23 أبريل 2009

الإختراق الأمريكي لمصر:اسرار وحدة ابحاث البنتاجون " نمرو 3 " في مصر


اسرار وحدة ابحاث البنتاجون " نمرو 3 " في مصر

صلاح العربي ، في 8 مايو 2008

البنتاجون يمتلك وحدات أبحاث طبية في معظم دول العالم .. أهمها في القاهرة وجاكرتا وليما ونيروبي وبانكوك
وحدة أبحاث «نمرو 3».. الدفاع عن أمريكا «صحيا» يبدأ من القاهرة

عندما تتحدث عن علاقات الولايات المتحدة بدول العالم سيبدو الأمر متباينا يسوده الوفاق مع الدول المؤيدة للسياسة الأمريكية ومتوترا مع بعض الدول الرافضة لتلك السياسة. لكن عندما يتعلق الأمر بالأبحاث العلمية واكتشاف الأمراض الجديدة ومحاولة مكافحتها يصبح الأمر مختلفا تماما، فنحن نعيش في عالم إن فرقته السياسة وحّده المرض. الدليل علي ذلك النموذج المصري في التعامل مع الولايات المتحدة فرغم أن العلاقات المصرية الأمريكية شهدت أزمات عديدة ثم استقرت منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد إلا أن الفترتين الهادئة والمتوترة شهدتا تعاونا علميا وبحثيا علي مدار 60 عاما حتي خلال الفترة من 1967إلي 1974 ، أي الفترة التي شهدت قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.ظل اهتمام وزارة الدفاع الأمريكية مُنصباً منذ زمن طويل علي الأبحاث التي تجريها علي الأمراض المُعدية وسبل علاج المصابين بها والأمصال الواقية منها علي أفراد الجيش الأمريكي من رجال ونساء. هذا الاهتمام تحول إلي مجال الصحة العالمية ولم يعد منصبا فقط علي صحة الجنود الأمريكيين. بدأ التحول من خلال برنامج متنام لرصد الأمراض وانتشارها بمساعدة شبكة من المختبرات الأجنبية.

شهد عام 1996 صدور تعليمات من مؤسسة الرئاسة الأمريكية بتوسيع دور معظم الوكالات الحكومة الفيدرالية لتحسين الجهود المحلية والدولية في مجال رصد الأمراض المعدية والوقاية منها. "غايس GEIS" أو النظام العالمي لرصد ظهور الأمراض المعدية الناشئة ومعالجتها التابع لوزارة الدفاع الأمريكية، بات يشكل جزءا أساسيا من مهمة رصد الأمراض الجديدة.ورغم أن البداية كانت في عام 1996 إلا أن د. جوزيف مالوني،مدير غايس بين عامي 2003 و2006، دائما ما أصر علي أن وزارة الدفاع الأمريكية كان لها وجود قبل عام 1996 بفترة طويلة، وأضاف في تصريح له في صحيفة الواشنطن بوست: "
"منذ سنوات طوال والحكومة الفيدرالية مهتمة بالأمراض الاستوائية ورصد الأمراض العالمية .. إلا أن عام 1996 شهد بذل مجهود أكبر وتعاونا بين الوكالات الحكومية ومنظمة الصحة العالمية" .
لقد جعل التخوف من انتشار الأمراض المعدية في عالم تزداد عولمته كما يزداد التنقل فيه زيادة التدريب وتعزيز القدرة العلمية الدولية في مجالي الرصد والأبحاث نشاطات بالغة الأهمية بالنسبة لمختبرات وزارة الدفاع الموجودة خارج الولايات المتحدة .
وقد أكد الكولونيل لورن إركسون، مدير نظام غايس، لصحيفة واشنطن بوست: أن كل مختبر من المختبرات الدولية الخمسة هو عملية تعاونية مع البلد المضيف ، وأن أمريكا فخورة جداً لكون الصحة العامة والأبحاث في المجالات التي يوجد لدينا فيها اهتمام مشترك ومصلحة مشتركة تتجاوز القضايا السياسية وتسمو فوقها " .
المختبرات الدولية التي تحدث عنها إركسون هي وحدة الأبحاث الطبية رقم" 3" التابعة للبحرية الأمريكية في القاهرة، ووحدة الأبحاث الطبية رقم" 2 " التابعة للبحرية الأمريكية في جاكارتا بإندونيسيا، ووحدة الأبحاث الطبية التابعة للجيش الأمريكي في نيروبي بكينيا، ومركز الأبحاث الطبية التابع للبحرية الأمريكية في ليما ببيرو، ومعهد القوات المسلحة لأبحاث العلوم الطبية في بانكوك بتايلاند.
وقد بدأت البحرية الأمريكية في القاهرة تقيم الشراكات مع الدول المجاورة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا منذ عام 1946، عندما كلفت وحدة الأبحاث الطبية رقم 3 (المعروفة باسم نمرو-3) بدراسة الأمراض الوبائية والمستوطنة في المناطق شبه الاستوائية التي تتمركز فيها قوات البحرية، والوقاية من الإصابة بها وضبطها والحد من انتشارها.
وما زال علماء البحرية الأمريكية والجيش الأمريكي والعلماء المصريون والموظفون في وحدة نمرو يقومون اليوم، كما كان دأبهم طوال أكثر من 60 عاماً بينها الفترة 1967-1974 التي كانت فيها العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين الولايات المتحدة ومصر، بدراسة الفيروسات والكائنات الناقلة للأمراض، كالقراد والبعوض، والأمراض المعوية وينشئون شبكات الرصد لمراقبة أهم الأمراض التي يهدد خطرها المنطقة.
وقال إركسون: إن المختبرات الموجودة خارج الولايات المتحدة " توفر الأساس الوطيد الذي يرتكز إليه الكثير من العمل الذي نقوم به. ويعمل (العلماء الموجودون هناك) مع البلد المضيف وعلي الصعيد الإقليمي لمساعدة دول المنطقة علي تعزيز قدراتها، فيدربون محترفي العمل في القطاع الصحي علي العمل في المختبرات واستقصاء المعلومات عن الأوبئة وإجراء الأبحاث حولها " .
لقد قامت الوكالات الفيدرالية الأمريكية كمراكز ضبط الأمراض والوقاية منها التابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، خلال 11 عاماً مرت علي صدور تعليمات الرئيس ، بتوسعة نطاق أعمالها هي أيضاً بحيث أصبحت تشمل أنحاء العالم الأخري .
ويظهر موقع مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها علي شبكة الإنترنت أن الوكالة قامت منذ عام 2004 بتنظيم نهجها في مواجهة ظهور الأمراض من خلال برنامج اكتشاف الأمراض العالمي ، وهو شبكة من المراكز الدولية الممتازة المتخصصة باكتشاف ظهور الأمراض المعدية الناشئة وتحديد أنواعها ومتابعتها.
وتتضمن استراتيجية مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها برنامجاً واسع النطاق خاصاً بالأمراض الناشئة وبرنامج تدريب في علم الأوبئة الميداني ولعلماء المختبرات وفريقاً من علماء الأوبئة الذين ينصب اهتمامهم علي مراقبة الأنفلونزا واكتشاف الإصابات بها ، كما تعمل المراكز مع "غايس" في المختبرات الموجودة خارج الولايات المتحدة ولديها عالم أوبئة يعمل بدوام كامل في "نمرو3".
وأوضح إركسون أن مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها منخرطة أيضاً في جهود الرصد الدولية وجهود تعزيز القدرات ومساعدة الدول علي الرد السريع (علي ظهور الأمراض).
وهناك شريك آخر للوكالات الفيدرالية الأمريكية هو منظمة الصحة العالمية في جنيف، حيث يتمركز موظف بدوام كامل تابع لـ"غايس" هو كابتن في البحرية الأمريكية إخصائي في الأمراض المعدية يدرس الأمراض الفيروسية المسببة للنزيف ، وهو يعمل أيضاً كضابط اتصال بين "غايس" ومنظمة الصحة العالمية من خلال الشبكة العالمية للإنذار بظهور الأمراض ومواجهتها التابعة للمنظمة، وهي عبارة عن تعاون فني بين معاهد ومؤسسات وشبكات تنسق مواردها لاكتشاف ظهور الأمراض بسرعة في جميع أنحاء العالم وتحديد نوعها والتثبت من تفشيها والرد علي ظهورها. وتعتبر المختبرات الأمريكية الموجودة خارج الولايات المتحدة مراكز تعاون مع منظمة الصحة العالمية (أي مختبرات قومية تستخدم لأغراض دولية)، وتعتبر دائرة الأبحاث الفيروسية في "نمرو3" مختبراً مرجعياً إقليمياً لمكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط تحول إليه عينات الأنفلونزا.
ويقوم العلماء في تلك الدائرة، بصفتهم تلك، بالتثبت من نوع فيروسات الأنفلونزا التي قامت المختبرات القومية بعزلها، وتوفر التدريب للعاملين في المختبرات، وتتعاون في الدراسات المتعلقة برصد الأمراض، وتقوم بالأبحاث الرامية إلي تحسين مراقبة فيروسات الأنفلونزا ورصدها.
وقال إركسون أيضا: إن هذه فترة مثيرة للقيام بهذا النوع من العمل ، وما أنفلونزا الطيور سوي قطرة في بحر من الأمراض المعدية، فهناك عودة ظهور حمي الوادي المتصدع (حمي وادي الرفت)، وحمي تشيكونغونيا ( وهي حمي فيروسية ينقلها البعوض ) ، والسل المقاوم للعقاقير، وعلي نطاق أوسع ، مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية، وسيبقينا كل ذلك منشغلين جدا "

"نمرو3" … ليس اسما معروفا بين المصريين رغم أنه يعمل علي الاراضي المصرية وفي جميع محافظاتها منذ 60 عاما كاملة، هو مركز أبحاث طبية انشأته وزارة الدفاع الامريكية البنتاجون ويتبع قوات مشاه البحرية الامريكية المارينز. "نمرو3" ليس مجرد مركز أبحاث لكنه جزء من سلسلة كبيرة وممتدة في جميع دول العالم تضم عدد ليس بالقليل من مراكز الأبحاث الطبية التي تعد خط الدفاع الأول عن الولايات المتحدة من الناحية الصحية وتحديدا في مواجهة الأمراض الخطيرة والمعدية والوبائية. تلك السلسلة العلمية ممتدة عبر عدد كبير من دول العالم سواء اختلفت معها الولايات المتحدة أو اتفقت ففي مواجهة الأمراض وأخطارها الوبائية يجب تجنيب كل الخلافات لأن ببساطة شديدة قد تصبح البشرية باكملها مهددة بالفناء.
من بروتوكول فحص الطيور المهاجرة إلي مراقبة الثروة الحيوانية:
كيف حصلت «نمرو3» علي أسرار «الحيوان» في مصر
مراكز أبحاث "نمرو" التابعة لوزارة الدفاع الامريكية منتشرة في جاكرتا في بأندونيسيا، وليما في بيرو، ونيروبي في كينيا، وبانكوك في تايلند بالاضافة إلي عدد أخر من مراكز أبحاث أصغر منتشرة في العديد من الدول حول العالم كلها تؤدي مهمة واحدة هي رصد ومراقبة ومتابعة الأمراض المعدية والوبائية التي قد تهدد البشرية في أي لحظة كحمي الوادي المتصدع والسل وانفلونزا الطيور، فرغم أن تلك الأمراض تبدو وكأنها انتهت من العالم ولم يعد لها أثر إلا أنها كامنة في كل مكان جاهزة للانطلاق لكنها تنتظر اللحظة المناسبة. لذا تراقب "نمرو" تلك الأمراض وتابعها بشكل دوري بحيث تلحظ أي تطور يطرأ عليها لأن الأمر قد يتحول إلي وباء.
لكن الملاحظ أن مراكز الابحاث الرئيسية لـ"نمرو" تنتشر في الدول النامية، وهو الأمر الذي يثير شكوك الكثيرين خاصة عندما يلمح البعض إلي امكانية أن يكون إنشاء تلك المراكز البحثية في الدول النامية يرجع إلي سهولة إجراء تجارب علي البشر في ظل ضعف الرقابة والمتابعة في تلك الدول، وهو بالطبع أمر يصعب إذا لم يكن يستحيل حدوثه في الولايات المتحدة والدول الأوروبية. السؤال المهم أن نطرحه أيضا: كيف يعمل مركز ابحاث "نمرو3" في مصر باعتبارها إحدي تلك الدول النامية؟ .. هل يعمل هذا المركز تحت رقابة وإشراف وزارة الصحة أم أنه لا سلطان عليه من الهيئات الحكومية؟..، وما حجم الاستفادة العلمية التي تعود علي مصر من وجود هذا المركز علي أراضيها؟
لكن ألم يلعب "نمرو3" دورا حيويا خلال تعرض مصر لمشكلة انفلونزا الطيور .. ألم يكن هو أهم المعامل التي أشرفت علي مراقبة تطور الفيروس ولا يزال مستمرا في عمله حتي الآن. أليس من حظنا ـ نحن المصريين ـ أن يكون لدينا مراكز أبحاث بمستوي "نمرو3" سواء علي المستوي العلمي أو الصحي باعتباره فرصة جيدة للكوادر العلمية المصرية التي تعمل داخل المركز لتتعرف علي ما هو جديد.
لم تكتف النمرو 3 بالتمركز في القاهرة، ولكنها سعت طوال العقدين الأخيرين إلي التوغل داخل القري والمحافظات المصرية، فقد كشفت مصادر طبية بالبحيرة أن المركز الأمريكي وقع برتوكول تعاون مع الإدارة الصحية بالبحيرة يقوم بمقتضاه بإجراء الأبحاث المختلفة علي الأطفال في المرحلة العمرية من عام إلي ثلاثة أعوام.
وقد أحجم أهالي قري فرشوط وأم اللبن وكوم القناطر وبلقطر الشرقيه بمركز أبو حمص عن تطعيم أولادهم بتطعيمات المركز الأمريكي، بعد أن انتشرت الشائعات أن تطعيماته تصيب الأطفال بالعقم عند الكبر.
ولإغراء الأهالي بالتعاون مع المركز واجراء الأبحاث عليهم، عمد المركز إلي توزيع هدايا عينية ونقدية عليهم. وقد تمت الإطاحة بالدكتور فرج الديب مدير الإدارة الصحية بأبو حمص بعد اعتراضه علي قيام المركز بتنفيذ أبحاثه علي أهالي أبو حمص، وتحويل أطفالهم إلي فئران تجارب، حسب توصيف الكثيرين.
وتقدم رجب عميش عضو مجلس الشعب عن "أبو حمص" بطلب إحاطة عاجل إلي وزير الصحة حول الغموض الذي يكتنف نشاط وحدة الأبحاث الأمريكية التابعة للبحرية الأمريكية علي أرض أبوحمص- بحيرة، خاصة ما تقدمه من أدوية مجهولة النوع والمصدر.
كما تواجد المركز في محافظة الدقهلية بشكل واضح لدرجة اعتبر معها النائب علي لبن -في طلب إحاطة- أن هذا المركز يأتي ضمن سياق تآمري علي المنطقة بأكملها وعلي مصر بصفة خاصة بتدشين معمل النمرو للتحاليل والتابع للبحرية الأمريكية بمصر.
ورغم الدعاوي والتصريحات التي تؤكد عدم ثبوت أي تحور جيني علي عترات فيروس أنفلونزا الطيور فقد أعلنت نمرو 3 العاملة في مصر منذ أكثر من 60 عاما أنها اكتشفت تحورا جينيا للعترة المعزولة محليا.. وقامت بإبلاغ مركز الأوبئة الدولي باطلانطا - جورجيا.
وثمة أسباب هي الأكثر احتمالا من وجهة نظر الخبراء فقبيل ستة شهور كانت الحكومة المصرية قد نجحت في السيطرة علي تفشي مرض أنفلونزا الطيور في مختلف أرجاء الجمهورية ولم يتبقي منه سوي بؤر محدودة هنا وهناك، إلي جانب بعض الاصابات التي كانت تظهر علي الأفراد، وهي تحت السيطرة بالتنسيق مع وزارة الصحة المصرية وهيئة الخدمات البيطرية ومعاهدها الأربعة البحثية، إلا أن الأمور في وزارة الزراعة المصرية يبدو أنها كانت تسير في اتجاه معاكس حيث تولي قبلها بفترة موقع وزير الزراعة المهندس ماهر أباظة وهو رجل أعمال متخصص في تجارة الأقطان، وقد أطاح الوزير الجديد برئيس هيئة الخدمات البيطرية وجاء برئيس آخر وهو الدكتور حامد عبدالتواب، وأول ما فعله الرئيس الجديد قيامه بإنهاء دور معاهد البحوث الوطنية المرتبطة بهيئة الخدمات البيطرية والشروع في التعاقد مع وحدة أبحاث البحرية الأمريكية - نمرو3- المارينز - لتحل محل المعاهد البيطرية الوطنية المشار اليها وفروعها ومن بينها المعمل المركزي المصري المعتمد وفق المعايير الدولية وكان اول من عزل فيروس أنفلونزا الطيور في مصر بتاريخ 17 فبراير عام 2006م
وقد نص عقد التفاهم بين رئيس هيئة الخدمات البيطرية والنمرو علي أربعة محاور هي:
أولا: تقييم اللقاحات المستخدمة للتحصين ضد أمراض أنفلونزا الطيور، الحمي القلاعية، حمي الوادي المتصدع، ومرض الجلد العقدي، وعمل دراسات التحدي لهذه اللقاحات للوقوف علي أفضلها.
ثانيا: الدعم الفني في حالة ظهور أي وباء من الأمراض الوبائية والمتوطنة في مصر.
ثالثا: مراقبة التغيرات الجينية لفيروسات أنفلونزا الطيور في الدواجن وعلاقته بنوع اللقاح المستخدم في الطيور المنزلية.
وأخيرا: تصنيف ومراقبة التغيرات الجينية للفيروسات المسببة للأمراض الوبائية الأخري في مصر.
وهو ما يجعل النمرو تدير الثروة الحيوانية في مصر من الناحية الوبائية بصورة كاملة تقريبا، بينما كانت النمرو قد أبرمت مع وزارة البيئة بروتوكولا محدودا للمشاركة في فحص الطيور المهاجرة.
ووفقا لكلام الخبير البيطري الدكتور عمر سعد فإنه بعد شهور من تدخل النمرو في البحوث والفحوصات المتعلقة بتفشي أنفلونزا الطيور في مصر وجدنا المرض يستشري بشكل أكثر خطورة ويهدد بالتحول إلي وباء شامل وهو ما جعل الأجهزة المصرية المختصة تعلن حالات الطواريء القصوي في شتي القطاعات من أجل مواجهة الموقف

عبر مجمع «النمرو» شرقي القاهرة الذي يتسع لـ 1500 سرير
الجيش الأمريكي يجري تجارب طبية علي مرضي مستشفي حميات العباسية!
المجمع يعمل فيه أطباء وفنيون أمريكيون مع مصريين لدراسة أوبئة المنطقة ودول الجوار لصالح الجيش الامريكي
بروس بيونتون قائد الوحدة الثالثة للأبحاث الطبية: الفكرة تتلخص في أن العمل في مجال الصحة العامة وسيلة دبلوماسية جيدة

من يذهب إلي مستشفي الحميات بالعباسية سيجد نفسه امام ترسانة من المختبرات وليس عنابر للمرضي، فخلف مبني المستشفي يستقر مبني آخر غاية في الأهمية فيه عدد من أطباء البحرية الامريكية المتخصصين في علم الفيروسات يجري بالاشتراك مع أطباء مصريين أبحاثًا علي أمراض الإيدز والملاريا، وفيروس انفلونزا الطيور في مستشفي حميات العباسية.
فبعد أن ازداد تنقل الجراثيم غير المعروفة والمعروفة، من دولة إلي أخري عبر الحشرات والحيوانات والبشر لتنشر المرض والموت، قامت مجموعة صغيرة من العلماء الأمريكيين بإقامة خط دفاع طبي في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا، ضد عدد من الأمراض التي تتفاوت من الملاريا إلي الحميات إلي الإيدز والفيروس المسبب له إتش آي في إلي أنفلونزا الطيور .
وفي مساحة تزيد علي الفدان أقيم مجمع علي شكل مثلث شرقي مدينة القاهرة، يقع في ظلال مستشفي الحميات بالعباسية، أقدم وأكبر مستشفي في هذا المجال بالشرق الأوسط تصل قدرته الاستيعابية إلي 1500 سرير، ويوجد في هذا المجمع فريق من علماء الجيش والبحرية الأمريكية، وهم موظفون مدنيون أمريكيون، وعلماء وفنيون مصريون، بالإضافة إلي مجموعة من المتعاقدين وكلهم يشكلون مجموع العاملين بالوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية التي تحتفل بعيد ميلادها الـ 60 بعد اسابيع قليلة.
وحسب المصادر العلمية داخل اكاديمية البحث العلمي، فإن المهمة المباشرة لتلك المجموعة هي دعم أفراد الجيش الأمريكي ممن يخدمون بالمنطقة بدراسة الفيروسات، والأمراض المعوية، والكائنات الحاملة للأمراض مثل البعوض والبراغيث، وكذلك من خلال مراقبة ومتابعة الأمراض من خلال تجارب تجري علي المرضي في مستشفي حميات العباسية.
كما يشارك العلماء في مهمة لم ينص عليها رسميا البيان الصادر عن مهمة البعثة وهي التأكيد دائمًا علي أنهم جيران طيبون يقدمون مزايا البحث العلمي والطبي ليستفيد بها مواطنو الدول القريبة منهم، وهو الأمر الذي فسرته مصادر طبية بأن الوحدة المذكورة تجري تجاربها أيضًا في هذا المركز علي أشخاص آخرين من خارج مصر، ربما يكونون من دول أفريقية خاصة تلك الدول التي تعاني من الإيدز والملاريا .
والغريب في الامر أن مرضي مستشفي حميات العباسية يخضعون لتجارب العديد من الأدوية الفيروسية التي تجريها الوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية، والتي هي جزء من قيادة الأبحاث الطبية البحرية بولاية ميريلاند ولها مختبرات أبحاث طبية أخري خارج الولايات المتحدة تتضمن الوحدة الثانية للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية في مدينة جاكارتا بإندونيسيا ومعهد الأبحاث الطبية التابع للبحرية الأمريكية في ليما ببيرو .
ويرأس هذه الوحدة الكابتن بروس بوينتون الذي دائما ما يؤكد أن الأمراض التي تجري دراستها بالوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية محل اهتمام كبار المسئولين عن الصحة العامة، كما يوجد تعاون وثيق بينها ووزارة الصحة والسكان المصرية .
ويعتبر قسم أبحاث الفيروسات في الوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية المختبر الإقليمي الرئيسي الذي يستعين به المكتب الإقليمي لمنطقة شرق البحر المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية، والذي يقرر فيه العلماء العاملون بالوحدة نوعية فيروسات الأنفلونزا التي تقوم بفرزها المختبرات القومية .
كما تقوم بتطوير وتوزيع المواد المستخدمة في إجراء الأبحاث علي الفيروسات، وتحضير المواد اللازمة للتدريب، وتنظيم ورش العمل وحلقات التدريب، والتعاون في بعض الدراسات المتعلقة بمتابعة الأمراض، وإجراء أبحاث لتحسين سبل مراقبة فيروس الأنفلونزا .
ويقوم الفنيون بالوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية بتحليل ودراسة التكوين الجيني للفيروسات للتعرف علي أنواع معينة منها وتحديدها، وهي عملية ضرورية بالنسبة لتطوير الأمصال واللقاحات والأدوية، وهو ما يؤكد أن العديد من المرضي المصريين يخضعون لتجارب الوحدة الأمريكية دون أن يعلموا، كما يفحصون الطبيعة الجينية لفيروسات الأنفلونزا، بما فيها فيروس«N1H5» شديد الخطورة ويتبادلون المعلومات مع العلماء والجمعيات العلمية في جميع أرجاء العالم، وفقا لصحيفة الواشنطن بوست، لكي يستفيد العالم كله من تلك المعلومات.
وعلي سبيل المثال اكتُشفت في مصر يوم 18 يناير فيروسات من نوعية«N1H5» لديها قدرة جينية علي التحور، وبإجراء الاختبارات المعملية وجد أن تلك الفيروسات لديها قدرة محدودة علي مقاومة أحد العقاقير المضادة للفيروسات الذي يعرف تجاريا باسم " تاميفلو "، واكتشف ذلك في شخصين أصيبا بفيروس«N1H5»، طبقًا لما جاء في بيان أصدرته منظمة الصحة العالمية .
والمصابان هما فتاة عمرها 16 سنة، وعمها البالغ من العمر 26 سنة، كانا يعيشان في منزل واحد بمحافظة الغربية، وعولجا بعقار " تاميفلو " قبل يومين من أخذ العينات منهما، ورغم كل الجهود التي بذلها القائمون علي الرعاية الصحية فإن الفتاة توفيت يوم 26 ديسمبر 2006م، وتوفي عمها يوم 28 من الشهر نفسه، ومن بين الـ267 حالة إصابة في العالم بفيروس " «N1H5» منذ عام 2003م حدثت 52 حالة منها في مصر .
وتمت المراقبة والتحليل الفيروسي السريع في المختبر المركزي للصحة العامة بالقاهرة وسمح ذلك مبدئيا بتشخيص الإصابة علي أنها بفيروس «N1H5» ، ثم أجريت الاختبارات المؤكدة وما ترتب عليها من نتائج جينية في الوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية ومركزين من المراكز المتعاونة مع منظمة الصحة العالمية بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة .
"حسن الجوار … يبلغ الأمل" ..ليس مثلاً شعبيا ولكنه شعار رفعته النمرو 3 للعمل في مصر من أجل ايجاد تعاون وثيق بين الوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية ووزارة الصحة والسكان المصرية، ومنظمة الصحة العالمية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومعاهد الصحة القومية بالولايات المتحدة، ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، وعدد كبير من المنظمات غير الحكومية.
حتي ان قائد الوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية الكابتن بروس بوينتون دائما ما يقول " إن الفكرة تتلخص في أن العمل في مجال الصحة العامة وسيلة دبلوماسية جيدة، وهذا لا يقتصر علي أننا نمثل الولايات المتحدة فحسب، فالأمراض التي تجري دراستها بالوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية محل اهتمام كبار المسؤولين عن الصحة العامة، وتقديم خدمات جيدة للشعب تقرب بين الدول والشعوب.
ويشرف علي هذا القطاع القائد البحري الليوتينات مارشال مونتفيل رئيس برنامج أبحاث الفيروسات والأمراض التي تنتقل من الحيوان إلي الإنسان بالوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية الذي يعتمد في عمله علي أن من بين أهم ما يقوم به كمختبر رئيسي إقليمي فيما يتعلق بالأنفلونزا الموسمية أو أنفلونزا الطيور هو تدريب العلماء والفنيين بالمنطقة علي تشخيص الأنفلونزا في الوحدة الثالثة للأبحاث الطبية التابعة للبحرية الأمريكية، ثم إإسال فريق ميداني لتدريبهم في المعامل الخاصة بهم، ثم القيام بزيارتهم مرة كل حين للتأكد من أن كل شيء علي مايرام .
ودائما يعتمد في محاضراته علي العبارة التي تلقاها في الاكاديمية البحرية الامريكية أن التدريب بشكل دقيق يصب في مصلحة التأكد من جودة الأداء، و أنهم يريدون " التأكد من أنهم يفعلون كل شيء بطريقة صحيحة في المعامل الخاصة بهم. وهم حينما يرسلون لنا أشخاصا للتدريب، نكون في العادة ندرب المدربين، ولذا فإننا نريد التأكد من أن المدربين حينما يعودون سيدربون التابعين لهم بالأسلوب الملائم. كما أنهم يتعاونون معنا، وهذا شيء جيد من الناحية العملية <

د . مجدي الصفطاوي رئيس قسم الرصد الليزري الفضائي بجامعة الملك عبد العزيز:
غياب ثقافة البحث العلمي جعل بلادنا مرتعا لمراكز الأبحاث الأجنبية

أكد العالم المصري د.مجدي الصفطاوي رئيس قسم الرصد الليزري الفضائي بجامعة الملك عبد العزيز السعودية ، وأحد علماء ما يسمي بـ "حرب النجوم" المعدودين، الذين تركوا مصر لعدم وجود مراكز أبحاث متخصصة في هذا المجال، علي خطورة ترك المجال مفتوحا أمام مراكز الأبحاث الأجنبية للعمل بمفردها داخل البلاد دون وجود إسهامات حقيقية من مراكز الأبحاث الوطنية .
وأشار الصفطاوي في حواره إلي أن غياب ثقافة الاهتمام بمراكز الأبحاث ودورها في الحياة الاجتماعية والثقافية والاهتمام بالأبحاث التي تعتمد علي " الأكل والشرب " كان له دور في هروب علماء المستقبل إلي مراكز الأبحاث الغربية بعيدا عن هموم مراكز الأبحاث المصرية .
>هل تعتقد أن مراكز الأبحاث المصرية لا تفي باحتياجات مصر ؟
>> مصر بها 104 مراكز بحث علمي، تتجرع كأس المرارة علي ضوء ظلم وتجاهل الدولة طموحات وأفكار أي عالم داخل أي مركز علمي أو بحثي، من ميزانية متواضعة للبحث العلمي مرورا بالتسويف عند مناقشة أي إنتاج مطروح يفيد التنمية ويساهم في حل مشاكلنا وانتهاء بإلقاء هذه الأبحاث داخل الأدراج، فلا يجد العالم ملاذا لإبداعاته سوي الأيدي الأجنبية التي تسارع إلي التقاط هذه الدراسات واستثمارها لتظهر في النهاية مشاكل الأهداف الخارجية التي نعاني منها .
> لهذا تعتقد أن مراكز الأبحاث المصرية ليس لها دور ملموس في تنمية المجتمع المصري ؟
>>الدور الملموس لأي بحث علمي هو الاشتراك كجزء حيوي في التنمية وبشكل يجعل الشارع يحس بأن للعلماء مكانا بينهم، ولكن للأسف الشديد هذا لا يحدث في مصر، فالبحث العلمي في مصر يشبة «الجزر المنعزلة»، حيث يعمل كل مركز بحثي في إطار منفصل تماما عن المراكز الأخري وعن احتياجات الدولة، فمن المفروض أن يكون البحث العلمي منظومة متكاملة وله أهداف تنموية لصالح الوطن وحل مشكلاته، ولكن في مصر يعتمد بشكل كبير علي المبادرات الفردية للباحثين، فلا يعرف الباحث ما تحتاجه الدولة ليقوم بعمله، وإنما يقوم بأبحاث فردية و يعمل علي تسويقها بالمجهودات الشخصية عن طريق معرفته بشركة ما تحتاج نتائج بحثه لحل أزمتها، وبالطبع بتلك الطريقة تتحول المنظومة المتكاملة إلي جزر منعزلة تعتمد علي اجتهادات الأفراد.
> وما الأسباب الحقيقية وراء ضعف مراكز الأبحاث المصرية ؟
>>مشكلة البحث العلمي في مصر هي غياب مفهوم الفريق البحثي المتكامل بحيث يساهم كل فرد في إضافة جزء للبحث وتطويره حتي يحصل علي براءة اختراع مصرية ودولية، كما أن رجال الأعمال يحتاجون للتوعية بأهمية البحث العلمي، بالإضافة إلي أهمية زيادة موارد الميزانية المخصصة للبحث العلمي حيث تحدد بعض الدول نسبة علي صادراتها وتوجهها لأغراض البحث العلمي، وفي الوقت الذي تصل فيه ميزانية البحث العلمي في إسرائيل إلي 5% تبلغ في مصر 1% فقط.
كما أن الحكم بالوراثة ونظام الترقيات أهم أسباب ضعف المراكز البحثية فرئاسة المراكز البحثية بطريقة الوراثة تهدد مصير الأبحاث والباحثين، ويفترض اختيار رؤساء المراكز البحثية علي أساس قدراتهم البحثية والاتصالات الخارجية، مع عمل اختبارات تحكمها لجنة علمية علي درجة من الكفاءة والأمانة - مع التركيز علي عامل الأمانة - حتي لا تتحكم القرابة والوساطة في نتائج الاختبارات، كما أن نظام الترقيات بالمراكز البحثية ومنها مركز الفلزات يجعل كل باحث أو عالم يهتم بشكل كبير بعمل أبحاث أكاديمية للترقية فقط وليس لاكتساب مهارات علمية .
> وما هي في وجهة نظرك الخطة الممكنة للنهوض بمراكز الأبحاث المصرية للوقوف أمام مراكز الأبحاث الأجنبية ؟
>>البحث العلمي شراكة عالمية، بمعني أن العالم كله يشترك فيها، ويجب ألا نطالب بإبعاد مراكز الأبحاث الأجنبية لأنها تمثل للعلماء المصريين ورشة عمل كبيرة، ولكن الاهم هو عدم تركها تعمل بمفردها داخل مصر في مجالات لا نهتم بها، فتكون النتيجة أنها تعمل " في واد ونحن في واد آخر " ثم نفاجأ بنتائج لا نعلم عنها شيئاً .
أما كيفية النهوض بمراكز البحوث العلمية المصرية، يجب أولا تحديد اختصاصات واهتمامات تلك المراكز، فهناك 104 مراكز بحثية علمية وجامعية متخصصة في 41 مجالا بحثيا متنوعا تعمل علي أرض مصر، 26 مركزا ومعهدا بحثيا في المجال الزراعي ثم المجال الطبي والعلوم الطبية برصيد 23 مركزا و14 مركزا في مجال المياه، و10 مراكز في مجال الطاقة، في حين احتلت مجالات أخري مهمة مرتبة متأخرة من بينها " التخطيط " حيث لا يوجد بمصر سوي معهد واحد فقط هو " المعهد القومي للتخطيط "، والمركز القومي لدراسات الأمن الصناعي في مجال بحوث القوي العاملة، وقطاع الأبحاث بالمجلس الأعلي للشباب في مجال الشباب والرياضة .
لاحظ أن غالبية الأبحاث ترتبط ارتباطا وثيقا بلقمة العيش والمياه والعلاج، ولا يوجد ما يسمي بأبحاث علوم " الاليوباثي " وهو ما يطلق عليه اليابانيون علوم المستقبل، كعلوم الفضاء والليزر البايوكميستري والرصد الكوني، وأنا كعالم مصري في الرصد الكوني الليزري، وخاص بمراقبة الأقمار الصناعية وتأمينها لم أجد لي مكان في مصر، وعندما بحثت عن مكانا لي تحت الشمس لم أجد لي مكانا سوي بمراكز الأبحاث العلمية العالمية الأوروبية والأمريكية، حتي اهتمت دولة عربية كالسعودية بهذا العلم منذ سنوات قليلة فقط .
>ولكن العلماء المصريين عندما يخرجون إلي مراكز الأبحاث العالمية لا نستفيد بهم بالقدر الذي يحفظ حقنا فيهم وكأنهم غربيون وليسوا مصريين ؟
>>تعامل الحكومة المصرية مع هذه العقول يأتي دائما بمنطق المشاركة الشرفية في الاحتفالات القومية وكانت النتيجة تدني مركز مصر بين الدول في مجال البحث العلمي حتي أصبحت الهوة واسعة بيننا وبين أشد منافسيها بالمنطقة وهو الكيان الصهيوني، إذ تراجع ترتيب مصر بين الدول في مجال البحث العلمي عام 2002م إلي المركز 135، بينما قفز ترتيب الصهاينة إلي الـ14، بل تقدمت علينا دولة عربية أخري وهي الإمارات التي احتلت المركز 65 بين دول العالم، أما عام 2000م فقد كانت مصر في المرتبة الـ 114 بينما كان ترتيب الإمارات الـ 70 في حين كان الكيان الصهيوني في المرتبة الـ 21، والسبب معروف هو أن مصر تخصص 1 % من ميزانيتها للبحث العلمي في حين يخصص الكيان الصهيوني 5% من ميزانيته للغرض نفسه، بالإضافة لميزانية وزارة الدفاع التي يخصص منها جزء للأبحاث العلمية العسكرية .
> هل يعود سبب زيادة كلفة البحث العلمي في الغرب عنه في بلادنا لوجود فروق واضحة بين البحث العلمي هنا وهناك ؟
>>ليس هذا هو السبب الوحيد فهناك أشياء كثيرة أولها ما يتعلق بالتقدير الذي يتلقاه العالم أو الطبيب العربي في أوروبا وأسلوب التعامل معه والحياة التي يعيشها وتوفير الإمكانيات التي تؤهله للإبداع العلمي، مقارنة بما هو موجود في العالم العربي فنحن للأسف الشديد في مصر والعالم العربي، نفتقر إلي مراكز الأبحاث وإلي التكنولوجيا المستقبلية، ولكنه في نفس الوقت نجد أن أي باحث أو عالم صغير في حال ذهابه إلي مستشفي عالمي فإنه يثبت جدارته أكثر من أطبائهم، أما عن الفروق بين الأبحاث العلمية فهي واضحة وشاسعة فكل الإحصائيات الحديثة تؤكد أن عدد كل مراكز الأبحاث العلمية العربية لم تتعد 600 مركز فقط وأغلبها مراكز جامعية، بينما وصل عدد مراكز الأبحاث في إنجلترا 1500 مركز وفي أمريكا ما يعادل 8 آلاف مركز، وعدد الباحثين العرب جميعًا 19 ألف عالم حقيقي بينما يصل عدد الإنجليز وحدهم إلي 31 ألف باحث والأمريكان 400 ألف باحث .
> هناك أزمة حقيقية يعيشها العالم العربي فما هي رؤيتك لحالة الغيبوبة التكنولوجية التي يعيشها؟ وما سببها؟
>> العرب قادرون علي إحداث نهضة علمية تكنولوجية إذا ما توفرت لدينا المقدرة، صحيح أن المنطقة العربية تعاني نزاعات في لبنان وفلسطين والسودان والعراق، ومشاكل داخلية أخري تستنزف كل قدراتها ومواردها، ولكن يتعين علي العرب إذا كانوا يريدون الارتقاء إلي مصاف الدول المتقدمة أن يحدثوا نهضة علمية حقيقية، فالدول النامية لديها علماء قادرون في الداخل والخارج ولكنها قدرة مستنزفة لا تصب في مصلحة الدول النامية ومنها البلاد العربية، وفي نهاية الأمر تنتظر هذه البلاد التي منحت الغرب عقولها منح الآخرين لحل مشاكلهم، أو يلومون أنفسهم بتكريس نظرية المؤامرة وهذا لن يحدث أي تطور منشود، كما يجب التخلي عن الشعارات الجوفاء التي نتمسك بها وعلي رأسها شعار الإحسان العلمي، فالعلم فريضة وطنية، فماذا سيفعل العلماء إذا واجهت بلادهم حروباً جينية، فالإسلام لا يقف ضد التقدم فلماذا لا يستفيد العرب من كل العلوم مادامت أنها للعلم فقط .
> هناك ما يقرب من 313 مركزًا علميا في مصر مُغرمة بإقامة مئات المؤتمرات العلمية، وتنفق عليها عشرات الملايين دون حدوث أي تقدم مُثمر، فما هي الروشتة العلاجية للبحث العلمي في مصر التي تقدمها ؟
>> هناك اجتماعات وتوصيات دون تنفيذها، بالإضافة إلي إعادة تشكيل إدارات المراكز البحثية علي كل المستويات بحيث تضم مجالس إدارات علمية مشكلة من علماء ذوي سيرٍ علمية، وأيضًا التحول من الفكر النظري إلي الفكر العملي والتنفيذي المحدد المعالم وتحديد الأدوار لكل مؤسسة علمية أو مركز بحثي، والاستفادة الكاملة من علماء مصر في الخارج علي أن تكون استفادة فعلية وليس مجرد إحضارهم في مؤتمرات علمية فقط ولكن بإشراكهم ولو في وضع استشاري محدد الدور في مجالس الإدارات العلمية في المراكز ذات الارتباط بطبيعة تخصصهم، مع التركيز علي التصدي للمشكلات التي يعانيها المجتمع والتي يجب أن تأخذ الأولوية بحيث تتصدي المجموعات البحثية لمشكلة واحدة تتفرغ كلها.
والأهم من ذلك هو خروج مؤسسات البحث العلمي من مواقعها المتجمدة إلي الصناعة والذهاب إلي مواقع الإنتاج والمشاركة الفعلية من رجال الأعمال والصناعة في دعم البحث العلمي، ومحاولة إيجاد هيئة عليا للبحث العلمي تقوم بدور وزارة للبحث العلمي، وتشكيل لجان جديدة من علماء في مجال كل جائزة ومجلة نشر وتجنب الاستعانة بالكوادر الإدارية العليا مهما كانت مواقعها الإدارية حتي لا يغلب عنصر المجاملة في تكريم العلماء، وفي النهاية يجب أن يسود مبدأ الاستثمار في البحث العلمي، بحيث يصب العلم في مصلحة العالم والمواطن
> هل تري أننا لم نصل بعد إلي ثقافة الاهتمام بمفهوم مراكز الأبحاث ؟
>>بالطبع … والدليل علي ذلك المعاهد البحثية ومراكز الدراسات، قبل أن تكون إنتاجاً ثقافياً ومعرفياً، هي منجز حضاري متميز، إذ إن المعاهد البحثية هي المرآة التي تعكس اهتمام الأمم والشعوب بالعلم والمعرفة واستشراف آفاق المستقبل وفق المنظور العلمي والمعرفي، كما تعكس توجه الأمم والشعوب في حفظ تراثها ومنجزاتها المعرفية والحضارية، كلها أمور نفتقد إليها، وعلي ضوء ذلك، نشعر بأهمية العمل علي تأسيس مراكز أبحاث ودراسات وطنية، تأخذ علي عاتقها تنفيذ المهام الوطنية الموكولة لها، وتطوير مستوي البحث العلمي في مجتمعنا حتي لا نصبح فريسة لمراكز الأبحاث الأجنبية
http://salahalarabi.maktoobblog.com/1007524

ليست هناك تعليقات: