب، والذي قررته إسرائيل، من قطاع غزة عام 2005. حيث انسحبت إسرائيل من دون اتفاقات أو شروط. وكان انسحابها من قطاع غزة هو نتيجة عمل المقاومة، بجانب عدم قدرة إسرائيل على السيطرة على قطاع غزة، مما يعني عدم قدرتها على السيطرة على المقاومة في قطاع عزة. ولأن الحكومات أو النخب الحاكمة أو القوى الدولية لم تتدخل في عملية الانسحاب أحادي الجانب، فقد كان انسحابا يحقق نتائج على الأرض تتناسب مع حجم ما حققته المقاومة من انتصارات.
ولكن في حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، تغير الموقف. فقد قامت الحرب على مراحل متتالية، وبدأت بالقصف العنيف والمدمر، ثم بالهجوم البري. وفي هذه الحرب لم تستطع إسرائيل تدمير حزب الله، كما لم تستطع تدمير القوة العسكرية للحزب، وأيضا لم تستطع وقف إطلاق الصواريخ. أي أن كل أهداف إسرائيل من الحرب على لبنان لم تتحقق. ولكن المشهد الأخير للحرب كان مهما، فقد بدأت محاولات وقف الحرب منذ الأيام الأولى، ولكن كل تلك المحاولات لم تكن إلا كسبا للوقت، وكان واضحا أن عملية وقف الحرب تمر بمراحل مخططة مسبقا، بحيث تبدأ بمحاولات فاشلة ثم تحقق نجاحا نسبيا متتاليا، مع تصاعد الحرب، حتى تقترب اللحظة التي تحتاج فيها إسرائيل إلى وقف القتال، فنجد تسارع في مبادرات وقف الحرب. ونجد أن ما طلب من حزب الله في البداية كان حجم هائل من التنازلات، تبدأ بنزع سلاح الحزب، وتصل إلى وجود قوات دولية تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة الخاص بالتدخل العسكري، في جنوب لبنان. أي أن ما عرض على حزب الله في البداية، كانت إنهاء كامل للمقاومة، رغم ما حققته المقاومة من انتصار. ولكن الحزب رفض كل ما عرض عليه، وقبل فقط بتعزيز قوة الأمم المتحدة (اليونيفيل) والموجودة أصلا، كما قبل أن يكون سلاح الحزب غير ظاهر جنوب نهر الليطاني، وهي أمور لا تؤثر على الحزب ولا على قدرته على المقاومة.
في هذه الخلفية المهمة، جاءت حرب إسرائيل على قطاع غزة، وتكررت نفس المشاهد، حيث تتوالى الحرب على مراحل، وتبدأ مع كل مرحلة مبادرات لوقفها، ولكن هذه المبادرات تطول بالقدر الذي تريده إسرائيل، حتى تصل لنهايتها مع اللحظة التي تحتاج فيها إسرائيل وقف الحرب. ولكن الجديد هنا، أن المبادرات والتي تقوم أساسا على المبادرة المصرية، قامت أساسا على إنهاء دور حركة حماس تماما، أي إنهاء دورها العسكري ثم حصار دورها السياسي، وهو ما لم يحدث في حالة حزب الله. ثم بدأت المبادرة بمحاولة لوقف المقاومة تماما، رغم أن الاحتلال مازال قائما، وهي حالة تختلف عن حالة لبنان، حيث انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان، عدا مزارع شبعا. وهنا بات واضحا أن النخب العربية الحاكمة تريد من مبادرات وقف الحرب على قطاع غزة، التوصل إلى وضع يقضي تماما على حركات المقاومة، ويقضي أيضا على الحركات الإسلامية، ويسلم كل مقاليد الأمور لنخبة الحكم الفلسطينية، و التي تتبع السياسة الإسرائيلية. ورغم ما قدمته المقاومة الفلسطينية من ملحمة في الصمود والقتال، تؤكد على أنها وصلت لمرحلة متقدمة جدا في مواجهتا مع العدو، ورغم كل انتصارات المقاومة في قطاع غزة، ورغم هذا الصمود الشجاع لسكان قطاع غزة، رغم كل هذا، أصبح المطلوب من حركات المقاومة أن تضحي بالقضية الفلسطينية بكاملها، لقاء وقف إطلاق النار. وبهذا لم تعد النخب الحاكمة تسرق انتصاراتنا، بل أصبحت تبيع تلك الانتصارات، وتحاول محو أي أثر لها.
هنا علينا أن نعي أن النخب العربية الحاكمة والمتحالفة مع المحور الأمريكي الصهيوني، أصبحت تريد التخلص من حركات المقاومة ومن الحركات الإسلامية بأي ثمن، لأنها تريد إخضاع الأمة وجعلها أمة منهزمة وخاملة، وبدرجة أكثر مما يريد العدو الصهيوني الأمريكي. وهذا يجعل معركة الأمة القادمة، ليس فقط مع عدوها الصهيوني الأمريكي، بل أيضا مع كل النخبة الحاكمة.
............................................
يا دكتور رفيق :
شكرا علي مقالتك الرائعة , وأحييك وأحترمك , أنت أشرف وأكرم من معظم الكتاب والصحفيين والكتاب والمحللين السياسيين والعسكريين والإعلاميين المصريين والوزراء وأعضاء مجلس الشعب وشيخ الأزهر والمفتي ومشايخ ذيل بغلة السلطان الذين باعوا شرفهم وكرامتهم ودينهم وشاركوا اليهود في المذبحة اليهودية للمسلمين في غزة ومازالوا في خندق الأعداء ليس كطابور خامس بل كجزء من كتائبة المعتدية المجرمة علي غزة .
أنني أدعو الله -سيحانه- أن يمن عليك بالإسلام ,لتعوضنا عن فقدهم فقد خرجوا بإرادتهم من الإسلام لأنهم والوا اليهود ضد المسلمين في غزة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق