29 أبريل 2009

هذا نتيجة مؤامرة (تجفيف المنابع)ضد الإسلام:«عالم الإيموز»

«المصرى اليوم» تقضى يوماً كاملاً فى «عالم الإيموز» بالإسكندرية
ليس لنا علاقة بالدين
تحقيق وتصوير أسماء محمد السيد ٢٩/ ٤/ ٢٠٠٩

إليكس وسط جماعته وبجواره شاب يطلقون عليه «إبليس»

شغلوا اهتمام الرأى العام برسوماتهم، وبمجرد الإعلان عنهم اختلفت الآراء حولهم وتعددت الاتهامات.. البعض قال إنهم مجرد «شوية عيال» فارغى العقول، والبعض الآخر اعتبرهم امتدادًا لعبدة الشيطان، وبين هذا وذاك فريق كبير لم يعرف حقيقتهم.. من هم؟.. وكيف يفكرون؟.. وماذا يفعلون فى لقاءاتهم؟

عن شباب «الإيموز» نتحدث. وفى محاولة لعرض أفكارهم انتقلت «المصرى اليوم» إلى الإسكندرية لتحضر أول لقاء يجمع الإيموز من مختلف المحافظات فى أحد فنادق «الثغر».

الدخول إلى دهاليز عالمهم والاختلاط بهم يكشفان مفاجآت عديدة عن هؤلاء الشباب، لكن المفاجأة الأولى أن «الإيموز» هم مجرد مجموعة ضمن مجموعات أخرى انتشرت بين عالم المراهقين، حيث أطلقت كل مجموعة منهم على نفسها اسمًا معينًا لإحدى الفرق الغربية التى يفضلونها من حيث الأفكار ونوع الموسيقى (سماع ورقص وغناء) وشكل الملابس والوشم والماكياج الذى يميزها عن غيرها من الفرق الأخرى،

وتتنوع الفرق بين الإيموز «emo» والميتال «metal»، والراب «rap» والبانك «bunk»، والسكات «skaet»، والبى بوى «b boy»، والبريك دانس «break dance»، والهيب هوب «Hip Hop»، والهاكر «hacker» ومن بين كل هذه الفرق تأتى مجموعات الإيموز والميتال والراب فى الصدارة بين المراهقين.

وتنتشر تلك المجموعات فى أغلب المحافظات، وتأتى القاهرة على رأس القائمة.

فى أحد فنادق الاسكندرية، كان مكان أول لقاء لـ«الإيموز»، وحضره أعضاء من مختلف المحافظات، وأعقبت الاجتماع حفلة تمت دعوة جميع الفرق الأخرى المشابهة إليها.

أول ما لفت انتباهى عقب وصولى هيئة «جوجو» ١٦ سنة، طالبة فى ثالثة ثانوى، و«جيسى» ١٧ سنة، طالبة بكليه الآداب، وهما من أقدم العضوات فى مجموعة «الإيموز». كانتا ترتديان جواكت منقوشًا عليها رسوم صغيرة على هيئة skulls (جماجم)، وظهر على وجهيهما وأيديهما وشم على هيئة عظام وجماجم وقلوب مكسوره،

وانسدل شعرهما بكثافة على وجهيهما بشكل تكاد عيونهم تختفى معه، كما حملتا حقائب سوداء كبيرة الحجم مرسومًا على إحداها «دراكولا» محاطًا بالدماء، وعلى أخرى جماجم وعظام غارقة بالدماء، وتتدلى من أعناقهما سلاسل بها جمجمة معدنية، وكانت الجمجمة والقلوب المكسورة هى العامل المشترك فى كل قطعة من ملابسهما.

عن معنى «الإيموز».. ومتى ظهر، أجابت جوجو: الناس كلها «إيموز»، لكن البعض يخجل من الكشف عن هذا، والبعض الآخر لا يعترف أمام الناس بذلك.

وأضافت: «إيموز» جاءت من كلمة «إيموشنال» (أى إحساس)، وكل الناس فى الدنيا عندها إحساس، لكنه يزداد فى فريقنا. و«الإيموز» ظهر فى بداية الثمانينات فى الدول الأوروبية.

وحول السمات المشتركة الخاصة بجروب «الإيموز»، أوضحت جيسى: كلنا نحب سماع موسيقى واحدة عبارة عن خليط من موسيقى الروك «rock» وموسيقى السلو «slow» اسمها موسيقى الإيموز. ونحن مشتركون فى العاطفة ودائما بعيدون عن الناس، ونشعر أننا «مجروحون» و«قلوبنا مكسورة».

وأرجعت جيسى سبب انضمام هؤلاء الشباب إلى «الإيموز» إلى شعورهم بأنهم دائما منبوذون ومنتقدون من الناس، وأحيانا كثيرة يشعرون بأنهم لا يجدون من يفهمهم.

وأضافت جوجو: عادة الذى ينضم لـ«الإيموز» يكون مرَّ بتجربة قاسية فى حياته جعلته مجروحًا.

وتشير إلى أنهم يتعارفون عن طريق الـ«فيس بوك»، وأحيانا بالصدفة، موضحة: «لنا شكل معين نتعرف به على بعضنا البعض سواء فى المدرسة أوفى الشارع».

وتؤكد أنه لا توجد شروط معينة للانضمام لـ«الإيموز»، مستطردة: لكن الفريق غالبا يكون من سن ١٣ إلى ٢٠ سنة.

وعن شكل ملابسهم، توضح جيسى: دائما نلبس «بنطلونات» سوداء ضيقة، والـ«تى شيرت» حسب «المود» (الحالة المزاجية)، ولابد أن تكون ملابسنا عليها جماجم (skulls) ورسوم متداخلة بشكل عشوائى لتدل على ما بداخلنا.. وتوجد محال خاصة بملابس الإيموز والميتال والبانك والسكات فى القاهرة والإسكندرية.

وتلتقط جوجو طرف الحديث لترجع سبب اختيار ملابس بهذا الشكل إلى محاولتهم «لفت نظر الناس إلينا كى تهتم بنا».

* وما تعليق الأسرة على شكل ملابسكم وعلى فكرة انضمامكم للإيموز؟

- جيسى: والدتى لا ترى أن لبسى فيه «حاجة غلط»، وهى لم تسألنى عن أفكار «الإيموز».

- جوجو: ماما تعرف بفريقنا وتعجبها أفكارنا، كما أن «استايل» ملابسى يعجبها جدا، لكن خالتى غير معجبة بنا.

وأضافت: «ذات مرة كنت راكبة الباص، وكان يجلس بجانبى ضابط شرطة سابق برتبة كبيرة جدا وقالى ستايلك حلو أوى».

* عندما تلتقون ما الذى تقومون به، وهل يكون لتلك اللقاءات أوقات محددة أو نظام معين وهل لكم قائد للجروب؟

- جيسى: نحن مع بعض دائما على الـ«فيس بوك»، وليس لنا قائد معين لأنه ممكن أى واحد يعمل لنا دعوة فنتجمع كلنا سويا، وهذا يحصل كثيرا فى القاهرة، لكن فى الإسكندرية هذه أول مرة نحاول أن نجتمع فيها.

* ما هى فكرتكم عن الدين؟

- ليس لنا علاقة بالدين، وبيننا مسلمون ومسيحيون، لكن ما يجمعنا أكثر هو العاطفة.

تركنا«جيسى» و«جوجو» والتقينا بمجموعة أخرى من أعضاء الإيموز:

(نو) هو اسمها الحركى فى الإيموز، عمرها ١٧ سنة، ترتدى ملابس مشابهة لملابس الفريق، وتبدو مرحة وتقول: «الإيموز بالنسبة لى ستايل مش أكتر».

أما كريم فهو من أكثر الحالات التى تثير الانتباه، عمره ١٥سنة، طالب فى السنة الأولى بمدرسة ثانوية صناعية، لاحظت أن لهجته ريفية وهيئته تدل على أن ظروفه الاجتماعية متواضعة جدا، ورغم ذلك لم تخل ملابسه من رسمة الجمجمة الخاصة بجروب الإيموز، سألته عن نفسه، فقال: أنا من قرية ميت برة بمحافظة المنوفية، حضرت من بلدى، وتركت شغلى اليوم لحضور اجتماع الإيموز.

وعن الذى جذبه للمجموعة ومتى انضم إليها،أوضح: انضممت منذ ٣شهور، والذى جذبنى أن أحسن صفة فى الإيموز الانطواء والعزلة، والذى جعلنى أحب الفريق أكثر أننى «انجرحت كتير، ومررت بظروف قاسية وكل أصحابى من الإيموز مجروحين مثلى».

وبسؤاله عن المشاكل التى واجهته فى حياته، كان رده: مشاكلى مع والدى بدأت وعمرى ١٠ سنوات.. كان يقول لى «ياتشتغل وتصرف على نفسك وإلا مش هديلك فلوس»،فاضطررت إلى العمل مع جدى.

ويضيف: وحاليا ليس لى اختلاط مع إخوتى وأبى وأمى، وبقيت منعزلا على نفسى، و«ده اللى خلانى أبعد عنهم وانضم للإيموز لأنى حاسس إنهم الأفضل بالنسبة لى»، مشيرا إلى أنه يرتبط بجماعة من الإيموز فى بنها، ويسافر إليهم كل أسبوع.

وعن كيفية معرفته بالجروب، قال: عن طريق النت.. كنت أتكلم مع واحدة على «الشات» اسمها جهاد، فعرّفتنى على كل الأمور الخاصة بالإيموز، وهى التى أخبرتنى بموعد اجتماع اليوم.

وأثناء حديثنا رنّ هاتف «جيسى» بنغمة غربية، سألتها عنها، فذكرت أنها نغمة خاصة بالإيموز.

ولما شاهدت جيسى الرقم، قالت بسعادة لجوجو «إبليس وصل» ولم أعرف مبررا للسعادة التى ظهرت على وجوههم لوصول إبليس هذا.

ثم وجدت شخصًا يدخل علينا ذو وجه طفولى، ويرتدى ثيابا فضفاضة بشكل محير، حليق الرأس، عرفونى عليه بأنه إبليس، وأنه ليس من الإيموز وإنما هو Rapper تابع لمجموعة الـ Rap.

وهنا إبليس يتحدث: عمرى ١٧ سنة، طالب بالمعهد العالى للحاسب الآلى.. أنا كنت زمان هاكر (hacker) قبل ما أكون rapper.

سألته عن معناها: ومَنْ هم «الهاكر»؟ فأجاب:الهاكر معناها اختراق، بمعنى أن عضو الهاكر يستطيع اختراق أى كمبيوتر أو أى موقع أو إيميل ويحصل منه على البيانات والمعلومات التى يريد معرفتها.

وأضاف: أنا تركت الهاكر من ٥ سنوات، وبداية دخولى كان «لعب عيال عشان أحمى إيميلاتى والكمبيوتر الخاص بى أنا وأصحابى، لكنى خرجت بسبب المشاكل اللى حصلت بخصوص الهاكر، وتخوفت أن يعملوا لى مشاكل».

وتابع: دخلت بعد ذلك جروب الراب rap وأصبحت رابر (rapper)، والراب نوع من الأغانى والموسيقى، وأنا وأصحابى عملنا (pand) فرقة منذ ٣ سنوات نغنى فيها الراب، وسميناها كتيبة الإسكندرية.

وعن السر وراء هيئته المختلفة وتسميته بـ «إبليس»، أوضح: «أنا وأصحابى فى الجروب اختارنا ستايل معين من اللبس حتى يكون الجروب بتاعنا مميز عن غيرنا من الفرق الأخرى.. أما اسمى فأصحابى هم الذين أطلقوه علىّ، لأنى كنت متميزا حينما كنت فى جروب الهاكر».

أثناء ذلك دخلت علينا «نونا» أخت «جوجو» عمرها لا يتعدى الـ ١٣ عاما، وأذهلنى مظهرها، فكانت أكثر غرابة منهم جميعا رغم صغر سنها، حيث ارتدت بنطلون جينز أسود عليه رسومات كثيرة متداخلة من جماجم وعظام وغيرها، وتى شيرت لم تخل أى مساحة فيه من تلك الرسومات، وتتدلى من عنقها سلسلة بها جمجمة معدن كبيرة. و«نونا» تنتمى لجروب الميتال (metal)ومظهرها هذا هو المظهر المميز لهم، وأوضحت أن الميتال أشد اكتئابًا من الإيموز، وأنهم لا يحبون الحياة.

وأثناء حديثنا دخل «أليكس» ١٦ سنة، وقال إنه من جروب مختلف تماما وهو جروب البى بوى «b boy»، والبريك دانس «break dance»، وأشار إلى أن بداية هذه الفرق كانت بين المافيا، وأنهم كانوا يتحدون بعضهم بالرقص فى منافسة الفوز فيها للأفضل فى الحركات، وتطور الأمر إلى أن أصبحت أصعب لعبة فى العالم.

وأضاف أنه أتى هو وجروب البى بوى والبريك دانس ليحضروا حفل الإيموز.

كان الملاحظ بين كل هذه النماذج هو الإحساس بالاضطهاد والخوف الشديد من الظهور فى الإعلام، والخوف من مهاجمة الشرطة لهم.

وعلق مسؤول أمنى بالإسكندرية على هذه المجموعات بالتأكيد أنه لا ضرر أو فائدة منهم، وأنهم ليس لهم احتكاك بالناس ولا يحاولون إيذاء الآخرين، بل منغلقون على أنفسهم.

وأوضح أنهم من طبقة اجتماعية بسيطة، ولا يحاولون الاندماج بالطبقات العليا، ويحاولون لفت النظر إليهم وهذا يظهر من ملابسهم وكلامهم وتصرفاتهم.

وقال المسؤول: وبما أننا فى بلد ديمقراطى فلا نستطيع منعهم من ارتداء أى ملابس أيًا كانت غرابتها، أو تقليد سلوكيات غير مألوفة بمجتمعنا، فالمسألة بالنسبة لهم تدخل فى نطاق الحرية الشخصية، لكن وجودهم فى حد ذاته ظاهرة غريبة وشاذة فى المجتمع.

ليست هناك تعليقات: